المتلونون!!

> أحمد عبدربه علوي:

>
أحمد عبدربه علوي
أحمد عبدربه علوي
أكره كثيراً جداً المتلونين المزايدين المنافقين، الذين يتواجدون مع كل زفة أو مناسبة، يرعون مع الراعي ويأكلون مع الذئب، يسيرون في مواكب الكبار ويظهرون لهم كل ولاء وطاعة ومهابة وتبجيل، وعندما يجدون أنهم قد رضوا عنهم ووثقوا بهم وقربوهم إليهم وأغدقوا عليهم ظناً منهم بأنهم خير الناس، فجأة ترى هؤلاء وقد امتهنوا (الشخط) في وجوه الناس وحاصروا أنفسهم بهالة تفخيم مصطنعة وهم عكس ذلك، لمجرد إتقانهم فن التعلق والقفز بين مختلف حبال (السيرك السياسي) دون جدال بارعين فيه دون خجل أو حياء، كما أنهم بارعون في الاختفاء وقت المحن والشدائد، يظهرون بعد انفراج أي أزمة أو مشكلة تحدث في مجتمع البلاد.

وقد شاهدناهم في الكثير من المواقف الصعبة عندما تحدث يختفون داخل جحورهم أو مخابئهم كالفئران، وهم معروفون، وكأن الناس أغبياء وهم الأذكياء. والغريب والمريب أن هؤلاء لا يزالون يعيشون بهذه العقلية والعادة السيئة، يتقنون فن التلميع (الورنيش) والتملق والتزلف، يجيدون فن تركيب الفتن والأقاويل الكاذبة.

ومن أعجب العجاب أن نراهم يتباهون بالكذب والافتراء والتملق في مجالسهم الخاصة- الجانبية كما يتباهى الصادقون بالحقيقة.. يا سبحان الله!! ينسى هؤلاء المرجفون الموتورون أن الحقيقة كالحجر (الجرانيت) ثابتة صامدة تتكسر عليها العواصف والأعاصير، أما رمال الأكاذيب والتلفيق والتملق فيمكن أن تدفعها الريح فتعلو فترة في الهواء ثم تسكت الريح فتسقط على الأرض وتدوسها الأقدام.

والعجيب في الأمر أن البعض من الناس (السذج) يصدقون ما يقوله هؤلاء الأفاكون المزايدون الذين يجلسون حولهم، وقد زينوا لهم أخطاءهم بالباطل ورفعوهم على الأعناق وهم يعلمون أنهم لا يستحقون إلا الإهانة والطرد من مجالسهم وخاصة هؤلاء الذين يكذبون وينافقون، يعتمدون الوجهين واللسانين فيقولون لك عكس ما يبطنون ويظهرون لك المحبة والوداد وفي الخفاء يحرضون عليك ويفعلون المكائد ويختلقون المصائب والمصاعب.. ما أدناهم وما أغباهم هؤلاء الذين يعتقدون أن هذا الزمن أو العصر يتسع لهذا المدى من الممارسات الخاطئة التي صارت من الماضي الذي عفاه الزمن، وصارت السياسة أخلاقاً وشفافية، لا فن الممكن ولا علم الوسائل ولا الاحتيال على الناس ولا النفاق والكذب عليهم.. كم من المنافقين المتلونين أفسدوا رجالاً صالحين ملؤوا آذانهم بالنفاق الرخيص والمدح والتزلف، حملوا البخور ورشوا الجدران بالعطور المغشوشة وسبحوا بحمدهم حتى صدقوا أنهم مخلصون، نسوا أنهم مخادعون، منافقون، انتهازيون ووصوليون يجعلون من مجالسهم وأحاديثهم متعة في غياب الغير أو الغائب، نسوا من هم.. وما هي مكانتهم وثقلهم وحجمهم في المجتمع وهم حفنة من الطبالين والمزمرين لا غير، موجودين في كل مكان وزمان بل وفي كل عهد.. إنهم أشبه بفرق الموسيقى التي تتقدم مواكب الأفراح، لا يعرفون اسم العريس ولا أهله ولكنهم يعرفون كم سيقبضون في نهاية احتفالات الزفة أو الزفاف. هذا ما يعمله هؤلاء البعض من المتلونين بيننا اليوم بعد أن سلخوا جلودهم وبدلوا بها جلوداً أخرى جديدة تتلاءم مع المرحلة التي يعايشونها.. يتلونون كالحرباء على كل لون.. تباً لهؤلاء الأنذال مهما كان موقعهم ومهما كانت القوة التي يستندون عليها أو المسنودين بواسطتها.

في الأخير أقول لهؤلاء مهما طال الزمن ومهما طغى النذل وتجبر وتكبر باسم الكبار وأولي الأمر الذين يتقوى أو يستند عليهم.. إن غداً لناظره لقريب.. فأرجو يا أخي أن لا تكون منهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى