في فعاليات جامعة عدن..«الزعيم» و «شيخ الأحرار» عبدالله علي الحكيمي

> «الأيام» محمد عبدالله سالم :

> تطالعنا صحيفة «الأيام» الغراء بين الحين والآخر بأخبار أو تحقيقات عن العديد من الفعاليات التي تقيمها جامعة عدن العتيدة، أو تقام فيها، سيكون من ضمنها تلك الندوة الخاصة عن الشيخ المناضل الزعيم الشهيد عبدالله علي الحكيمي، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في عدد سابق من أيامنا الغراء.

عن سيرة هذا الشيخ الجليل يسرني أن اقتبس بعض غيض من فيض حياته الوطنية، لهذا اخترت صفحات العزيزة «الأيام» ذات الانتشار الواسع في الداخل والخارج والتي تعتبر بحق منبرا من لا منبر له، فصحيفة «الأيام» تتمتع بمصداقية تضعها في مقدمة الصحف الرائدة والقريبة إلى قلوب كل الناس. وإني أرجو أن تتسع صفحات هذه الجريدة للإدلاء بدلونا في (التعريف) بهذه الشخصية التي ستظل محور نقاش المثقفين والمبدعين على الصعيدين اليمني والاجنبي.

وبالعودة إلى عنوان مشاركتنا هذه الذي بدأنا به هذا المقال «الزعيم» و«شيخ الأحرار» - بلا شك - سوف يطرح أمامنا السؤال التالي: من هو الشيخ الحكيمي؟ هذا ما نود إيضاحه لأعزائنا القراء، لاسيما جيل الشباب. كما أسلفنا فإن ما سنكتبه هنا عن حياة الشيخ الحكيمي داخل الوطن وخارجه ما هو إلا غيض من فيض حياته الحافلة بالعطاء وما سيناقشه نجوم الاحتفال الخاص بهذه الشخصية الوطنية البارزة.

لقد أطلق الأحرار اليمنيون صفة الزعامة على الشيخ الداعية الحكيمي حينما أسندوا إليه رئاسة (الاتحاد اليمني) الذي تأسس عام 1952 بمبادرة من الشيخ الحكيمي نفسه، بعد خروجه من السجن وتبرئته من التهم المنسوبة اليه في 17 يوليو 1953، وقد ظلت رئاسة الاتحاد معقودة للشيخ عبدالله علي الحكيمي حتى وفاته - رحمة الله - في الرابع من أغسطس 1954 الموافق للخامس من ذي الحجة 1373، وما اختيار الأحرار اليمنيين للشيخ الحكيمي رئيساً لاتحادهم وتسميته زعيماً لهم إلا عرفاناً بما قدمه لحركتهم من خلال صحيفته «السلام» التي أصدرها في 6 ديسمبر 1948 والتي أعادت الأمل لحركتهم والثقة بعد يأس كاد يحيط بهم من كل جانب، خاصة حينما أطاح سيف الجلاد بكثير من الرؤوس المشاركة في إشعال فتيل الثورة ضد الحكم الإمامي المتخلف. وكان لـ «السلام» دورها المؤثر في إعادة ذلك الأمل وبث روح الاستمرارية في نفوس أبناء اليمن. ولقد عبر عن ذلك الدكتور عبدالعزيز المقالح بقوله عن الصحيفة إنها «صوت الحكيمي الهادر الآتي من شمال الكرة الارضية» (مقدمة كتاب «دعوة الاحرار»، الطبعة الاولى للشيخ الحكيمي). وأن الحكيمي «استطاع أن يكون صوت اليمن في المهجر وصوت المهجر في الوطن» (نفس الربع).

وفي اليوبيل الذهبي لإصدار صحيفة «السلام» ألقى الأديب اليمني الكبير الاستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح كلمة فيها وعبرها اطلق صفة «شيخ الأحرار» على الشيخ الداعية عبدالله علي الحكيمي.

الشيخ الحكيمي في سطور
جاء في مقدمة كتاب (دعوة الاحرار) للشيخ الحكيمي والطبعة الأولى ما يلي:

«الشيخ عبدالله علي الحكيمي مصلح ديني وزعيم وطني، كرس معظم حياته لخدمة الإسلام والمسلمين ولخدمة وطنه. ولد الشيخ الحكيمي عام 1900 في بلدة الاحكوم، أشاعر، قضاء الحجرية محافظة تعز في اسرة عرفت بالصلاح والاستقامة، وكان منشؤه منذ البداية منشأ غرس فيه حب الاستقامة والأخلاق الفاضلة، وهي البذرة الاولى التي تحدد مسالك الإنسان وملامح حياته. وقد انتقل إلى جنوب الوطن وعاش في مدينة الشيخ عثمان حيث تلقى العلم على عدة مشايخ وأساتذة في العلوم الدينية واللغة العربية والتاريخ، وقد ورد أسماء بعض هؤلاء المشايخ والأساتذة في كتاب (الموفق: في طليعة صحيفة «السلام») وهم الشيخ العلامة أبو محمد سالم البيحاني والشيخ العلامة السيد قاسم بن صالح السروري إمام وخطيب مسجد العيدروس في الشيخ عثمان والقاضي عبدالكريم الهندي القدسي اليمني، وفي مدينة التواهي الشيخ محمد بن علي طه الهتاري». من ذلك ندرك بأن الشيخ عبدالله علي الحكيمي كان طموحاً لطلب العلم والمعرفة. غير أنه كان قد بدأ حياته جنوباً في (الجيش العربي) بعدن- آنذاك ولمدة خمسة أعوام، ثم ترك هذه الخدمة وقرر الهجرة طلباً للعلم والمعرفة. وقد أتاح له عمله في إحدى البواخر الفرنسية التجوال في عدة دول من دول العالم، وهذه الرحلات فتحت أمام ذهنه المتفتح آفاقاً واسعة للتفكير والتأمل ومقارنة ما يراه وما يسمعه بحالة الوطن المتردي في غياهب التخلف. ولقد حط رحاله ليتلقى العلم في الجزائر على يد الشيخ أحمد بن مصطفى العلوي ولذي كلفه عندما أتم دراسته بالقيام بالدعوة في دول أوروبا.

تركت هذه الرحلات ومجالس العلم على روح الحكيمي آثارها بصقل شخصيته الوطنية والدينية ثم فيما كان يكتبه مقارناً ما بين واقع حال وطنه المتخلف وواقع العالم المتحضر والمتطور في شتى مناحي الحياة العلمية والصناعية والزراعية العمرانية.

لقد كانت هذه التأملات- فعلاً- بداية التحول في مجرى حياة الشيخ الحكيمي الذي أصبح رمزاً وداعياً دينياً ووطنياً بارزاً.. ففي كتاباته ومقالاته ورسائله كان يتحدث عن الدستور وعن أساليب الحكم الإقطاعي للإمامة وعن الوحدة اليمنية ويدعو إلى تطبيق مبادئ الحرية والمساواة والمواطنة ومحاربة عوامل التمزق وأسباب الفرقة.

وإذا كان لا بد من التدليل فيكفينا ما ذكره الدكتور عبد الكريم الارياني بقوله في كتاب (الحكيمي ثائراً ومفكراً.. دائرة التوجيه المعنوي): «لقد اختزل الحكيمي في شخصه حركة شعب وحلم أمة وكان استشهاده في سبيل قضية الوطن خاتمة حياته العطرة والنيرة». وكذلك عبر الاستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح عن إيمان الشيخ الحكيمي بقضيته الوطنية بقوله في الكتاب آنف الذكر: «إن إيمان ذلك الشيخ الجليل بالقضية الوطنية وإحساسه العميق بما كان يعاني منه المواطنون خلال فترة نضاله، وقد اطلق إرادته واطلق لسانه ولسان قلمه ومنحه القوة والاحتمال ما جعله قادراً بهما على أن يقاوم اعتى الانظمة وأسوأها تعاملاً مع رعاياه المخلصين، فضلاً عن معارضيه وأعدائه المعلنين والمحتملين». رحم الله جدنا الشيخ عبدالله علي الحكيمي وأسكنه فسيح جناته مع الانبياء والصديقين والصالحين والشهداء.

تنوية: ننوه بأن الشيخ عبدالله علي الحكيمي كان قد أصدر ثلاثة كتب هي: (دين الله واحد) و(الأسئلة والاجوبة بين المسيحية والإسلام) و(دعوة الأحرار).

المحاضر في المعهد العالي للمعلمين/ عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى