قصة قصيرة .. نقطة تفتيش

> «الأيام» حافظ مصطفى علي:

> نزل من أمام عجلة القيادة، واتجه نحو الجعبة الخلفية للسيارة فاتحاً إياها أمام الجندي البريطاني المضرج بالعرق والوحل، وبحركة عصبية طلب منه إغلاقها متمتماً ببعض الكلمات السوقية سامحاً له بمواصلة السير متجهاً نحو سيارة أخرى .

تنفس الجميع الصعداء وهم يرون نقطة التفتيش خلفنا، حتى أنا-حينها كنت ابن الخامسة- ظللت صامتاً طيلة مدة مكوثنا في نقطة التفتيش .

«ربنا قادرعلى تخليصنا منهم» قالها والدي بتمنٍّ ورجاء، وبصوت واحد همست جدتي ووالدتي من المقعد الخلفي للسيارة «آمين» .

لم أزل أتفرس في وجوههم وسؤال لم أستطع صياغته وطرحه عليهم بادٍ على ملامحي، هذا ما دفع والدي إلى إيقاف السيارة ليحضنني بحزن وعطف .

تذكرت كل ذلك - وقد بلغت اليوم الخمسين - والتوتر بادٍ على وجهي ونجلي الأكبر بجانبي ننتطر دورنا أمام نقطة التفتيش وفي المقعد الخلفي زوجتي ووالدتي وحفيدي ابن الخامسة، اقتربنا من نقطة التفتيش وإذا بابني يعدل من مرآة السيارة منادياً صغيره الذي اختفى خلف المقعد متكوراً، على الفور نزلت من السيارة - مستغلاً توقفها حينها - وقبل أن أفتح باب السيارة الخلفي لأكسر حدة خوف عهدتها من قبل، أسرع نحوي أحد الجنود شاهراً بندقيته مزجمراً :

ارجع حيث كنت.. يا... ! امتثلت لأمره الأهوج، وعند ارتطام ظهري بوسادة مقعد السيارة نظرت إلى السماء والبحر ونحن نقترب من نقطة التفتيش في جولة كالتكس- متنهداً ومتذكراً والدي- رحمة الله عليه - ودعوته على المستعمر الذي رحل وانتبهت على صوت «آمين»، حينها أيقنت أني دعوت عليهم كدعوة والدي بينما كنت سارحاً في الماضي، ودفعات على مقعدي آتية من الخلف - يرسلها حفيدي المتكور خوفاً- تزداد قوة كلما اقتربنا من نقطة التفتيش .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى