دمنة خدير:خارج نطاق التغطية في خارطة الوطن ..الصحة في الحضيض .. النطافة يرثى لها والتعليم يتقدم إلى الوراء

> «الأيام» رياض الأديب - أنيس منصور :

>
سوق القات بدمنة
سوق القات بدمنة
تتبع دمنة خدير عزلة خدير المسلمي في مديرية خدير التابعة لمحافظة تعز، والتي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد متوسطة ثلاث محافظات هي إب ولحج والحديدة، وتقع مديرية خدير في اطار الجزء الشرقي لمحافظة تعز يحدها من الشمال مديريتا ماوية والمسرخ ومن الشرق مديرية القبيطة التابعة إداريا لمحافظة لحج ومن الجنوب مديرية الصلو وحيفان ومن الغرب مديريتا المسراخ والمواسط، ويقدر سكان المديرية بحوالي 104391 نسمة وفقا للاسقاطات السكانية لعام 2000م، وبكثافة سكانية تقدر بحوالي 227 فردا في الكيلو متر المربع.

ونسلط الضوء في هذا الاستطلاع على دمنة خدير (مركزالمديرية) التي تقع على الطريق الرئيس الذي يربط محافظة تعز بمحافظة عدن، الأمر الذي جعل منها نقطة التقاء ووصل لأكثر من مديرية مجاورة تابعة إداريا لمحافظة تعز .

ولأن البنية التحتية والخدمات الاجتماعية من المتطلبات الاساسية لإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية ترتقي بالانسان اليمني وطاقاته إلى مستوى ارحب نجد في الوقت نفسه أن دمنة خدير خارج نطاق تغطية هذه المتطلبات، وإن لم نكن منصفين إذا قارناها بالعصور الوسطى فان إنصافنا سيكون اكثر واقعية إذا قورنت بعصر الإمامة البائد .

الصحة في دمنة خدير

بما أن الصحة تعد من الركائز الأساسية لاحداث تنمية مستدامة إلا أن الواقع في دمنة خدير يرجعها إلى المرتبة التي تقع في النهاية في ظل غياب أبسط الخدمات الصحية التي تقدم لابناء هذه المدينة والمديريات المجاورة لها، فلا مستشفى ولا مركز صحي متقدم باستثناء مستوصف الدمنة الذي يعد لناظريه من الوهلة الأولى انه في سباق مع الزمن لتكون المفاجأة التي تعقد الألسن عند الولوج إليه أنه عبارة عن خشب مجوف من الداخل .. مرضى بالعشرات وأطباء لا يتجاوز عددهم اثنين وربما ثلاثة، وليس هناك أشعة باستثناء بقايا هيكل لجهاز أشعة يعود إلى العصور القديمة، ولا مختبرات حديثة، ولا صيدلية ولا أدوية مجانية اساسية ولا إسعافات اولية ولا قسائم للتحصيل ولا نظافة ولا..ولا...إلخ.. أوضاع يندى لها الجبين في مرفق يفد إليه بنو البشر يلتمسون العلاج واليد الحانية من الطبيب، فالجريح عليه شراء القطن والشاش من خارج المستوصف، والمختبر يعود ملكه لمخبري لقاء نسبة 50 % من تكاليف الفحص التي يدفعها المريض، والفحوصات بالكاد تتمثل في الأساسيات (الدم، البول، البراز) في ظل غياب مختبرات حديثة لإجراء الفحوصات الزراعية والكيميائية.

في هذا الصدد تحدثت الدكتورة جنات، مديرة المستوصف بالقولالمستوصف يعاني نقصا حادا في الأجهزة الحديثة والمعدات والادوات الطبية اللازمة التي تؤهله لأن يكون مستشفى ريفياً جديراً بخدمة أبناء المنطقة، اضافة إلى عدم وجود الميزانية الكافية لتأهيل المستوصف مقارنة بالمبلغ المعتمد المقدر بثلاثين 30 الف ريال كل ثلاثة أشهر» متسائلة: «ماذا سأعمل بمبلغ زهيد كهذا خاصة وأني متعاقدة مع خمسة عاملين: عامل النظافة، السائق، حارس، مراسل، ممرضة؟ اضف إلى ذلك صرفيات سيارة الاسعاف وإصلاحها من هذا المبلغ» مبدية عدم ارتياحها من الأوضاع التي يمر بها المستوصف في ظل دخل ضعيف نتيجة لعدم إقبال المرضى الذين يذهبون إلى العيادات الخاصة باستثناء الفقراء، الأمر الذي يدفعها في الكثير من الأحيان إلى استقطاع جزء كبير من مرتبها لإصلاح بعض الاجهزة كجهاز الموجات مؤخرا.

وأشارت إلى أنه طفح الكيل ونيتها تقديم الاستقالة في ظل استمرار الأوضاع المتردية وعدم التجاوب معها من قبل مدير مكتب الصحة بالمديرية بتقديم أجهزة حديثة ومعدات طبية لازمة لإدارة المستوصف، علاوة على اعتماد ميزانية كافية ترتقي به كمستشفى يقدم خدمات طبية متكاملة للمواطنين، وتوفير الادوية الاساسية كعلاجات تنظيم الاسرة والسكر والكبد البائي».

مستوصف دمنة
مستوصف دمنة
المستوصف لا توجد به نوبات مسائية والمرضى الذين تسوء حالتهم يتم تحويلهم إلى محافظة تعز وإلى مستشفى الراهدة في ظل غياب الأدوات والكوادر الطبية المتخصصة والكوادر الصحية المساعدة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن سكان المديرية والمديريات المجاورة يعانون انتشار بعض الأمراض المزمنة والمستوطنة كالملاريا، البلهارسيا والطفيليات المعوية، الكبد البائي والدرن. كما تعاني المرأة وخاصة في الريف والمناطق النائية من أمراض عديدة من بينها أمراض فقر الدم خلال فترة الحمل وانخفاض معدل الرضاعة الطبيعية وذلك نتيجة لنقص التغذية من ناحية وتدني خدمات الامومة والطفولة وضعفها بما في ذلك غياب خدمات التوعية والارشاد الصحي.

وتعاني النساء أمراضا أخرى ناتجة عن تلوث المياه مثل مرض تضخم الطحال والبلهارسيا، وخاصة بين النساء المقيمات بالقرب من المستنقعات المائية ووداي ورزان.

أوضاع التعليم

تتوفر في دمنة خدير خدمة التعليم إلى المرحلة الثانوية، وتكاد تكون هذه الخدمة الهامة مهملة في المدينة وخارج نطاق تغطية وزارة التربية والتعليم والمركز التعليمي في المديرية، فالعام الداراسي الجديد 2007 -2008م الذي بدأ في كل أنحاء الجمهورية نجده قد تريث في دمنة خدير وفق أهواء القائمين على المدارس في ظل غياب مجلس الآباء، وبمجرد أن تفتح المدارس أبوابها في هذه المدينة تجد الطلاب يذهبون إليها بنفوس غير مطمئنة ولسان حالهم «من جد واجتهد ليس كمثل من دفع ورقد» في إشارة إلى التعليم في ظل سياسة (النجاح للجميع والعلم لمن أراد).

ويرجع المدرس فهد السامعي هذه الأسباب إلى عدم نية الطلاب في الدراسة باستثاء بعض الطلاب، وهم قلة، اضافة إلى عدم المتابعة الجادة للطلاب من قبل أولياء الامور، ويعزو الأسباب إلى الظروف الاجتماعية كعدم تحديد النسل وكذلك إلى الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها الكثير من الاسر.

هذا هو حال التعليم في دمنة خدير، والذي تجاوز المقبول إلى اللا معقول، فالجودة في التعليم منعدمة والإناث ليس لهن نصيب ولا حظ وافر من هذه الخدمة، والمشكلة تتمثل في عدم كفاية عدد المدرسات، وازدحام الطلاب في المدارس اضافة إلى تهالك بعض المباني المدرسية نظرا لغياب عمليات الصيانة، إلى جانب عدم توفر الأثاث المدرسي في بعض مدارس دمنة خدير.

البيئة

تعد دمنة خدير منطقة مهمة، وإليها يتوافد الكثير من المواطنين من المديريات المجاورة وخاصة في يوم الجمعة الذي يقام فيه سوق الدمنة المشهور، الذي تتم فيه عمليات بيع وشراء الثروة الحيوانية وبعض المنتجات الحرفية والمحاصيل الزراعية بما في ذلك الحبوب والخضروات والفاكهة.. غير أن الوافد إلى هذه المدينة - ذات التاريخ العريق والمعالم التاريخية والحضارة العريقة المتمثلة في قلعة أم قريش ومسجد الشيخين وكدرة الذهب وجبل اللؤلؤة وقلعة مسورة (جبل الهجهاج)- يصاب بالاشمئزاز من رؤية مناظر منفرة لنفايات بجوار المنازل ونفايات الاسواق وفي الشارع العام، الذي التقينا فيه بالمواطن رشاد عبد الواحد وهو يدفع أموالا من جيبه لبعض عاملي النظافة مقابل نقل القمامة من الشارع العام، وحدثنا قائلا: «هذه القمامة التي تراها بمجرد أن تتكدس في الشارع يقومون بحرقها الأمر الذي سيؤدي إلى حرق سيارتي التي تعد كل حياتي وحياة أسرتي» وأضاف: «أصيبت سيارتي بعطب في رمضان، وركنتها هنا باعتباره شارعا رئيسيا، وإذا بي أتفاجأ بعد العيد بوجود أكوام من القمامة.. وأتساءل عن دور المجالس المحلية وميزانية النظافة في فاتورة التلفون وجباية رسوم النظافة من المحلات والمطاعم، والقمامة متكدسة في الشارع الرئيسي الذي يمر به الزائرون والمسافرون والسياح كونه يربط بين تعز وعدن».

كان هذا أحد المشاهد في دمنة خدير.. وفي سوق القات حيث يزدحم المكان بالمحلات التجارية والمواطنين، فوجئنا بمحرقة هائلة لأكوام القمامة غطت سحبها الدخانية المنتشرة كل أرجاء المعمورة، وأصابت بائعي القات والمواطنين وأصحاب المحلات والساكنين بجوار السوق بالاختناق، وربما تؤدي إلى أمراض أقل ما توصف به أنها خطيرة.

مختبر دمنة
مختبر دمنة
هي دمنة خدير .. كأن القائمين عليها أرادوا تزيينها وعوضا عن الحدائق والزهور ولكرمهم البالغ أبوا إلا أن يجعلوا من الدخان (بخور العيد) رائحة دائمة للمواطنين.

جزر مهلكة منتشرة وقرى غير مخططة

ما عمدت إليه السفلتة الأخيرة في دمنة خدير من رصف لبعض مداخلها وتوسيع الخط الرئيسي، هذه النعمة في نظر القائمين عليها في المحافظة تحولت إلى نقمة كما يرواها الكثيرون من أبناء دمنة خدير، وخاصة السائقين، فالجزر الخمس التي وضعت على الخط العام ظاهرة للعيان، وقد تهالكت أطرافها بفعل الحوادث المرورية المستمرة والتي أدت إلى خسائر فادحة بالمركبات إضافة إلى بعض المحلات المجاورة كما في الشارع العام حين تفاجأ حمادي، صاحب محل قطع غيار، بسيارة تطير وتحط فوق محله بسبب هذه الجزر، ويعزو البعض ذلك إلى عدم وجود تخطيط سليم، فالسائق عند انطلاقه في هذه الطريق يجد نفسه فجأة وبدون مقدمات أمام جزر عشوائية مما يفقده السيطرة على مركبته، ويؤدي إلى الحوادث المرورية .

كما أبلغ صحيفة «الأيام» مواطنون من قرية مهيس الحي الجديد عن تخوفهم وقلقهم لعدم وجود مخطط لقريتهم، فالبناء العشوائي قد يقيدهم عن الحركة إذا ما أغلقت المنافذ المؤدية إلى منازلهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى