الامتحانات المركزية وكيفية الحد من ظاهرة الغش

> حسين سعيد السقلدي:

> نحن على أبواب الامتحانات المركزية بكافة مستوياتها، وهي تمثل حصيلة ومحصلة عام دراسي كامل والجهد المتواصل أكان من حيث المعلمين أو الطلاب، وبها تحدد المقاييس والفوارق الفردية من خلال النتائج المتحصلة في الامتحانات بالنسبة للطلاب وفق المثل القائل «ولكل مجتهد نصيب».

والامتحانات المركزية بصفة عامة يكون لها طابعها ومذاقها الفني الإيجابي إذا ما اقترنت بتوفير الاختيار النوعي للمقررات الدراسية خلال العام الدراسي في التحصيل العلمي والمعرفي الرفيع والنبوغ فيه، ويأتي ذلك من خلال توفير المعلم الكفؤ القادر على أداء جودة التعليم المراعية للواقع والمسايرة للعصر ومجرياته. والامتحانات المركزية هي الوحيدة والرئيسة للتقييم، فإن الأمر يتطلب ويشترط قبل إجرائها، التهيئة والإعداد اللازمين للمعلم من حيث وضع الأسئلة وطبيعتها ومحتوياتها ومضامينها التي يتوقعها المعلم وتكون فعلاً في إطار ما قطع في المنهج والمقررات الدراسية. ومن تجربة واستقراء الواقع نجد أن الأسئلة المركزية توضع دون مراعاة الحيز المقطوع للمناهج الدراسية والمقررات ودون ملامسة لواقع المدارس، والنقص في قوام الهيئة التعليمية، إضافة إلى ذلك اختيار بعض لجان إعداد وصياغة أسئلة الامتحانات المركزية بحيث تكون هي الأخرى بعيدة كل البعد عن معالجة وملامسة ومعرفة الواقع التعليمي في المدارس، فتكون الأسئلة مركبة وبطريقة معقدة، بل واعتمادها على النمط التقليدي وتجاهل القائمين على إعداد الحصيلة العلمية والتعليمية لكل مدرسة والافتقار لوجود المعلمين ذوي الكفاءات، والكتاب المدرسي والمختبرات، وكذلك اختيار بعض المراقبين على سير الامتحانات من حديثي التجربة، وظهور بعض المراقبين للامتحانات بالمظهر المخيف والمفزع، وقصور وعي ومفهوم المراقبين لأهداف الامتحانات،وضيق الصفوف الدراسية أثناء أداء الطلاب للامتحانات ... وغيرها وكلها تؤدي إلى فقدان الثقة الذاتية للطلاب،وهذه الإشكاليات أدت وتؤدي إلى بروز ظاهرة الغش بل وتفشت واستفحلت بدائها الخبيث حتى أصبحت ظاهرة اجتماعية عامة، وتنوعت أساليب الغش حتى أصبحت تشكل أحد أركان الفساد الخبيثة، وهكذا يحدث خلل في النفس البشرية ليصبح الباطل حقاً، والفاسد صالحاً والصالح فاسداً والعاطل صالحاً ...الخ، إلى جانب جملة من العوامل والطرق والدوافع والعواقب المساعدة للغش والتي بقيت ومازالت تفعل فعلها السلبي دون حزم، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أبرزها إهمال الطالب والتغيب عن المدرسة،وضعف نية الطالب لتلقي العلم والمعرفة واستيعابه، وغياب دور الأسرة عن متابعة انضباط أبنائها ومدى التقدم الذي يحرزونه بين الحين والآخر، والقصور الواضح من قبل إدارات المدارس والإدارات التربوية في اتخاذ الإجراءات والعقوبات الصارمة على الطلاب الغائبين ومثيري الشغب والمشاكل وفق اللائحة المدرسية. كما أن هنالك ضعف مستوى بعض المعلمين في الأداء التعليمي، والغياب المتكرر دون اتخاذ مبدأ المحاسبة، وعدم التنوع في الأسلوب التربوي، وانعدام بعض المختبرات في المدارس وعدم تهيئة فرص النبوغ والتفوق العلمي عند الطلبة الأذكياء وشعورهم بالإحباط النفسي خاصة بعد تأكدهم من نجاح غيرهم من الطلبة غير الجديرين به بل اختطفوا النجاح بطريقة الغش على حساب الطلاب الأذكياء، وهؤلاء الغشاشون هم فعلاً فاشلون في حياتهم الدراسية بمختلف مراحلها بما فيها الدراسات الجامعية والحياة العامة، وكل هذا يؤدي إلى خلق مجتمع مغشوش ومعلول وما بني على باطل فهو باطل.. وهذا الكلام يحمل مضموناً عقلياً مكيناً وعمقياً وهادفاً وفاقد الشيء لا يعطيه. وبهذا لزاماً علينا أن نضع الأفكار الصائبة، سعياً نحو الحد من ظاهرة الغش نذكر منها :أهمها:

-1 إعادة النظر في المناهج الدراسية والكتب المدرسية وفق المرتكز الأساسي وجعلها موافقة للواقع ومسايرة للعصر،مع تحاشي الحشو، وإصلاح التعليم بشكل شامل وكامل.

-2 زيادة فعالية الإدارات المدرسية والتربوية في متابعة حقوق المعلمين وتعزيز العلاقة الوطيدة مع مجالس الآباء والأمهات، وفعالية التوجيه الفني التربوي في المتابعة المستمرة للأداء التعليمي وجودته في المدارس والمساعدة بغية الارتقاء بالعمل التربوي والتعليمي، مع اتخاذ مبدأ المحاسبة على المعلمين الغائبين غياباً جزئياً أوكاملاً والمهملين والمقصرين في أداء واجباتهم اليومية المدرسية،وتكريم المعلمين النمودجيين حقاً المستحقين للتكريم بروح من الأمانة العلمية الصادقة والنزيهة .

-3 توفير المعلمين وفق مقتضيات التخصص والحاجة إليه لكل مدرسة بداية كل عام دراسي مع التأهيل المستمر للمعلمين والإدارات المدرسية والتربوية والغربلة لهما بين الحين والآخر ويستحسن أن لا تكون الدورات التأهيلية أثناء الدراسة بل أثناء العطل الدراسية السنوية، مع تحاشي الكثافة الطلابية في الصفوف الدراسية وكذلك عملية النقل الآلي للدروس.

-4 اختيار مراقبين على سير الامتحانات المركزية جديرين ممن تتوفر لديهم الصفات التربوية من حيث السلوك الجيد والمستوى العلمي الجيد وفاهمين جيداً أهداف قانون التربية واللوائح وأنظمة الامتحانات وخبرة في التربية والتعليم لا تقل عن خمسة عشر عاما، واختيار قاعات ذات مساحات متباعدة بين طالب وآخر، واتخاذ إجراءات صارمة إزاء المراقبين المخلين بنظم الامتحانات المركزية، وعقوبات رادعة بحق الطلاب المساهمين بالغش والمغششين مع حرمانهم من الجلوس في الامتحانات وتحديد فترة الحرمان من الجلوس في الامتحانات المركزية .

-5 أن تكون الأسئلة في الحيز المقطوع للدروس المقررة، تتسم بالشمولية للأهداف، وواضحة ومحددة، ومراعية للفروق الفردية والعلامات، وطبعة واضحة ومراجعتها بدقة ...الخ.

-6 المراعاة عند اختيار الوظائف الجديدة للتربية والتعليم للمقاييس والأسس التربوية والعلمية وغيرها وإجراء امتحانات الكفاءة والمقابلات للتأكد من كفاءة المتقدمين ومميزاتهم المطلوبة ...الخ.

-7 اختيار لجان إعداد وصياغة وتجهيز أسئلة المواد الدراسية المركزية للصفوف النهائية تاسع أساسي وثالث ثانوي تكون من العناصر المتميزة بالكفاءات والقدرات ولها خبرة طويلة في التربية والتعليم و المستويات الدراسية الرفيعة والمشهود لهت بالنزاهة والمرونة والامانة والأخلاق والمراعية لواقع المدارس الدراسي، مطلعة على ما قطع من المنهج والمقررات الدراسية في المدارس.

-8 اختيار لجان تصحيح أسئلة الامتحانات المركزية من العناصر المشهود لها بالكفاءة والمستويات العلمية المتميزة والقدرات الفائقة، تتصف بالمرونة، تكون مدركة تماماً وملمة بالمستويات الدراسية للطلاب ومهارات الخط والإملاء والتعامل مع هذا الاتجاه بعيداً عن السأم والعموميات، متصفة بالصدق والإمانة، مستقيمة في كل الجوانب .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى