إنها العقلية

> عبدالله ناجي علي:

>
عبدالله ناجي علي
عبدالله ناجي علي
هناك أسباب كثيرة ساهمت في وصول بلادنا إلى هذا المستوى من التخلف المخزي.. لكننا نعتقد أن السبب الجوهري الذي ساهم في صناعة هذا التخلف يكمن في الاستيعاب المشوه لمفهوم السلطة عند غالبية ولاة أمرنا، وعلى ما يبدو أنهم قد استوعبوه بمفهوم آخر وهو مفهوم التسلط على موارد البلاد ورقاب العباد.. كما لو أن مجتمعنا وموارده الاقتصادية تدخل ضمن الأملاك الخاصة لهؤلاء المسؤولين الفاسدين!!

فهذه العقلية التي اختزلت الوطن بشخوص معينة تجمعهم العصبوية الأسرية والقبلية والطائفية والمناطقية مضافاً إليهم طابور طويل من المنافقين وأنصاف المتعلمين الذين يعملون في جهاز الدولة كأنهم موظفون في شركة خاصة وليس في جهاز حكومي وجد -أصلاً- لخدمة المجتمع وتطويره.. هذه عقلية وبهذا المستوى من الوعي السياسي المشوه يستحيل أن تضع لشعبها رخاءً اقتصادياً، ويستحيل أيضاً أن تبني وطناً حراً ومستقلاً، ونحب أن نشير هنا إلى أن هناك قيادات وطنية نزيهة وبكفاءة علمية موجودة في جهاز الدولة لكن هذه القيادات- للأسف- مازالت بعيدة عن موقع صناعة القرارات التنفيذية التي تخدم مصالح الشعب وتقدمه نحو الأفضل!!

وبما أن بلادنا قادمة على إصلاحات شاملة تضمنها برنامج الأخ الرئيس للسنوات الخمس القادمة، فنعتقد أن الفرصة اليوم مواتية لولاة أمرنا لأن يكون لهم الدور الأكبر في تفعيل مصفوفة الإصلاحات القادمة ولكن بشرط أن يقوموا أولاً بإصلاح عقليتهم السياسية التي أوصلتنا نحن -الشعب- إلى هذا الوضع المزري الذي لا نحسد عليه جميعاً.. ونعتقد أن إصلاح عقليتهم السياسية سيمنحهم فرصة كبيرة لإصلاح ما وقعوا فيه من أخطاء تجاه الشعب نتيجة للسياسات الخاطئة التي مارسوها خلال الفترة الماضية، وكما يقال (الوقوع في الخطأ ليس عيباً وإنما العيب الاستمرار في الخطأ) ونتمنى لولاة أمرنا ان يتجاوزوا هذا العيب.

فنجاح الإصلاحات القادمة مرهون بإصلاح العقلية السياسية التي مازالت تفكر بعقلية الدولة (الرعوية) ويجب أن تشمل هذه الإصلاحات النواحي التالية: أولاً: مغادرة مربعات التفكير السياسي العصبوي القبلي الطائفي المناطقي الذي ينطلق من ثلاثية حاشد وبكيل، وزيدي وشافعي، وشمالي وجنوبي ويتم استبدالها بثلاثية عصرية وهي تفعيل العمل المؤسسي لأجهزة الدولة بدلاً عن الاجتهادات الفردية، وسيادة النظام والقانون على الجميع دون استثناء، وتحقيق المواطنة العادلة التي يشوبها كثير من الظلم. ثانياً: الاعتراف بالشراكة الحقيقة بين الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني. ثالثاً: احترام الحريات والتعامل مع الصحافة كسلطة رابعة ومراعاة حقوق الإنسان. رابعاً: تغيير نظرة الحكم تجاة الشعب وجعل الحاكم في خدمة الشعب وليس الشعب في خدمة الحاكم. خامساً: قبول ولاة أمرنا بمبدأ المساءلة والمحاسبة خاصة منهم لصوص المال العام.

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في العقلية السياسية إذا كنا فعلاً نريد نجاح الإصلاحات أما إذا استمرت الأمور على ماهي عليه حالياً فإن الخطبة ستظل هي الخطبة والجمعة هي الجمعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى