يمنيات رائدات في الثورة .. بمناسبة الذكرى الـ 45 لثورة سبتمبر

> «الأيام» بشرى العامري:

> لعل أبرز ما يوقف الإنسان للتأمل بهدف المعرفة هو ما قطعته المرأة في ما كان يعرف سابقاً بالشطر الشمالي من تأسيس مساحة ضوء تنير عتمة العقل اليماني، في وقت خطت المرأة في ما كان يعرف بالشطر الجنوبي أبعاداً أوسع مكنتها من ولوج عوالم السياسة والعمل منذ فترة مبكرة، ولكنهما اليوم في وضع يشبه توقف عجلة دفع تطور المرأة.

هنا عرض لأهم ما جاء في كتاب «رائدات يمنيات» للأستاذة رمزية الإرياني، الذي تغوص فيه نحو عالم العمل الذي كان محتكراً للرجال، أن المرأة اليمنية أصبحت تؤدي دوراً اجتماعياً مهماًً في كل المجالات.

ثوريات نقلت المرأة اليمنية من حجر المنفى إلى عالم الحياة الاجتماعية في شتى المجالات منذ انطلاق فجر الثورة المضيء بدءاً بانطلاق أول دفعة من الفتيات نحو التعليم رغم أن السلوك الاجتماعي إزاء تعليم البنات في ذلك الوقت كان متناقضاً مابين مؤيد ومعارض لتعليم الفتاة إلا أن بعضاً من الفئات المتعلمة والمتتبعة للتطور الحديث في العالم قد فرضت التحاق بناتها بالمدارس.

رائدات التعليم الأساسي:

في بداية العام الدراسي 1963م افتتحت أولى مدارس البنات في كل من صنعاء وتعز والحديدة والتحقت الفتيات بمدارس البنين في المدن الأخرى وكانت أول مدرسة بعد الثورة لديها رابع ابتدائي وهي مدرسة تعز ثم صنعاء والحديدة وكانت أول دفعة بنات أكملت المرحلة الإعدادية في العام 70/1969م كما كانت أول دفعة في يمن الثورة للفتيات حاملات الثانوية العامة ودبلوم عام المعلمات في مدينة تعز في العام الدراسي 1973/72م وهن:(أمة السلام علي حميد الشامي، بلقيس محمد الربيع، حورية عبدالله المهدي، رمزية عباس الإرياني، صباح عبدالسلام، عزيزة طالب أحمد، فطوم عبده حسين، فاطمة عبدالله الوشلي، فوزية أحمد محمد نعمان، لطيقة ثابت طاهر ، نورية علي حمد، وهيبة فارع).

أما الدفعة الثانية فقد كانت من صنعاء والحديدة وذلك في العام الدراسي 1974/73م وبلغت 23 متخرجة من الثانوية. وفي مجال التدريس برزت العديد من المعلمات بعد ثورة السادس والعشرين من سبتبمر وبلغ عددهن سبع عشرة مدرسة من المدرسات الأوائل في مجال التعليم منهن أمثال زال الهم الغشم التي بدأت التدريس في مدرسة أروى للبنات في العام 64م وفاطمة عبدالله الخضمي التي تعتبر أول مدرسة يمنية تقوم بتدريب الطالبات على تمارين رياضية بل وتخرج مع طالباتها للاحتفال بثاني عيد للثورة في الميدان لتعرض معهن تماين رياضية وألعابا مختلفة في ميدان الشهداء بتعز، وفاطمة محمد علي سيف التي كان لها دور في تعليم فتيات الحديدة ولاتزال تواصل مسيرتها التعليمية حتى الآن، وفاطمة أبوبكر عولقي التي تعد من أوائل اليمنيات المهتمات بالتعليم.

وفي مجال محو الأمية كانت هناك رائدات في هذا المجال منهن رؤوفة حسن الشرقي وفاطمة فاضل التي تعد من أوائل من درس في محو الأمية وحورية المؤيد وفاطمة أبوبكر وفاطمة الحريبي وحبيبة الخمري وصباح شاش وطيبة بركات ونعمة معجم وصباح عبدالسلام وملكة عثمان وفتحية النظاري.

رائدات التعليم الجامعي

كانت أول خريجة تصل إلى اليمن هي فتحية الجرافي خريجة آداب إنجليزي في جامعة القاهرة وقد ذهل الناس لحصولها على شهادة جامعية لأنه في ذلك الوقت لم تكن الفتاة في الشمال تحمل مؤهلاً جامعياً، ثم جاءت بعدها ليلى يحيى الوادعي التي تخرجت بعدها بسنوات قليلة في جامعة القاهرة أيضاً وتضاف إليهما خديجة علي المؤيد فقد تخرجت في كلية الآداب جامعة القاهرة لتكون ثالث خريجة في يمن الثورة تحمل مؤهلاً جامعياً.

وفي بداية السبعينات بدأ التفكير بإنشاء جامعة في صنعاء لتكون ثمرة من ثمار الثورة الخالدة وفتحت أبوابها لجميع الطلاب والطالبات في شهر نوفمبر 1970م ليسارع البعض بإلحاق بناتهم بالتعليم الجامعي. ولو عدنا إلى إحصائية بداية العام الجامعي 1971/70م لوجدنا أن كلية الآداب قد بدأت بأربع فتيات وبعد أن افتتحت كلية الطب لوحظ إقبال كبير للطالبات ويكفي الفتاة فخراً أن أول دفعة تخرجت في كلية الطب جامعة صنعاء كانت الأولى على الدفعة فتاة وكان عدد المتخرجات ثلاث عشرة فتاة من مجموع الخريجين والخريجات الذين بلغوا ثلاثة وعشرين خريجاً وخريجة. أما بالنسبة للرائدات في مجال التدريس في الجامعة والحاصلات على رسائل الدكتوراه في مختلف العلوم والآداب فقد كانت أول دكتورة جامعية هي الدكتورة عزة محمد عبده غانم حصلت على الثانوية العامة من كامبردج عام 1960م ثم الثانوية العليا من بريطانيا عام 1962م ثم ماجستير رياضيات وعلم نفس منذ جامعة أيردين اسكتلندا عام 1965م ثم دبلوم تربوي عال من جامعة لندن 1966م ثم دكتوراه تربية خاصة من جامعة كارديف ببريطانيا عام 1984م وهي أول يمنية تعين مدرساً مساعداً في جامعة صنعاء ثم عضواً في هيئة التدريس بجامعة صنعاء، وتأتي كل من الدكتورة نورية علي حمد والدكتورة أمة الرزاق علي حمد والدكتورة وهيبة فارع والدكتورة عزيزة طالب أحمد على رأس قائمة الأوائل في هذا المجال.

رائدات في مجال الصحة

تعتبر عاتكة الشامي من الرائدات والأوائل في مجال التمريض حيث كانت مديرة مدرسة التمريض وكانت تعمل هي ومعها بعض النساء في هذا المجال وفي أثناء حرب السبعين كن يستقبلن العديد من الجرحى ويعملن ليل نهار دون كلل في سبيل أنقاذ الجرحى والتخفيف عنهم فهناك سيدة العلفي وأمة الغفور بنت سيف الحق إبراهيم وآمال الشامي التي عملت في مدرسة التمريض كمدرسة للمرحلة التحضيرية، كما كان هناك سيدات يمنيات تواقات للعلم والعمل خصوصاً في مجال التمريض.

وتعتبر الدكتورة فاطمة إسماعيل الأكوع أول فتاة يمنية تمتهن مهنة الطب وعينت في مدينة الحديدة لمدة عام ثم انتقلت مع زوجها إلى صنعاء لتعين في قسم التوليد حتى عام 1975م ثم سافرت إلى الاتحاد السوفيتي للتخصص فحصلت على درجة الماجستير لأمراض النساء والولادة من جامعة ليننجراد عام 1977م ثم عادت إلى اليمن لتعين في مستشفى الثورة العام حتى 1988م ثم نقلت إلى مستشفى السبعين التخصصي للولادة ولاتزال تعمل فيه حتى يومنا هذا.

وفي مجال الصيدلة فقد كانت الرائدة في عالمها الدكتورة زينب شاذل التي حصلت على بكالوريوس الصيدلة والكيمياء الصيدلية من جامعة القاهرة عام 1969م وعادت للعمل في الحديدة لمدة عام ثم حصلت على منحة إلى ألمانيا الشرقية وعادت عام 1971م للعمل في مجال الصيدلة في تعز حيث عينت مديرة للتموين الطبي والصيدلي حتى عام 1979م ثم حصلت على ماجستير تحاليل طبية من كلية الطب جامعة القاهرة كما أنها تعتبر أول فتاة يمنية تعد بحثاً حول العلاقة بين مرض السكر وسل العظام والمفاصل في عام 1978م.

رائدات في السياسة

تعد رمزية عباس الإرياني أول امرأة يمنية تقتحم هذا المجال واقتفت أثرها نورية عبدالله الحمامي لتكون ثاني فتاة في عالم الدبلوماسية، وفي الجانب السياسي بدأت مشاركة المراة اليمنية في الحياة الديمقراطية في انتخابات مجالس البلدية في عام 1981م حيث ترشحت عشر نساء لخوض التجربة الانتخابية وقد حصلن على أصوات غير متوقعة وفازت ثلاث في المجلس البلدي واثنتان في الاحتياط.

رائدات العمل الاجتماعي

في العام 1965م وصلت إلى تعز ومن ثم إلى صنعاء الأخت رضية إحسان ترأس وفد الاتحاد النسائي الجنوبي آنذاك ودعت إلى تكوين جمعية نسائية لتكون نواة الاتحاد النسائي. ورضية إحسان تعتبر أول فتاة يمنية تعمل على تاسيس اتحاد نسائي يمني، وأول من خرجت بمظاهرة تدعو إلى نبذ التخلف ومحاربة الاستعمار البريطاني في المحافظات الجنوبية من الوطن وأول فتاة تقف في صنعاء وتعز بعد الثورة وتخطب في وسط مظاهرة كبيرة تدعو لتعليم المرأة وتأسيس جمعيات نسائية وأول امرأة يمنية تذهب إلى جميع المناطق اليمنية وحتى النائية منها لتجمع الزي الشعبي لتحافظ على التراث اليمني الأصيل. وهناك الكثير من الرائدات في المساهمة بتأسيس جمعيات نسائية أمثال عائكة الشامي وفاطمة أبوبكر ناصر عولقي وأمة الرحيم إسماعيل الجرافي وفوزية أحمد محمد نعمان وطيبة محمد ناجي بركات وسعاد محمد إسماعيل العبسي وبفضل أولئك الرائدات تأسست الكثير من الجمعيات في كل من تعز والحديدة.

رائدات إعلاميات

كان أول صوت نسائي هو صوت أم اللقية حيث اطلت على المرأة اليمنية من إذاعة صنعاء لتبشرها بدخول المرأة اليمنية الجديدة في مجال الإعلام ثم مالبثت الأصوات النسائية أن توالت من إذاعتي صنعاء وتعز فكانت فوزية الرموش وفوزية جبران وزهرة طالب وفاتن اليوسفي وأنيسة محمد سعيد وصفية محمد صالح العنسي والكثير من الأصوات التي كانت تستمر لفترة تم تختفي لتظهر أصوات أخرى.. وعندما ظهر التلفاز كان أول وجه نسائي يطل من الشاشة الصغيرة هو وجه فاتن اليوسفي لتصبح أول فتاة تربط برامج مذاعة مرئية وتظهر على الشاشة لتذيع نشرة الأخبار على الهواء مباشرة، لتأتي بعدها أمة العليم السوسوة وبلقيس وأخريات ليكن رسل أحداث العالم إلى المشاهد والمستمع.

وفي مجال الصحافة كانت أول صحفية محترفة هي رضية إحسان حيث كانت تشرف على ركن المرأة في صحيفة «الثورة» عام 1978م وأيضاً محررة لعمود ثابت في نفس الصحيفة، بعد ذلك تولت رؤوفة حسن الشرقي رئاسة قسم التحقيقات وتولت عموداً بعنوان «رؤية للتأمل» كما كانت أول خريجة إعلام تتولى قسما بالصحيفة وأول عضوة في الهيئة الإدارية لنقابة الصحفيين. أما أمل اللوزي فقد عملت بقسم التحقيقات في جريدة «الثورة» إلا أنها توفيت قبل أن تكمل العامين منذ توليها العمل في ذلك القسم.

وهناك أقلام نسائية كثيرة تناولت شتى القضايا الاجتماعية والسياسة الفكرية والأدبية والتربوية. وتعد أيضا سيدة يحيى الهيلمة أول رئيسة تحرير لأول صحيفة نسائية يمنية خاصة تسمى «المرأة» التي صدرت في مطلع التسعينات من القرن الماضي ومازالت تصدر حتى اليوم بمظهر قشيب ومميز ومهنية نسائية محترفة وعالية.

أما في مجال الرواية والقصة القصيرة فقد كانت الريادة لرمزية الإرياني فهي أول امرأة تكتب رواية وتنشرها عام 1970م بعنوان «ضحية الجشع» إضافة إلى القصص القصيرة منها قصة قصيرة بعنوان «علّه يعود» بعد ذلك ظهرت العديد من الكاتبات للقصة القصيرة من خلال الصحف اليومية.

أما في مجال المسرح والتمثيل فكانت زهرة طالب أول ممثلة مسرحية في اليمن، وأول طفلة تقدم برامج الأطفال هي أمة العليم السوسوة عندما كانت في الصف الرابع الابتدائي حينها أعلن عن مسابقة في الإذاعة لاختيار ممثلي برامج الأطفال فنجحت بالمسابقة بالإضافة إلىأنها كانت تلقي الخطابة والشعر منذ صغرها وبصوت عال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى