علي ناصر قالها بشجاعة

> سعيد عبدالرب الحوثري:

>
سعيد عبدالرب الحوثري
سعيد عبدالرب الحوثري
ما كتبه السيد علي ناصر محمد الرئيس السابق للشطر الجنوبي في صحيفة «الأيام» الغراء العدد 4684 يعتبر في الحقيقة منهجاً واضحاً لرؤية الرجل الذي كان ذات يوم الرجل الأول في جنوب اليمن والذي استفاد كثيراً من تلك التجارب والمراحل التي مررنا بها طوال عقد من الزمن سلباً وايجاباً، وكم كان الرجل منصفاً وأميناً عندما قال إن جميع رفاقه وهو يتحملون مسؤولية بعض أو مجمل ما جرى من صراعات دموية وأحداث مؤلمة في الشطر الجنوبي وإنه لا داعي لنبش قبور الماضي الا بقدر ما يستفاد منه من عبر ودروس وبكل تجرد ونكران ذات، لأن الشجاعة الحقيقية والنضالية تقتضي من كل من عايش تلك المراحل من صناع القرار أن تكون لديه شجاعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار ولكن بعيداً عن نبش القبور طالما الجميع شركاء بصورة متفاوتة وأدوار مختلفة بقصد أو غير قصد، لأن نبش الماضي وإبراز بطولات وهمية لا يفيد الوطن ولا تطوره لا من بعيد أو قريب وإنما يثير جراحا وحكايات ودعاوى البعض ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

لهذا كان من الجدير بالسيد علي ناصر أن يقول ما قاله وهو الخبير بكل المراحل وفي هذا يعتبر ناكراً لذاته وإن كنت لم أعرفه يوماً من الأيام من خلال عزوفه كلياً عن المشاركة المباشرة في السلطة بعد احداث يناير 86م المؤلمة، التي تعتبر محطة من المحطات المؤلمة في تاريخ الوطن، والتي لا زال يجتر جراحها حتى يومنا هذا ولن تنمحي من ذاكرته إلا بطي صفحة الماضي والسمو فوق الجراح باعتبار أن الوطن ليس ملكا لحزب أو أحزاب أو طائفة ولا توجد وصاية على أي جزء منه لكائن من كان ولا يحق لأحد التحدث باسمه لأن المتضرر الوحيد والرئيس هو المواطن الذي يعاني شظف العيش والهموم اليومية، وإذا كان الوطن قد أصبح وطناً واحداً إلى الأبد فالأجدر بالجميع أن يرتقي إلى مستوى المسؤولية خاصة في الجوانب الرسمية المتعلقة بالسلطات التي تعاقبت على الوطن اليمني شمالاً وجنوباً، أما الجوانب الشخصية خاصة لمن فقدوا أعزاء لهم وأقارب فهذه جوانب من حق أصحابها تناسيها أو المطالبة بها أو من خلال وقفة تسامح أو مؤتمرات تسمى لقاءات مصارحة ومصالحة في زمن نحن أحوج فيه إلى وحدة اللحمة الواحدة وتغليب المصلحة العامة فوق المصلحة الذاتية، هذه المصلحة التي يحاول بعض (الحرس القديم والجديد القديم والجديد) طمس معالمها والعودة بنا إلى شد وجذب إلى الماضي واتهامات متبادلة بل وعنتريات وأكاذيب يذهب ضحيتها الوطن والمواطن الذي كان الضحية الأولى في جميع صراعات الوطن شمالاً وجنوباً.. كل هذا يتطلب وقفة شجاعة من جميع عقلاء الوطن وكوادره الشرفاء بعيداً عن المزايدة والقفز على حقائق الأمور ومنطق العصر، والعقلاء هم من يمتلكون اتخاذ القرارات الشجاعة، والشجاع والمناضل الحقيقي هو ايضاً من يمتلك الاعتراف بالخطأ ومن ثم السير بثبات نحو الغد الأفضل، وبدون هذا سوف نبقى كشعب أسرى لتجار الحروب والمزايدات ونبش الجراح، والتجارب في العالم ماثلة أمامنا خاصة في الدول النامية التي مرت بتجارب عديدة من الاقتتال الأهلي والصراعات والانقلابات والإعدامات وبطش الحكام، ولكنها في نهاية المطاف غلبت صوت العقل واحتكمت للصواب حيث طويت صفحات الماضي .. صفحات الأحقاد والبطولات الوهمية.

إن يمن الـ 22 من مايو العظيم ليس بحاجة إلى مزيد من المعاناة والقهر والجوع والمزايدة من كائن من كان وإنما هو بحاجة إلى تنمية حقيقية وإصلاح حقيقي في شتى المجالات خاصة محاربة وباء الفساد ومكافأة هذا الشعب الصابر والصامد بعيداً عن تغليب مصالح الأفراد الذين يذيقون شعبنا المرارة والجوع شمالاً وجنوباً.. نقول كفى يا هؤلاء يا من تتاجرون بأقواتنا ومصالحنا والبعض منكم كان ذات يوم يتغنى بالغلابى والمعدمين واليوم تتحدثون عن الاستثمار والدخل غير المشروع.. نقول كفى يا من كنتم تتحدثون ذات يوم بأن الوحدة اليمنية المباركة ستكون خاتمة المطاف لأحزاننا وهمومنا، ولكنكم يا هذا البعض سخرتموها لمآربكم وأهدافكم الدنيئة ولفئات معينة متنفذة أحدثت الكثير من الشروخ والفوارق في المجتمع، حيث تم استبعاد الكثير من الكوادر الكفؤة واستبدالها ببعض الجهلة الذين لا يتحدثون إلا بلغة المصالح الخاصة وتجاهل مصالح الوطن والمواطن.. نقول لهذا البعض كفى حتى نجعل من وطن الـ 22 من مايو أكثر إشراقاً وسعادة ووئاماً وندوس على كل الجراح وإن كانت مؤلمة الا إن تجاهلها سيكون أكثر إيلاماً. فلا يدعي أحد بطولات وهمية وهو كان ذات يوم موغلاً في كل صراعات الوطن حتى النخاع ولا يجوز أن يدعي أحد بمفرده أنه كان مناضلاً وحيداً بينما هو في تعداد المستثمرين ويعيش في برج عال، فالشعب اليمني كله كان مناضلاً كل من موقعه وقدم قوافل من الشهداء فلا تحرموه من هذا الحق المشروع وهو ربما الوسام الوحيد الذي يستحقه شرعاً وقانوناً وما أكثر ادعياء النضال زوراً وبهتاناً الذين يتمتعون بكل الامتيازات، بينما المناضلون الحقيقيون في شتى أرجاء الوطن وضحايا الصراعات السياسية منهم من قد مات قضاءً وقدراً والبعض مات غدراً أو قهراً والبعض حياً حيث لا يجد دواءً أو غذاءً يموت على فراش المرض مثل النعاج وما نسمعه عن الرعاية والاهتمام من قبل منظمة المناضلين ما هو الا عبر الإعلام وبمعايير مزدوجة .. نقول هذا بإثباتات ملموسة على أرض الواقع إنه زمن رديء عز فيه الوفاء وساد الجحود والنكران.. نقول كفى تلاعباً بمشاعرنا وبنضالات شعبنا وشهدائنا وآهات أراملنا، فاتركوا صراعاتكم وايضاً أحقادكم القديمة والجديدة جانباً وسخروا جهودكم إن أردتم مصلحة الوطن والمواطن فالوطن لا يحتمل الإساءات أو الدجل، غفر الله لكم ولنا .. كفى صراعاً وبطولات وهمية فثورتا سبتمبر وأكتوبر ملك لكل جماهير الشعب فهو صانعها وقائدها والمدافع عنها ولن يقبل أبداً المساس بثوابته الوطنية ووحدته وثورثه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى