المتقاعدون والمحالون إلى التقاعد بين (صكي والطمي)

> احمد يسلم صالح:

>
احمد يسلم صالح
احمد يسلم صالح
تحضرني حادثة غريبة في الاستدلال بها على حال المتقاعدين ومن يحالون إلى التقاعد اليوم. ذلك أنه قبيل وعقب حرب صيف 94م وفي ذروة الشحن النفسي والديني عند بعض الفتوة (الشباب) ذكر لي أحد الآباء أن ولده طلب إليه تجديد عقد زواجه من أمه كونه غير مطمئن على حال استمرار الزوجية بين أبويه، ولم يجد الأب من شيء يسكت به اندفاع الابن سوى تنبيهه إلى أن ذلك يجعل منه -أي الابن- (ابن زنا)، وثانياً هذا يحتاج إلى زوج محلل وعدة شرعية وهذا ما لا يرتضيه لنفسه ولأمه ولا لأبيه طبعاً.

عموماً ليس هذا موضوعنا بقدر ما وددت من هذه (الحدوثة) الولوج إلى أمر مشابه تماماً يتعلق بموظفي الدولة في محافظات الجنوب، بمن فيهم الكوادر المتوسطة والقيادية والعسكرية التي وجدت نفسها اليوم أمام عقلية ونظم إدارية تكيل بمكاييل عدة وتجعل من التقاعد.

وإنهاء الخدمة سيفاً مسلطاً يقطع خدمات السنين الطوال إرباً إرباً دونما اعتبار للنظم والقوانين الإدارية والمالية التي على أساسها شغلوا تلك الوظائف وتدرجوا فيها.

مع كل ما هو معروف أن النظام الإداري والمالي وقوانين الخدمة التي ورثتها دولة الجنوب من بريطانيا العظمى يعد الحسنة التي تحسب في ميزان دولة جمهورية اليمن الديمقراطية كون نظم الترقيات والانتقال من درجة إلى أخرى يأتي وفقاً لأجندة تعتمد على توثيق المعلومات والأرشفة على الرغم من عدم توفر أنظمة الحاسوب.

كما هو عليه اليوم، بحيث لا يتم إقرار الموازنة الختامية إلا وقد حصل الموظف على مستحقاته بما فيها كسور الدرهم. وهذا لا يعني أننا مشدودون إلى الماضي كما قد يقال، لكن الحقيقة التي لا مراء فيها أن عملية النقل إلى الهياكل المالية والدرجات وبالتالي احتساب الخدمات والدرجات والترقيات جاءت وفق معايير غير دقيقة ولا أمينة بل وانتقائية وظالمة، وهذا ما اتضح جلياً عند النقلة الأخيرة لهيكل الأجور وبالأخص عند الذين تم إحالتهم إلى التقاعد أو يتم حالياً. وللتدليل على ما أقول أسوق جملة من الحقائق:

- أن معايير الإحالة إلى التقاعد غير دقيقة وتمارس بانتقائية وتعسف بل وتزوير في بيانات البعض، بغية قهرهم ورميهم تحت مقصلة التقاعد، وكل جهة تفسر كل شيء من وجهة نظرها ولا تقبل بغير ذلك.

- الاختلال الفاضح والفروقات الشاسعة بين موظفين يتساوون في المستوى والخدمة أو يتقاربون وخصوصاً عند إحالتهم إلى التقاعد..هذا الاختلال يفضح نفسه من خلال المقارنة بين المتقاعدين الذين وصلوا إلى أعلى المراتب الوظيفية والذين يحالون تباعاً في سنوات متتالية.

حيث إن مديرا عاما مثلاً تم إحالته في 94م راتبه التقاعدي حالياً لا يتجاوز 12-14 ألف ريال، وهكذا حال العسكريين برتبة عقيد متقاعد، فيما عقيد 2005م راتبه أكثر من خمسين ألف ريال!!

- إن حجم المحالين إلى التقاعد قياساً إلى عدد الموظفين غير دقيق، فمثلاً 52 ألف موظف في محافظة تعز في مجال التربية يتم إحالة 14 حالة ومثلها أو أقل منها في أمانة العاصمة وهكذا في إب مقارنة بآلاف وأضعاف لدى نظرائهم في عدن أو أبين على سبيل المثال التي يتم فيها الإحالة وفق مسلسل سنوي مستمر بالآلاف.

- إن عملية الاحتساب عند الإحالة لكثيرين في درجات وظيفية حصلوا عليها بموجب ترقيات وانتقال من درجة إلى أخرى وفق معايير الخدمة، الخبرة، الكفاءة لكادرات في الثانية (أ)، الأولى (جـ) مثلاً، وعند الإحالة يتم احتسابهم في (المجموعة 8) أو في أحسن الأحوال رئيس كتبة، فكثير من المعلمين والكوادر التي حسنت من خبراتها عن طريق الدورات الممنهجة وفق السلم التعليمي بأكثر من 12 دورة تدريبية صيفية خلال فترة الخدمة لم يتم احتسابها ولم يتم اعتبارها مستويات تعليمية جديدة حين كانت هناك ضوابط صارمة في الحصول على الشهادات العلمية ثانوية - معاهد...إلخ، ولأنه لا يوجد مقابلها في نظم المحافظات الشمالية تم استبعاد تلك الدورات والترقيات، في الوقت الذي تضمنتها نظم الترقيات واحتساب الخبرة في النظم الإدارية والمالية المعمول بها في الجنوب.

خذ على سبيل المثال: مأمورو مديريات ومديرو مدارس ومعاهد وما في مستواهم أعرف بعضهم شغل هذه الوظيفة من عام 70م وإلى اليوم، وحين تم إحالتهم إلى يوم إحالته إلى التقاعد.

ورغم خصم أقساط التقاعد لبعضهم لأكثر من 5- 6 سنوات لكنهم لا يعترفون لهم بشيء إطلاقاً.

ومع ذلك يتم التدقيق في تاريخ الميلاد حتى دون وثيقة رسمية، فكان الموظف يتحاشى التدقيق في تاريخ الميلاد إما هروباً من الخدمة العسكرية حينها مع أنه لا توجد في الأرياف وثائق ثبوتية لفترة ما قبل الاستقلال (مخلقة) ومع ذلك يعمد إلى خصم ما يمكن خصمه على اعتبار أن الموظف لم يكمل 35 عاماً في الخدمة، في الوقت الذي قضى فعلياً بعضهم أكثر من أربعين عاماً.

- يقع المحالون إلى التقاعد تحت ساطور جلاد أعور، بحيث لا يتم استدعاؤهم أو التأكد من بياناتهم، ودون معرفة حقوقهم القانونية والمادية المكتسبة، تتم عملية الإحالة مركزياً وربما بصفقة بين المرفق والتأمينات، وهنا يكون الضحية الموظف المحال بالضرورة.

أقول مرة أخرى أتمنى أن يناظرني أحد من المسؤولين أكـان في الوزارة أو المحافظة، حينها سنبين لهم بالدليل الملموس والقاطع صحة ما نقول. ولا يفوتني هنا ذكر ما لحق بأساتذة الجامعة وعمال مؤسسات القطاع العام والتعاونيات والأشغال، الذين تم إهدار حقوقهم وضاعوا بين (صكي والطمي) ولا ذنب لهم إلا أنهم لم يتم توصيفهم نتيجة إهمال متعمد.

- موظفون يحالون إلى التقاعد بتعسف وظلم يقابله حرمان لأبنائهم وعدم حصولهم على الوظيفة التي صارت من رابع المستحيلات، إذا ما عرفنا أن خريجي جامعات منذ عام 98م دون وظائف حتى اليوم.

الصك واللطم لفظتان تعنيان النهب والقهر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى