«الايام» ترصد معاناة أهالي وادي المسيمير في حلقات ..منطقة جاودون خطت حروفها بحبر المعاناة وأدرج اسمها في ملف الإهمال والنسيان

> «الايام» محمد مرشد عقابي:

>
جانب من مساكن منطقة جاودون
جانب من مساكن منطقة جاودون
جاودون منطقة جميلة الملامح، لكن جمالها لم يجنبها نيران الظلم ولم يجن لها المشاريع ويفتح لها آفاقاً أرحب لاستقبال خيرات الثورة والوحدة,منطقة جاودون جردت من كافة بوادر المشاريع وحرمت من ملامسة أو شم ريح المنجزات الوحدوية.. إنها منطقة في عالم آخر معزول عن المشاريع، وأيادي السلطة المحلية بعيدة عن تفقد آلامها ومعاناتها.. لم تبتسم لها أبراج الحظ لينعم أهاليها بحقوق العيش الكريم المكفول لهم.

«الأيام» كان لها دور في تشخيص بعض أعراض معاناتها لعل وعسى أن ترشد وتبين للمختص بالعلاج مكامن المرض وطرق علاجه.. فإليكم الحصيلة.

غياب تام للمشاريع

منطقة جاودون ذابت بين ضلوع الإهمال وتجرعت من كأس المرارة.. الفقر المدقع يعتبر علامة عيش أبنائها، وانعدام المشاريع الحيوية والتنموية أبرز سماتها، منطقة يلعق أهاليها جرعات المآسي المتمثلة بالجهل والمرض والغياب التام لسبل العيش الكريم.

وللخوض أكثر في معاناة المنطقة تحدث إلينا شيخ المنطقة عبده صالح علي بعبارات يكسوها التذمر قائلاً: «إن المشاريع الأساسية كالماء والكهرباء وبناء المدارس والوحدات الصحية والمحافظة على الأراضي الزراعية من عبث السيول - وهي التي من البديهي توفرها - معدومة، بل وأصبح من المستحيل توفيرها بعد أن اصطدمت جميع مطالب واستغاثات المواطنين منذ عقود من الزمن بمطب التجاهل واللا مبالاة الذي تبديه الجهات المسؤولة في المديرية». وأضاف: «صحيح أن بعض المشاريع لا يمكن توفيرها بين يوم وليلة، لكننا نعاني الأمرين منذ أزمنة سالفة ولم يتم أعطاؤنا ولو جزءا بسيطا من نعم المشاريع المفروض عليهم توفيرها لنا كالماء، وكذا المحافظة على ما تبقى لنا من أراض زراعية من جرف السيول».

وواصل حديثه بالقول: «نستغرب من عدم توفر الحد الأدنى من حقوق المواطنة العادلة والمتساوية، فنحن بشكل عام في مديرية المسيمير نفتقر لابسط مقومات العيش الكريم التي تميز الإنسان عن الحيوان، فالكهرباء تمر فوق أراضي وجبال وتلال وهضاب مديريتنا لتضيء المناطق من حولنا بينما نحن مكتوفو الأيدي فاقدو العزيمة والإرادة ولا أحد يحمل همنا وقضايانا أو يوصل رسائل معاناتنا إلى كل ذي أمر، غير الحبيبة صحيفة «الأيام» هي الوحيدة التي عهدها الصغير قبل الكبير والغني قبل الفقير تلامس هموم وقضايا المواطن في جميع أرجاء الوطن وتحملها بضمير إنساني حي وتوصلها إلى كل من يمتلك القرار».

هموم متراكمة وأحزان دفينة

> «إلى متى سنظل نلف وندور حول دائرة مفرغة ومظلمة لا يجد فيها الإنسان ما يجب أن يتوفر له ولأسرته وأطفاله من سبل يسيرة للعيش الكريم ليهنأ بحياته في بلاده ووسط أهله وذويه وأصدقائه» كانت تلك كلمات المواطن علي عبدالله التوم في بداية حديثة لنا. وواصل حديثه بالقول: «كم يتمنى المرء أن يهنأ بحياة سعيدة وكريمة يرى فيها قريته أو منطقته تنعم بخيرات وطنه، إنها لحظات يصعب وصفها على أي لسان».

معاناة الأطفال في جلب مياه الشرب من الوديان على ظهور الحمير
معاناة الأطفال في جلب مياه الشرب من الوديان على ظهور الحمير
وأضاف: «الحال البائس يتسيد جميع مناطق المديرية اليوم.. ورغم أن منطقة جاودون تزخر بغطاء نباتي وجبال مكسوة بثوب الخضرة والجمال، فإن ذلك لم يساعدها في كسب ود المسؤولين، ولم تعمل كحلقة وصل للفت نظر الجهات المختصة في المديرية للتحرك حتى للحفاظ على الأراضي الزراعية المعرضة للخراب وجرف السيول».

واستمر التوم في حديثه قائلاً: «إلى جانب إهمال الأراضي الزراعية، فالمنطقة محرومة حرماناً تاماً من المشاريع في جوانب الصحة والتعليم، فلا مدارس ولا وحدات صحية ولا يحزنون».

وتساءل قائلاً: «إلى متى يغيب من يتوجب أن يأخذ بأيدينا وينقذنا من دوامة التخلف والجهل والظلام؟».

المواد الغذائية عوائق إيصالها تسبق عوائق شرائها

يعيش أبناء منطقة جاودون في ضنك تحت مظلة الإهمال، فلا طريق بمواصفات معروفة تربطهم بعاصمة المديرية ولا مياه صالحة للشرب، والطريق الموصلة إلى عاصمة المديرية التي يسلكونها لقضاء حاجياتهم طريق وعرة تنهك فيها قوى المسنين والعجزة، ولا تصلح للسير عليها لخطورتها على الحياة، طريق رسمت منذ عهود قديمة بإطارات سيارات الأجداد وإلى الآن لم يتم وضع طريق ملائمة بمواصفات سليمة لهذه المنطقة التي يحلم المواطن بإيجادها لتعود بالنفع على مواطني المنطقة وعلى جميع أهالي المناطق المجاورة والمحيطة بها.

وحول مصاعب السير على هذه الطريق وآثارها تحدث إلينا الحاج علي السلطان قائلاً: «الطريق كما هو متعارف عليه شريان الحياة، ووجودها يعني قدوم الخير لأبناء المنطقة وبادرة مهمة لولادة أي مشروع».

وأشار في حديثه بالقول إلى «إن منطقة جاودون ترزح منذ زمن بعيد تحت وطأة المعاناة، فلا طريق صالحة ولا غيرها من المشاريع الإنسانية والتنموية».. وواصل قائلاً: «إن هذه الطريق أصبحت تمثل لنا أضعاف المعاناة كونها لا تمت لمسمى الطريق الصحيح بأي صلة، إلا أن المواطن في المنطقة يعتمد عليها اعتمادا كليا لإيصال حاجياته وضرورياته من عاصمة المديرية.. ورغم قرب المسافة إلا أن المواد الغذائية ومواد البناء وغيرها من احتياجات المواطن تصل إلى المواطن في المنطقة بأضعاف أسعارها نتيجة صعوبة الطريق التي تعيق حركة السيارات وتأكل إطاراتها، وهي عامل مسبب للعديد من الحوادث لكل من يقصد السير عليها».

وطالب في ختام حديثه كل من لديه رحمة «أن ينظر إلى حال أهالي جاودون وحال أطفالها بمقياس العدل والرحمة ويوفر لمنطقتنا ولو بعضا مما تستحق أن تناله من خيرات ومنجزات الثورة والوحدة».

شذرات من المعاناة

تدهور مستوى الخدمات التنموية والحيوية لا يتوقف عند منطقة جاودون بعينها، بل يجتازها إلى جميع المناطق المجاورة لها المنتمية جغرافياً لمديرية المسيمير، فالتخلف وتدني المستوى المعيشي وغياب الكهرباء والماء وانعدام وسائل الحفاظ على الأراضي الزراعية كلها صور ملموسة على أرض الواقع، ولوحات جزئية مما يعانيه أبناء مديرية المسيمير جميعا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى