علاقة التضخم بزيادة الأجور وخط الفقر

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
يعرف التخضم بأنه عملية ارتفاع مستمر للأسعار وعلى مدى فترة زمنية طويلة كا يعرف أيضاً بأنه عملية انخفاض مستمر في القيمة للنقود ويرى البعض أن الأرتفاع في الأسعار ينتج عن الأرتفاع في أسعار السلع المستوردة ويسبق الزيادات في كمية النقود، كما يربط البعض الأخر التضخم بعوامل أخرى مثل عدم الاستقرار السياسي وتفشي الفساد وسعر صرف العملات الاجنبية والاستثمار ومدى تكوين رأس المال الثابت. ولمواجهة تأثيرات التضخم على مرتبات وأجور العاملين تلجأ الدولة إلى زياداتها بنسب تعادل ارتفاع الأسعار إذا ما أريد من تلك الزيادة في الأجور الحفاظ على المستوى المعيشي، أما إذا كان الهدف رفع المستوى المعيشي للعاملين فيفترض أن تكون نسبة زيادة المرتبات أعلى من نسبة ارتفاع الأسعار والعكس صحيح، ومن البديهي أن يحتل هذا الموضوع المرتبة الأولى في السياسة الاقتصادية ويوضع في مقدمة أهداف البرنامج السياسي والاقتصادي لأي حزب بوجه عام والحزب الحاكم بوجه خاص، كما يجب ألا تحدد الاهداف جزافاً وبشكل عشوائي وبغرض الترويج الإعلامي بل من الضروري أن تعتمد على البحوث والدراسات المختلفة للواقع المعاش، وفي بلادنا نفتقد مع الأسف إلى كل ذلك وإلا ما كنا وصلنا إلى ما نحن فيه من بؤس وفقر وتخبط في تنفيذ القوانين، ومنها قانون الوظائف والأجور الذي كان المتضرر الاكبر منه ذوي المرتبات المتدنية والمتقاعدين خاصة، فقد وضع القانون حداً أدنى للاجور 20000 ريال باعتباره يمثل خط الفقر وقد انتقدنا ذلك في مقالات عدة من على منبر صحيفة «الأيام» وأكدنا فيها أن هذا المبلغ لا يغطي حتى اساسيات المعيشة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص فقط ولا يضعها تحت خط الفقر فحسب وبل وفي الدرك الاسفل منه، كما أن الفقرة 12 من قرار مجلس الوزراء بشأن النقل إلى الهيكل العام للمرتبات والاجور الصادر بتاريخ 15 ديسمبر 2005م نص على «يرفع الحد الادنى للمعاش التقاعدي إلى مستوى الحد الادنى للاجور 20000 ريال على أربع مراحل متساوية ابتداء من العام 2005م وهذا يعني أن المتقاعدين ما قبل هذا التاريخ والذين يستلمون أقل من هذا المبلغ سوف لن يحصلوا عليه إلا بعد مرورهم بتلك المراحل. وبما أن معدل المعاش الشهري في محافظة عدن (11242) ريالا في أواخر عام 2005م فإن معظم المتقاعدين منهم سينتظر أربع سنوات - إذا كانت كل مرحلة سنة - ليحصل عام 2009 على مبلغ 20000 ريال وهو الحد الادنى للمعاش فلماذا التناقض في القرارات والقوانين؟ وأي عيشة سيعيشها هؤلاء؟ إنها صوملة من طراز جديد لا يحس المسؤولون بمعاناتها، فهي ستكوي غيرهم من البؤساء ذوي الدخول المتدنية والمتقاعدين و«لا تحرق النار إلا رجل واطيها». ولكي نبين هذه الحالة وربطها بالاسعار دعونا نلقي نظرة على الجدول رقم (1) للاعوام 2000-2005م.

نجد أن أسعار السلع والخدمات التي كنا نحصل عليها عام 2000م بمبلغ 100 ريال أصبحت عام 2005م بمبلغ 194 ريالا أما مجموع المواد الغذائية التي كان سعرها 100 ريال عا م2000 اصبح سعرها عام 2005م قد وصل الى 214 ريالا. وعند احتسابنا المتوسط البسيط للزيادة السنوية نجده يزداد بمعدل سنوي يصل إلى حوالي 20% كل سنة، أما إذا احتسبنا المعدل السنوي بالطريقة الهندسية فإنه يصل إلى حوالي 15% سنوياً. وعليه إذا افترضنا أن السنوات الاربع القادمة ستزيد بنفس المعدل الأخير سنوياً لا اكثر فإن الحد الادنى للاجور أو للمعاشات (20000 ريال) المستلم عام 2005م ستنخفض قيمته الحقيقية بعد أربع سنوات وسيصبح كالتالي: 17000 ريال عام 2006م و14450 ريالا عام 2007 و12280 ريالا عام 2008م و10440 ريالا عام 2009م. وهذا يعني أن من سيمر من المتقاعدين - وهم الأغلبية - بالمراحل الأربع المشار إليها أعلاه فهو بالرغم من استلامه مبلغ 20000 ريال عام 2009 ولكنه سيستلم ما قيمته الحقيقية فقط 10440 ريالا بأسعار عام 2005م. واستفساراتنا: هل وضعت هذه الامور وقضايا التضخم وخط الفقر في الحسبان؟ أم أن المسؤولين قابعون في أبراجهم العاجية ولا يدرون بما هو حاصل وما سيحصل مستقبلاً للمتقاعدين ومن في مستواهم؟ أين الدراسات؟ وأين التخطيط؟ وأين التطبيق العملي للقوانين؟ ولماذا لا يحسن استخدام وتوزيع الموارد المختلفة؟ ولماذا يعيش معظم المواطنين في حالة اقتصادية مزرية بينما البلاد والحمد لله مليئة بخيراتها وثرواتها المادية والبشرية والتي يعبث بها العابثون و..و..و.. كلها أسئلة بحاجة إلى إجابات.

وختاماً يحكى أنه في العصور الوسطى خرجت حشود كبيرة من المواطنين الفرنسيين في مسيرة احتجاج ضخمة أمام قصر الملكة تطالب الدولة بتوفير الخبز وعندما أخبرها مستشاروها بمطالب المتظاهرين، ردت بدهشة واستغراب قائلة: «إذا لم يجدوا خبزاً يأكلوه فلماذا لا يأكلون كيكاً بدلاً عنه». وهذه الملكة كونها تعيش في قصرها العاجي العالي البعيد عن الناس لا تحس بمعاناة من يعيشون في الارض وتحت الحضيض، فهي تعتقد أن من لا يستطيع أن يجد الخبز يمكنه ببساطة أن يجد الكيك بدلاً عنه.

فما أشبه اليمن اليوم بفرنسا الأمس ونحن نقول ما قاله رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى