الفنان الكبير/ حسن عطا (الساكن في مهجة الوطن) .. هل نكرمه معلماً وفناناً ومناضلاً؟!

> «الأيام» عصام خليدي:

> في هذه الفعالية التي تقيمها جمعية تنمية الموروث الشعبي بالتعاون والتنسيق مع فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين م/الحج تكريماً واحتفاءً بالفنان القدير حسن عطا سوف نتحدث عن تجربته الغنائية الموسيقية الزاخرة والحافلة بالفرادة والتميز ، ونحاول إيجازها بشكل مركز بهذه التناولة المقتضبة بخمسة محاور مهمة.

(أولاً)

يعد الفنان القدير حسن عطا واحداً من أهم المشتغلين المنشغلين والسباقين في إخراج (الأغنية اللحجية) من إطارها النمطي التقليدي إلى شكل (غنائي موسيقي حديث) مغاير وجديد دون أن يفقدها مذاقها وهويتها الفنية بمعية الأساتذة: فضل محمد اللحجي، محمد سعد صنعاني، صلاح ناصر كرد، سعودي أحمد صالح. وآخرين. فمن منا لم يستمع ويستمتع ويهتز طرباً لأغنياته الرائعة الخالدة التي نشمّ من خلالها عبير وعبق التربة اللحجية الخصبة ونطوف مع موسيقاها وألحانها الخلابة الساحرة بين حدائق ورياض وبساتين الرمادة والحسيني بفله وكاذيه وأريج أزهاره النضرة. ومن أهم هذه الأعمال: 1) يا سا كنة مهجتي ،2) يا قلبي حبيبك ،3) منقب صدفة لاقيته 4) يا بوي أنا منه ياغارة الله،5) يحسبوني الناس مرتاح ،6) إيش الذي قل لعقله ،7) يا ما أحلى ذا الجميل محلاه

وغيرها تؤكد أصالة تجربته وتركت علامة واضحة وبصمة متفردة في وجدان وذاكرة الغناء اليمني، فقد استطاع (ابن عطا) أن يأخذنا بصوته المعبر الجميل إلى عالمه المشبع بالشفافية والرومانسية وحلق بنا في فضاءات كونية رحبة.

(ثانياً)

يعتبر صاحب مدرسة فنية رائدة بطابعها وكيانها (غير الحسي) (الرومنسي الحالم) في المحبة والعشق إذ يرتكز قوامها الغنائي الموسيقي ويستقيم أيضاً في خصوصية تراكيبها المقامية، اللحنية والنغمية إضافة لذلك اتسمت بملامحها الفنية الجديدة البارزة التي تتجلى بالأداء الراقي الرصين وبوضوح مخارج الكلمات والألفاظ والشجن المتدفق بالعاطفة والأحاسيس العميقة، المفعمة بالمشاعر المرهفة الصادقة الفياضة.

(ثالثاً)

عمل الأستاذ حسن عطا في مجال (التربية والتعليم) واستطاع أن يمارس دوره التربوي التنويري الإبداعي معلماً وفناناً من خلال ما قدمه في أرض الواقع (نموذجاً رائعاً يحتذى بسلوكه وأخلاقه المثالية) على خشبة المسرح وفي الإذاعة والتلفزيون وعبر وسائل الإعلام المختلفة، فظل الفنان حسن عطا مربياً ومعلماً بما قدمه من نتاج إبداعي موسيقي ساهم به في تنمية وارتقاء الذائقة الفنية بين أوسـاط الجـمـاهـير في داخل الوطن وخارجه.

وجسد بمواقفه الإنسانية والوطنية معنى ومفهوم(رسالة الفن وماهيته في الحياة) بأنصع وأبهى وأحلى صوره وتطلعاته (الفكرية الثقافية الملتزمة بقضايا وهموم المجتمع) ذلك ما حققه في مدرسته الخاصة التي استفادت وتعلمت منها كل الأجيال المتعاقبة حتى هذه اللحظة.

(رابعاً)

للفنان المبدع حسن عطا دور نضالي مشهود، قدمه في أغنياته الوطنية ذائعة الصيت، ألهبت حماس وهمم الشعب اليمني وحرضته للخلاص من الاستعمار البريطاني وحكم الإمامة، فهو (يمتلك أسلوباً متميزاً وحضوراً مؤثراً وقوياً ،في أدائه لوطنياته أمام الميكرفون وعلى خشبة المسرح) نتذكر من هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر:1) يا شاكي السلاح ،2) باسم هذا التراب ،3) يا يمن يا خالدة عبر الزمان ،4) ثرنا على الطغيان وغيرها من الأناشيد الوطنية التي عبرت عن ضمير أمته وطموحات شعبه.

(خامساً)

قدم الفنان حسن عطا كثيراً من ألحانه وأغنياته العاطفية والوطنية على (مقام الراست على درجة الجهاركا) وأشهد أنه من الفنانين اليمنيين القلائل الذين استطاعوا أن يتعاملوا مع هذا المقام الشرقي الأصيل باقتدار ومهارة فائقة وبرشاقة نادرة تأسر الأذن والقلب عند الاستماع إليها، لا نجدها إلا في ألحان عباقرة الغناء العربي واليمني وأساطينه. تعامل مع العديد من شعراء الأغنية اليمنية البارزين منهم الأساتذة: محمود السلامي، حسين عبدالباري، عبدالله هادي سبيت، أحمد سيف ثابت، صالح نصيب، وآخرين.ظلم فناننا الكبير حسن عطا وأهمل كثيراً رغم عطائه الفني النوعي والحافل الرفيع الممتع والضافي في مسار حركة تطور الغناء اليمني، ظلم من الجهات المختصة والمعنية التي لم تقدر وتع على الإطلاق ما قدمه هذا الفنان المتواضع في سلوكه وأخلاقه العملاق بفنه وبإبداعه، رجل سما وارتفع بنفسه وتعففه عن السؤال ليعطي نمودجاً مضيئاً مشرقاً وقدوة حسنة للآخرين الباحثين عن ذواتهم أشباه المثقفين والمبدعين.

حقاً يا للعجب إننا في زمن الأقزام!اشتغل فناننا بالمجال التربوي التعليمي وكان (مدرساً ناجحاً) مارس عمله التربوي (بمدرسة المحسنية) التي أخرج منها للساحة الفنية العديد من الأصوات وتبناها فنياً وأصبح لها شأن في الغناء اليمني ،من أبرزها عبدالكريم توفيق، مهدي درويش، محمد عوض شاكر، وغيرهم.

كلمة لابد منها: أتمنى ان يكرم الفنان والأستاذ حسن عطا بما يليق وينسجم مع تاريخه ومكانته الرفيعة في قلوبنا، معلماً وفناناً ومناضلاً خدم الوطن وسجل وأرخ على صفحاته أروع وأجمل العبر والمعاني الإنسانية والإبداعية.

خاطرة: من ضمن أغانيه المحببة إلى نفسي أغنية لم تنل إعلامياً ما تستحقه من البث والانتشار بعنوان (يحسبوني الناس مرتاح). اللافت في هذه الأغنية أنه لحنها وقدمها على (مقام الحجاز كاركورد) فقد ابتدأ المذهب بجملة موسيقية فيها الكثير من العاطفة والشجن وضمنها بحوار غنائي مشترك مع الكورال ثم تتغير الجمل الموسيقية تباعاً في سياقه النغمي اللحني بأسلوب شيق متجدد ومتصاعد معبر في غاية العذوبة والجمال وهكذا ينتقل بنا بجمله الغنائية الموسيقية ذات المضامين والرؤى الفنية القيمة التي خدمت النص الغنائي بأبعاد جديدة قدمها لجمهوره ومحبيه. لُحنت هذه الأغنية على الإيقاع الشرحي الثقيل (6/8).

قدمت هذه المداخلة في الفعالية الخاصة التي أقامتها جمعية تنمية الموروث في منزل الفنان القدير حسن عطا في الحوطة المحروسة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى