الأمة تنتحر .. هنيئا للجميع

> أحمد الربعي:

> هل يستطيع أحد أن يوقف أمة كاملة قررت الانتحار وهي بكامل وعيها وإقناعها باختيار الحياة بديلا عن الموت، والحوار بديلا للسيارات المفخخة !

نعتقد أن الوقت قد أصبح متأخرا مع الأسف فعملية الانتحار الجماعي تسير بنجاح ضمن الخطة المحددة وبكفاءة عالية لم تتعود عليها الثقافة العربية ! في العراق تقوم قوى الانتحار بتفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء وهو عمل له دلالته الرمزية الخطيرة، فتقوم قوى انتحارية أخرى بتفجير ثلاثة مساجد للسنة في بغداد وذلك كله بهدف جر البسطاء إلى أتون حرب طائفية انتحارية يعلم الجميع انه لن ينجو منها أحد ولن ينتصر فيها أحد !

وفي لبنان تقوم قوى التطرف والانتحار بدعم إقليمي واضح بتأكيد مبدأ ديمقراطي جديد في الحياة السياسية، ولأول مرة في تاريخ الأنظمة الديمقراطية يتم تغيير موازنة الأقلية والأغلبية البرلمانية بواسطة قتل أعضاء البرلمان وتفجير سياراتهم في عمليات انتحارية تستهدف وقف المحكمة الدولية، وبلا شك فإن القوى الانتحارية التي لطخت يدها بدماء الحريري لن تتردد في تلطيخ دمها بدماء آخرين بعد أن اقتربت ساعة الحقيقة، وأصبحت إمكانية كشف الأوراق حقيقة ماثلة.

وفي فلسطين يصنع الفلسطينيون انجازا انتحاريا غير مسبوق، ويتفننون في ايذاء أنفسهم وقضيتهم، وها هي الحرب الأهلية في غزة قد بدأت بكفاءة عالية. وبعد أن حلف الفلسطينيون في مكة نكثوا عن حلفهم، وبعد أن التزموا في لقاءات القاهرة عادوا عن التزاماتهم، وينسى الفلسطينيون أن الجيل العربي الذي ضحى من أجل فلسطين بآلاف الشهداء العرب، وبعد أن ضحى جيل كامل بالتنمية والاستقرار من أجل فلسطين، فان الجيل العربي الجديد لن يرى في الفلسطينيين سوى نموذج للفوضى والاقتتال، ولا نعتقد أن أحدا سيتحمس لقضية لا يتحمس لها أهلها، ولن يضحي أحد من أجل قضية يتقاتل أهلها كالذئاب في وقت يحاول فيه المجتمع الدولي والدول العربية إيجاد حلول سياسية وإنسانية لمأساة الفلسطينيين، ولا شك أن ما يفعله بعض الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في لبنان هو نموذج لعقلية العبث والاستهتار والجنون !

أمة تنتحر بكامل وعيها، شعوبها تعيش الفقر والبطالة، تأكل ما يزرعه الآخرون، وتلبس ما يحيكه الآخرون، وتستهلك ما ينتجه الآخرون، فأية أمة هذه يقودها الرعاع والمتطرفون والانتحاريون ويجلس بقية أفرادها في مقاعد المتفرجين يشاهدون مباراة الموت بدم بارد.

عن «الشرق الأوسط» 17 يونيو 2007

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى