قصة قصيرة بعنوان (هي..وهُم)

> نادرة عبدالقدوس

>
نادرة عبدالقدوس
نادرة عبدالقدوس
الإهداء: إلى الصديقة العزيزة هدى العطاس.....جتاز درجات السلم مهرولاً وكأنما هناك من يسابقه .. فتح الباب.. دلف إلى المكتب وهو يلهث ويتصبب عرقاً.. التفت إليه زملاؤه مندهشين ومتسائلين عما أصابه؟ وبعد دقائق قليلة كان قد التقط فيها أنفاسه اللاهثة ومسح عرقه المتصبب من جبينه، قال كمن نجح في أداء مهمة كلف بها: لقد رأيتها.. رأيتها مساء أمس في الشارع الطويل في كريتر! همهم الآخرون بتساؤل عمن يتحدث صاحبهم؟

أطلق زفرة طويلة.. وبصوت مجلجل أضاف: « هي.. رأيتها مع شاب أصغر منها بسنوات.. كانت تسير معه وتحادثه بصوت هامس، وتلاطفه بود أمام الملأ.. كانا متشابكي الأيدي و...» قاطعة أحدهم: «عمن تتحدث؟» فرد عليه مقطباً جبينه وبغضب ظاهر على محياه : «زميلتكم الضاربون بها المثل في الأخلاق والشرف والعفة .. لكنها ظهرت أخيراً بوجهها الحقيقي». سأله آخر: «هل تقصد..» وقبل أن ينهي سؤاله هز له رأسه بالإيجاب وابتسامة خبيثة على شفتيه الغليظتين السوداوين.

وفجأة ساد المكان صمت رهيب.. دخلت زميلتهم المكتب.. ألقت بصوت خافت تحية الصباح، ولكنها لم تسمع الرد .. دهشت.. وبدون اكتراث جلست خلف طاولتها.. وضعت حقيبة يدها جانباً.. نادت الفراش طالبة فنجاي شاي.. نظرت إلى أحدهم فوجدته يرمقها بنظرات غريبة.. وآخر يرشقها بنظرات مريبة عجزت عن فهمها!!

سألت نفسها عن سبب ما تراه اليوم من زملائها، ولم يكن من عادتهم أن ينظروا إليها هكذا فلم تجد جواباً.. مر الوقت بطيئاً دون أن يحادث أحدهم الآخر. انهمكت هي في عملها.. بينما أخذ كل منهم، بين الفينة والأخرى، يراقبها.. حركاتها.. سكناتها.

رفعت سماعة الهاتف .. ضغطت على الأزرار.. تحدثت بصوت خفيض كعادتها في الحديث.. حاولوا أن يسترقوا السمع لكنهم لم يفلحوا.. امتعضوا.. بدت ملامح الخيبة على وجوههم.. أعادت السماعة إلى مكانها.. مر الوقت ثانية بطيئاً.. الصمت يكتنف المكان..

سُمع طرق على الباب.. دلف إلى المكتب شاب طويل القامة، نحيف، أنيق وزغب خفيف أعلى شفته العليا.. لكز زميلهم إياه كتف زميل يجلس بالقرب منه وبإيماءة من رأسه فهم الآخرون أنه الشاب الذي رآه معها البارحة.. تغامزوا فيما بينهم وابتسامات ساخرة على شفاههم.. دنا الشاب من زميلتهم.. «لقد تأخرنا على موعد الطبيب يا أمي».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى