في الذكرى السادسة لرحيله المحضار مرآة عصره

> «الأيام» رياض عوض باشراحيل:

> في الخامس من فبراير الجاري هل علينا هلال الذكرى بأنوارها الساطعة.. الذكرى السادسة لرحيل باعث الفن الغنائي اليمني الحديث الشاعر حسين ابوبكر المحضار - يرحمه الله- الذي استطاع ان يسمو بفنه الى آفاق الاصالة والابداع وأن ينسج طيفه الشعري عن طبع لا عن تطبع وعن فطرة لا عن فكرة، كما تمكن ان يجمع بين رصانة القديم ورقة الحديث وعذوبة الانغام وبين التراث والمعاصرة وأن يزاوج بين كلا البعدين في رؤية ابداعية واحدة.

فما من مثقف وشاعر أو فنان في وطننا بل وفي جزيرة العرب بأسرها لم يتأثر بهذا الرائد في جانب من جوانبه .. فكلنا بشكل أو بآخر خرجنا من معطفه الكبير وسيظل اسمه خالدا كأحد رموز الثقافة في وطننا.

فإذا كان صناع الفكر والتاريخ والادب في بلادنا من أمثال محمد بامطرف وسعيد باوزير والشاطري ود. المقالح يستحقون الدراسة فإن صناع الفن ايضا من أمثال المحضار وحداد بن حسن والقمندان وبن شرف الدين ولطفي أمان يستحقون دراسات مماثلة، فهؤلاء الفنانون هم اصحاب التأثير الشعبي والجماهيري العريض وهم القادرون على تشكيل الذوق العام.

وإذا ما أخذنا بحكمة «ابن حزم» في قوله :«ما استحق ان يولد من عاش لنفسه قط» يبرز المحضار الشاعر الملهم وقد استحق الخلود لانه ما عاش لنفسه قط بل عاش بكل طاقاته ومواهبه لأهله ومجتمعه ووطنه.

لقد أدرك شاعرنا المحضار مضمون رسالته الفنية وآمن بدور الفن في التعبير عن معاناة الناس وهمومهم، بما يتضمنه من قيم انسانية تخدم المجتمع ..لذلك عندما حلت بالوطن كارثة الامطار والسيول وطاف بها الطوفان عام 1986م فتهدمت مساكن الآلاف من الناس وباتوا بدون مأوى في العراء نساء وشيوخا وأطفالا وشبابا ..انفطر قلب الشاعر وآلمته الكارثة الطبيعية لما أصاب أبناء وطنه رغم انه لم يصب بأذى، وداره كما يقول (غلب منظومة)، فراح يدعو النظام والحكومة الى تقديم العون لإقالة المنكوبين من النكبة التي داهمتهم وقد كانت البلاد حينئذ عرينا لأهل الإحسان إلا ان المساعدات لم تصل للناس فأخذ يصب جام نقده الحار على الحكومة التي لم تهب لإنقاذ المتضررين ويتساءل عن اختفاء المعونات الخارجية التي وصلت الى بلادنا من الدول العربية والصديقة وسر عدم توزيعها للمتضررين، ودعا الى توفير المأوى للناس وكأنه يوحي بأن المعونات المادية مادامت الحكومة تستولي عليها وتبيعها للناس في التعاونيات المعروفة في ذلك الحين فإن أصحاب الحق من الفقراء والمحتاجين والمنكوبين يتنازلون بها لمن هم أحق منهم من المسؤولين ورجال السلطة والدولة! والحقيقة أن المحضار في قصائده حول أزمة المتضررين كان يصلي السلطة بشواظ من نار الغضب والتهكم والسخرية المرة لتقصيرها في الاهتمام بقضايا المتضررين من أبناء الشعب وتركهم في المدارس والمرافق العامة لأسابيع طويلة دون تقديم الحلول العملية العاجلة لأزمتهم .. ودفاعا عن المتضررين والمنكوبين في بلده.. قال المحضار مخاطبا السلطة آنذاك:

قل للحكومة كفاية طالت النومة

مرت اسابيع واحنا ساهنين الخير

الكارثة خلت الانفاس مكتومة

لله نشكي وبس ما نشتكي للغير

وين المعونات راحت كلها وومه

والا يضحكون اهل الخير عا اهل الخير

نحن السكن بس لي نطلبه ونرومه

ماحد بغي منكم شي زاد والا مير

حلولكم كلها لي جات معقومة

لا ماسرح هادي البقار او بلخير

الناس تبغي مساكن صدق محكومة

شلوا خيمكم عطوها المعينة ومرير

انا بحمد الله داري غلب منظومه

لكن ريفي لثابت صاحبي وهبير

وكم وكم مثلهم آلاف مرقومة

لا ما لهم شي وسع حذفوبهم حضير

ماحد يلقي حكومه داخل حكومة

معاد شي وقت للبلصه ودهن السير

ان هذه القصيدة بحق دفقة شعورية وعمق عاطفي ورحابة انسانية ومسحة من حنان يمسح بها الشاعر على أفئدة المنكوبين ويتحدث بها نيابة عنهم علها تخفف من عمق الجرح المفتوح الذي أصيبوا به، اذ ليس في ضمير الانسان قيم يمكن ان يضمنها روح الفن كهذه القيم ببساطة السهل الممتنع ورقة الكلمة وواقعيتها وشهادة الضمير مضمونا وتاريخا، وكان لهذه القصيدة بحضرموت في حينها شأن كبير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى