قصة قصيرة بعنوان (الحصان اليتيم)

> صالح علي بامقيشم / ثانوية نصاب - شبوة

> جثا الكهل على ركبته اليمنى، وعيناه تبرقان بريقاً غريباً نحو القبر الوحيد في باحة المنزل .. كما كان يفعل منذ عشرين عاما.. كان الوقت خريفاً.. والرياح لها صفير مخيف.. ترتجف يده وهو يخطط بعصاه خطوطاً واشكالا غير مفهومة.. منذ عشرين عاماً مضت كان هناك عند باب منزله.. يوماً لن ينساه في حياته .. كان رأس صديقه «خلدون» ينزف بدماء غزيرة.. ومع ذلك فقد بقي مرفوعاً بشموخ وعظمة.. إلا أن ذاك لم يستمر فسرعان ما خرّ إلى الاسفل وجسمه ينتفض.. ينتفض والدماء تسيل من أنفه وأسنانه .. لسانه يتدلى وجسمه يرتجف بعنف .. يزداد، ثم يسكن! .. كان سائق الشاحنة البيضاء التي سحقت عظام خلدون قد ولى هارباً.

ومنذ ذلك اليوم لم ير أهل القرية شاحنة بيضاء قديمة تنقل محصول حقولهم.. ابتسم الكهل بسخرية.. كانا كل يوم يخرجان معاً إلا ذلك اليوم الرهيب .. يا لسخرية القدر!

قال له بعض اهل القرية هون عليك يا رجل، ستجد أفضل من خلدون، ولم يصدق! رفع بصره ونظر إلى الافق، صفير الرياح يذكره بهجرة الطيور ورحيل المواسم وانفضاض السّمار.

زم الكهل شفتيه بألم، وأخذ نفساً عميقاً ملأ به رئتيه قبل أن يزفر بحرقة زفرة كأنها تخترق حجابة الحاجز، ثم قفل عائداً إلى داخل منزله أو لنقل صومعته وترك صديقه ليرتاح في قبره.. ترك خلدون «حصانه اليتيم»


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى