إذا لم تستح..فقل ما شئت

> أحمد عمر بن فريد:

>
الصحفيون لدى اعتصامهم امس امام دار «النهار» في بيروت احتجاجا اغتيال جبران تويني
الصحفيون لدى اعتصامهم امس امام دار «النهار» في بيروت احتجاجا اغتيال جبران تويني
بالقدر الذي كان فيه النائب الحر (الشهيد) جبران تويني شجاعاً ومؤمناً ومعتزاً ومقاتلاً من أجل آرائه ومبادئه وأفكاره، كان خصومه على الجانب الآخر جبناء ووضعاء وقتلة محترفين، نشهد، ونبصم لهم بالعشر، أنهم- كانوا ولازالوا- بارعين في الإجرام والقتل، وفي نصب كمائن الموت بدقة شديدة ووحشية متناهية. وبقدر ما كان (تويني) جميلاً في كل شيء، كانت عملية اغتياله (من قبل هؤلاء) بشعة وقبيحة في كل شيء.

وربما أن القبح قد وصل ذروته حينما ذهب من مسار القتلة المتربصين في ثنايا الظلام الدامس إلى أروقة الدبلوماسية الناعمة، فاكتست جدرانها اللامعة بدماء الأحرار من خيرة شباب هذه الأمة، وذلك من خلال تصريحات رسمية أطلقت العنان لشططها وجنونها، من قبل هذا المسؤول أو ذاك الذي لم يهزه شيء مما حدث ويحدث، ولم يكلف خاطره حتى بتحريك ربطة عنقه الحريرية، حينما علم أن جثة مثقف وسياسي عربي نظيف كجبران، قد انتثرت في الوادي السحيق بالمكلس .. فجاءت تصريحاته مع كل هذا الألم والفجيعة، لتتضمن من الأقاويل ما لا يمكن تصديقه ولا حتى تخيله في الأحلام، ليس من حيث غرابته، وهبوط مستواه من الناحية الأخلاقية، وإنما لكونه صادراً من قبل مسئولين كبار كان من المفترض أن تتسم تصريحاتهم بحد أدنى من الاحترام والتقدير واللباقة والحكمة السياسية المطلوبة في مثل هذه الأحداث والظروف.

إذ هي (تسع ساعات) فقط، كانت كافية بحسب رأي وزير الإعلام السوري مهدي دخل الله، لرصد تحركات النائب (الشهيد) جبران تويني، من ساعة وصوله مطار بيروت مساء وحتى قذفه وسيارته معاً (بسيارة مفخخة) أخرى إلى وادي الموت في منطقة المكلس عند التاسعة من صباح اليوم التالي، من قبل من قال الوزير ببرودة شديدة تضاهي برودة طقس دمشق الشتوي، إنهم ربما كانوا جماعة لم يُسدد لهم تويني (دينهم) المالي المستحق عليه ..!! متجاهلاً أن الشهيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة إعلامية رائدة وعملاقة هي صحيفة (النهار)، حتى وإن كان بما طرح، قد أثار سؤالاً كبيراً يقول : ... ترى هل وصل حال مسؤولينا العرب إلى هذا الحد من الاستهتار بقيمة الإنسان وكرامته؟ وماذا الذي يمكن أن يقال لهم كرد على مثل هذه التصريحات الغريبة والعجيبة ؟

ولأن مثل هذا القول ينافي المنطق والحصافة، ويزدري العقل البشري من أول قراءة له، فلا بأس أن أغوص فيه قليلاً، ليس حباً في فضح بلاهته وشططه، وإنما حباً وتقديراً وإجلالاً للبطل الشهيد (جبران تويني)، ولا بأس أن نهبط قليلاً أو كثيراً إلى مستوى عقيم من الحوار مع مكونات مثل هذا القول المستهتر بكل شيء ..لنسأل الوزير، إن كان أيضاً للكاتب الحر (سمير قصير) دين مالي لدى من قتله صباحاً فور صعوده إلى عربته ؟؟.. أم أن المذيعة (مي شدياق) هي الأخرى مطالبة من (العصابة) ذاتها بمستحقات مالية أخرى لم تستطع سدادها ؟!! بل- ربما- أن الشهيد الحريري أيضاً لم يستطع سداد ديونه أيضاً وفقاً لهذا المنطق، برغم ملايينه الكثيرة، فكان مقتله (كبيراً) بحجم (ديونه) الكبيرة لدى الغير ..!!

نعم ..إنها (ديون) كبيرة، تم سدادها من قبل (الحريري، وتويني، وقصير) وغيرهم، ولكنها ديون من نوع خاص استحقت دماءهم وأشلاءهم البشرية (الآدمية) التي أنكر (آدميتها) مؤخراً السفير السوري الدائم في الأمم المتحدة فيصل المقداد، حينما قال مستخدماً اللغة ذاتها (الحصيفة-الرصينة) : ليس كلما مات (كلب) في لبنان، نعمل له لجنة تحقيق !!.. حقاً إذا لم تستح فقل ما شئت.. رغم نفي سعادة السفير القول متأخراً لقناة «الجزيرة» أمس الأول الأحد !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى