دقائق ما بين الشوطين

> محمد علي محسن

> أذكر أنني وزملاء من الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة الجامعية في جمهورية أوكرانيا قدر لنا مشاهدة مباراة اعتزال الجناح الطائر في المنتخب السوفياتي ونادي دينمو كييف اللاعب الكسندر بلوخين صاحب الفانلة رقم 11، والتي جرت وقائعها على ملعب مدينة كييف ذو ألـ 100 ألف متفرج وشارك فيها كوكبة من ألمع نجوم الكرة في أوربا والعالم، الذين جاءوا لوداع النجم العالمي بلوخين عام 89م، كذلك لاننسى المرة الأولى التي ذهبنا فيها لمؤازرة منتخب المغرب في مباراة ودية أمام فريق تشورني مورتستا(البحر الأسود)، صاحب السيطرة والسيادة المطلقة في مدينة أوديسا السياحية الجميلة عام 88م، وإذا بنا نقع في شراك كذبة بيضاء حملها ملصق إعلاني ،إذ لم يكن طرف المواجهة منتخب المغرب الذي عرفناه في كأس العالم عام 1986في المكسيك، بل فريقا يمثل اتحاد العمال أو هكذا كان اسمه ، ومع ذلك كان جديراً بالتشجيع والمؤازرة ، إذ لم يلج مرماه سوى 3 أهداف مقابل هدف سجل في مرمى الفريق المضيف.

آسف لهذه المقدمة الخارجة عن إطار الفكرة بيت القصيد ، فلقد وجدت نفسي مضطراً للأخذ بها على اعتبار أن الحدثين الرياضيين على أهميتهما كانا سببا مباشراً للإعجاب بفكرة لعب الأطفال ما بين شوطي المباراة ، فرغم مضي سنوات على مشاهدتي عن كثب للمباراتين ونسيان كثير من الأسماء والتواريخ والأحداث إلا أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن طمسه من الذاكرة تلك الفكرة الحسنة والبديعة المتمثلة بنزول فريقين من الأطفال الصغار لأرض الملعب خلال استراحة ما بين الشوطين ، فبدلا من الملل الذي عادة يذهب في انتظار انقضاء عقارب الربع الساعة الفاصلة عن استئناف الشوط الثاني وجدنا أنفسنا كجماهير في المدرجات غير مكترثين بالوقت ومستمتعين في مشاهدة الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم مرحلة الصفوف الأولى الابتدائية، وفي أجواء مرحة وبهيجة انقسم الجمهور على نفسه ما بين مناصرللون الأزرق أوالأحمر، هذا المهاجم أو ذاك المدافع أو الحارس ووسط دقائق من الإثارة والمتعة واللمحات الكروية الجميلة نسى الكبار في المدرجات خلافاتهم وغضبهم وربما فرقهم، وراحوا يشجعون ويهتفون لأولئك الفتية.

فكرة ممتازة وجميلة في نقل هذا التقليد المتقدم لملاعب بلادنا، خاصة في ظل طغيان لعبة واحدة (كرة القدم)على ما عداها من الألعاب فإن إرساء هذا التقليد في الملاعب الرياضية ليس صعباً أو مستحيلا، إذا ما نظرنا للإمكانيات المتاحة والمتوافرة لدى الأندية أوالمدارس الابتدائية ، والتي بإمكانها الدفع بمواهبها الصغار إلى هذه الملاعب كلما سنحت لهم الفرصة للعب خلال الشوطين، وبالفانلة الرسمية وأمام الجمهورالغفير.

فالمشكلة المؤرقة لنا في هذا البلد ،هي أننا لم نكتشف المواهب سوى بعد حين ،وعن طريق الصدفة ، وهنالك المئات والآلاف من المواهب لم تتح الفرصة أمامها للانضمام للأندية فطالما اللاعب اليمني موهوب بالفطرة، فدعونا نكتشفها على أقل تقدير في سن مبكر من خلال الدقائق المتاحة بين الشوطين، فلربما أظهرت المدارس والأندية والجمعيات ملكات إبداعية نادرة ،ولربما صنعت هذه الدقائق لاعباً في المنتخبات متمرسا على الأضواء والجماهير أفضل بكثير مما هو متاح للاعبين يخشون الوقوف أمام العدسات والجماهير لانعدام التهيئة والإعداد المبكر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى