زيادة مساحة الحرية السياسية في الأعمال التلفزيونية المصرية

> القاهرة «الأيام» سلامه عبد الحميد:

> رغم الايام القليلة التي مرت من شهر رمضان إلا أن السياسة كانت إحدى السمات الواضحة للحلقات الأولى من الاعمال التلفزيونية المصرية التي فوجئ المشاهدون بأنها تضم الكثير من الحرية في التعبير عن الرأي لم يشهدها التليفزيون المصري من قبل.

وبينما عمدت رقابة التليفزيون في السنوات الماضية إلى مواقف متشددة تجاه عبارات أو مواقف أو مشاهد وأحيانا مسلسلات بالكامل منها «بنت من شبرا» و«ريا وسكينة» و«حدائق الشيطان» رصدت وكالة الأنباء الألمانية هذا العام الكثير من المواقف التي كانت تعد فيما مضى تجاوزات مررتها الرقابة هذا العام بصورة غير مسبوقة خاصة في أعمال شهر رمضان. البداية مع مسلسل «يتربى في عزو» الذي ضمت الحلقات الأولى منه عددا من المشاهد المثيرة أولها تظاهر طلبة الجامعة ضد الفساد ورفعهم اللافتات المنددة بالفقر والطبقية لكن اللافت أن الطلاب خرجوا إلى الشارع لاستكمال المظاهرة ولم تحذف الرقابة أو تعترض على مشهد خروجهم الذي قام الأمن فيه بضرب المتظاهرين بقنابل الدخان قبل أن يترك الفرصة للجنود لإشباعهم ضربا بالهراوات والعصي.

ثم مررت الرقابة مشهدا يتعلق بتعامل ضباط أمن الدولة مع الطلاب الذين تم القبض عليهم فالضابط الكبير خاطبهم بشيء من التعقل وضبط النفس باعتبارهم طلابا بالسنة النهائية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بينما الضابط الشاب كان له توجه آخر لم ينكره رئيسه عليه حيث أخذهم جميعا إلى الزنزانة لضربهم وتعذيبهم واكتفى بتوجيه سيل من السباب لأحدهم تصادف أنه شقيقه. في مشهد تال ظهر اثنان من الطلاب اللذان كانا محتجزين عقب الإفراج عنهما وكان الحوار مثيرا جدا ومررته الرقابة حيث قال أحدهما للآخر «الثورة لما قامت ما كانش الموجود ده المقصود منها» وكان الرد أكثر مرارة «البلد دي لازم تتهد عشان تتبني من جديد على الحرية والمساواة».

المسلسل كتبه يوسف معاطي وأخرجه مجدي أبو عميرة وبطله النجم يحيى الفخراني وضمت كلمات تتر النهاية التي كتبها له أيمن بهجت قمر وغناها هشام عباس مرارة واضحة حيث تقول بعامية مصرية «عيني عا اللي زمان كانو بيمخمخو/ لو جه زلزال ولا يتلخلخو/ اتغطو الطمو عيطو سرخو/ خليكو قاعدين أنتخو».

وتضيف الأغنية «بتعيد وتزيد في الحضارات/ قوم اعمل حاجة وورينا/ بقى جدك يبني أهرامات/ وعيالك يلعبو في الطينة» ويختم بمرارة أكثر «اعمل حاجة الله يكرمك/ دا احنا كنا كبار لينا هيبة/ هوه انا يعني اللي هافهمك/ جاتنا سبعة وستين خيبة» في اسقاط واضح الدلالة على هزيمة 1967. في الحلقتين الأولى والثانية من مسلسل «قضية رأي عام» للمؤلف محسن الجلاد والمخرج محمد عزيزية لفت المسلسل في تفاصيل حادثة الاغتصاب التي يدور حولها المسلسل بالكامل إلى أن السبب الرئيسي للحادثة اجتماعي بحت هو التفكك الأسري وغياب رقابة الأهل على الأبناء المدللين لكنه في الوقت نفسه أظهر بشكل غير مباشر غياب التواجد الأمني كسمة واضحة في الكثير من المناطق سواء الشعبية أو الراقية. السيدات الثلاث في المسلسل واحداهن بطلته النجمة يسرا تم اختطافهن من الشارع في منطقة زراعية ونقلهن إلى منطقة راقية وسط صراخهن واستغاثاتهن ولم يظهر طوال تلك الفترة رجل شرطة واحد ثم خرجن نهارا من الفيللا التي تم اغتصابهن فيها إلى الشارع وملابسهن ممزقة وآثار الاعتداء واضحة عليهن حتى وصلن إلى منازلهن في ثلاث مناطق مختلفة من العاصمة ولم يلحظ رجل أمني واحد ما تعرضن له. حتى بعد أن عادت كل منهن إلى بيتها لم نر أيا من الأسر تتوجه إلى الشرطة وهو الأمر الذي تم تبريره دراميا بالخوف من الفضيحة رغم أن زوج البطلة الرئيسية خالف ذلك بمحاولاته البحث عن الجناة بنفسه بشكل يوحي بعدم ثقة الشعب في الشرطة يدعمه أن الطبيبة بدأت بنفسها تحريات عن المتهمين رغم أنها تقدمت ببلاغ رسمي.

أغنية المقدمة للمسلسل أيضا لها حكاية سياسية مررتها الرقابة حيث تقول كلماته التي كتبها جمال العدل وغنتها آمال ماهر «بدل اغتصاب البدن/ بقى اغتصاب للوطن/ من الخونة والفاسدين/ لكن يا طاقة العمل/ جوانا عزم وأمل/ يقدر يهد الجبل/ ويفوق النايمين» ومع ذلك مررته الرقابة.

ومن التعامل المباشر مع السياسة إلى الإسقاطات في مسلسل «الدالي» تأليف وليد يوسف واخراج يوسف شرف الدين وبطولة النجم نور الشريف الذي ضم مشاهد صراع سعد الدالي بطل المسلسل مع مراكز القوى في عهد الرئيس السابق أنور السادات الذين يحاولون جاهدين افشال كل مخططاته للتعمير والبناء لعدم دفعه رشاوي أصبحت عرفا لا يمكن لأحد تجاوزه.

نهاية المشاهد تؤكد أن الأمور لم تتغير كثيرا طيلة تلك الفترة رغم مرور سنوات طويلة حيث لم تمر الأزمة إلا بتدخل الرئيس شخصيا مثلما هو الحال في كل المواقف المستعصية على الحكومة في الوقت الحالي وليست أزمات كثيرة تدخل فيها الرئيس حسني مبارك بنفسه ببعيدة عن هذا المعنى.

واستمرارا لتدخلات مراكز القوى الجدد من رجال الأعمال نجد الملياردير محروس في مسلسل «رجل غني فقير جدا» يقرر طرد سكان جزيرة من الفقراء بالكامل بعد أن اشترى الأرض بمبلغ 15 مليون جنيه فقط لبناء منتجع سياحي فاخر تبلغ قيمته بعد الإنشاء أكثر من مليار جنيه. وكعادته اعتمد النجم محمد صبحي بطل ومؤلف ومخرج المسلسل أسلوبا ساخرا في تناول قضية رجال الأعمال حيث أظهرهم يعيشون في برج عاجي ولا يشعرون ببقية الناس من حولهم حتى أن البطل عندما لا يعجبه عشاءه الذي يمكن أن يكفي حيا كاملا من الفقراء يطلب عشاء فاخرا من باريس على أول طائرة. (د.ب.أ)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى