المتقاعدون إلى أين؟

> عبدالجبار سلام سعيد:

>
عبدالجبار سلام سعيد
عبدالجبار سلام سعيد
المعلمون في أي بلد هم ثروة ثمينة وأدوات أمينة يركن إليها في تعليم وتربية الأجيال من أجل النهوض بأوضاع البلد وخلق جو من الاستقرار والتطور والرقي.

من ذلك نعلم سمو وقدسية العلم ومكانة المعلم الذي هو الأداة المهمة من بين أدوات التعليم أو ما يسمونه «المنهاج» فلا تستقيم الأمور إلا بالمعلم ذلك الكائن الذي يفني حياته ليهب لتلاميذه وطلابه حياة جديدة تمكنهم من مواصلة الحياة وصون الأوطان.

ولذلك تباهي الدول المتحضرة منها وغير المتحضرة خارج نطاق المنطقة العربية تباهي بمعلميها لأنهم الإرث الذي به يقارنون حاضرهم بماضيهم لتقديم النموذج المهم في صنع المستقبل المنشود لكي لا تذهب الجهود هباءً في حال بعثرة هؤلاء الشموع وعدم الحفاظ عليهم حتى آخر رمق من حياتهم.

والمعلم الذي يكتسب خبرة طويلة لا يمكن التخلي عنه حتى ولو وصل إلى ما يسمونه «أحد الأجلين» لأن القدرة على العطاء تنبع من الخبرة المكتسبة والمعارف المتوارثة وهي بحق المكسب الذي يجب أن يعمم على بقية المعلمين والمستجدين لكي يسلكوا السلوك القويم نفسه لتقديم ما ينفع الجيل والوطن وليس العكس!

واليمن يمتلك كفاءات نادرة بلغ عمرها العملي ثلث قرن ويزيد، لكن للأسف يواجه هؤلاء بالنكران والجحود والإحالة إلى التقاعد، ما يعني انتكاس راية العلم والذهاب إلى القهقرى، من خلال البحث عن معلمين جدد يتطلب بناؤهم سنين طويلة لكي يصلوا إلى ما وصل إليه هذا الجيل الذي صار في مصاف العلماء الأجلاء الذين نفرط بهم اليوم بحيث لن نجد بعد أيام أية كفاءات من هؤلاء الذين يمتلكون الخبرات التربوية والتعليمية والفنية الفريدة لإدارة منشآتنا التعليمية كما نريد!

لقد ذهب المشرع اليمني إلى تناسي الخصوصية التي لدى التربية والتربويين وجعل من سني الخدمة فقط هي المقياس، لكنه لم يحسب حساباً للخبرة والكفاءة والإخلاص والعطاء الذي رفع من مكانة الوطن اليوم، بفضل هؤلاء الذين يرمون بهم إلى قارعة الاستغناء المهين بعد أن رفعوا الوطن إلى العلى.. ويفترض أن يظلوا أعلاماً شامخة يمارسون مهامهم دون انقطاع.

إننا إزاء وضع صعب قد يكلفنا الكثير من الخسائر، بحيث سيتردى الوضع التربوي والتعليمي إلى الاسوأ.. ولننظر لسياسة التقاعد هذه كيف سيكون الحال بعد أربع سنوات، بحيث نعتقد أن هذه الفترة كافية للقضاء على الكفاءات التي لن نجد بديلاً أو مثيلاً لها، وستأتي السنوات القادمة سوداء إذا أصر القائمون على هذا الشأن في سياسة التخلص من العلماء والمجربين وهذا ما جعلنا ننبه إلى خطوة الوضع الذي إذا لم يتداركه المخلصون، فإن النتيجة سوف تكون أسوأ مما نتوقع على التربية والتعليم.

فهل أوصلنا الرسالة إلى قيادة الدولة يا ترى ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى