مدارس عُمان تدخل البوابة الالكترونية ..«ايميل» لكل طالب والأسرة تتابعه عبر الانترنت

> «الأيام» عن «الحياة» اللندنية:

>
قبل سنوات قليلة، انطلق نقاش عُماني عام في مفهوم «الحكومة الالكترونية» e-governement، التي يمكن وصفها ببساطة بأنها تقديم الخدمات الحكومية بصورة مباشرة الى المواطنين عبر شبكة الانترنت.

وفي حينه، بدت تلك الحكومة أشبه بحكايات أفلام الخيال العلمي بالنسبة الى الكثير من المواطنين البسطاء الذين سمعوا تلك الكلمة فظنوا أنها ستطبق في كوكب آخر، غير الكوكب الأرضي الذي يعيشون فيه، حيث متابعة تصاعد قيمة رغيف الخبز وزيادة فواتير الخليوي بخدمة بعد أخرى، وارتفاع أسعار الأراضي وقيمة البناء والايجارات، وغيرها من الأمور الواقعية التي تجعل الحديث عن خدمات حكومية تقدم عبر شبكة الانترنت مجرد حلم عابر.

بين الأحلام والوقائع الالكترونية

لم تبق مسألة الحكومة العُمانية الالكترونية مجرد حلم. فمن الناحية العملية، بدأت الخطوات في إتجاه إنشائها بالتراكم في الآونة الأخيرة، فرسمت مساراً واضح المعالم لتحقيقها.

ومن الأمثلة على ذلك، اعتزام بلدية مسقط تنفيذ خطة قوامها تقديم طلبات البناء، وكذلك الحصول على الموافقات المطلوبة، عبر الشبكة الالكترونية. وبات ذلك الأمر من الخدمات التي لا تستدعي وقوف المواطن في طابور طويل. وحدث أمر مُشابه أيضاً مع المصارف حيث يمكن إنجاز المعاملات المصرفية الكترونياً بسهولة تامة.

وأخيراً، انطلق حديث عن تطور لافت يكفل إدخال التقنية الالكترونية الى أساسيات التحصيل الدراسي. ويتلخص الأمر في تخصيص بريد الكتروني لكل طالب، وبصورة إلزامية. ولم يعد هذا الأمر متروكاً للرغبة الفردية، كما لم يعد مقبولاً أن يسمع الطالب بمصطلح البريد الالكتروني من أصدقاء وزملاء لديهم القدرة على اقتناء الحاسوب لأن أسرهم سمحت بذلك. ويأتي هذا التطور بموازاة مشروع آخر تنفذه وزارة التربية والتعليم يقوم على مبدأ «حاسوب لكل معلم»، ينتظر أن ينفذ قبل نهاية العام الحالي.

وتتحفظ وزارة التربية والتعليم عن الحديث عن مشروع «البوابة الالكترونية التعليمية» نظراً الى صعوبة المهمة وتعقيداتها، تفضّل إنتظار ما يمكن تسميته بفترة تجريب ينضج فيها المشروع على مهل، ويتم تسويقه إعلامياً وتربوياً في شكل غير منقوص.

تقوم فكرة «البوابة الالكترونية التعليمية» على وضع كل تفاصيل العملية الدراسية على شبكة الانترنت، ليتمكن الطالب من الحصول عليها عبر موقع تلك البوابة. كما يُخصص الموقع عينه للطالب وولي أمره الجدول المدرسي وجدول الامتحانات وبيانات تسجيل الطالب وتعديل بياناته وتحويله من مدرسة إلى أخرى وغيرها. كما يتيح الموقع أيضاً الحصول على أي شهادة تندرج تحت بند «حسن سير وسلوك» و «بدل فاقد»، إضافة إلى تقرير عن أداء الطالب والاستعلام عن تأخره وغيابه، ومتابعة التحصيل الدراسي والنشاطات التربوية، كل ذلك يحدث عبر الشبكة العنكبوتية، ومن أي مكان في العالم يكون ولي الأمر فيه.

ومن المعلوم أن الإدارات المدرسية في عُمان تعاني من ضعف متابعة أولياء الأمور لأبنائهم بحجج أبسطها «الوقت» وما يندرج تحت الكلمة من مشاغل الحياة المختلفة.

وتعمد غالبية المدارس إلى استدعاء أولياء الأمور لمناقشة أمور التحصيل الدراسي والمشاكل التي يتعرض لها أو يقوم بها الطالب، إلا أنها لا تجد اهتماماً كافياً من أولياء الأمور، الذين ربما لا تصلهم رسالة الاستدعاء، عندما يعمد بعض الطلاب الى إخفائها عن أهله أو سفر والده. وتصل تلك الممارسات الى مفارقة مضحكة - مبكية أحياناً حين يأتي بعضهم بأحد معارفه الكبار في فريق الحارة بصفته أخاه الأكبر، وولي أمره في ظل انشغال الوالد، وتعذر وصوله الى المدرسة.

تفتح هذه التطورات الالكترونية أفقاً قد لا يكون مرآه بعيداً، ولا معايشته مستحيلة. فربما لن ينهض طالب الغد من فراشه بانتظار باص المدرسة، لأن المدرسة تندس في حاسوبه، فيفتح الجهاز ليستمع الى المدرس يشرح المادة عبر بث مباشر منقول لاسلكياً. وكذلك فقد تُجرى الامتحانات عبر هذا السحر الانساني العجيب.

ربما لن نحتاج الى فصول دراسية، وطابور الصباح وسماع النشيد الوطني، والبحث عن طالب غائب، ومدرس مشغول بتفاصيل حياته، مزاجه غير رائق هذا الصباح للشرح والإعادة وبالتالي لتدفيع الطلبة ثمن ذلك المزاج العكر! ولتلافي كل ذلك ما عليهم سوى دخول الموقع portal.moe.gov.om، لمتابعة ما يريدون. ويمنح كل طالب رقماً سرياً يطلع عليه ولي الأمر، من مكتبه، أو غرفة نومه، أو من المقهى، ليعرف موقف ولده دراسياً.

ومن المعلوم أن أجهزة الحواسيب منتشرة في مدارس عُمان، خصوصاً لدى الإدارات التي أدخلت هذا الجهاز المختصر لعمليات كانت فائقة الصعوبة في العملية التعليمية اليومية.

وفي محافظة مسقط على وجه الخصوص لا يكاد يخلو منزل من جهاز كومبيوتر لدى الطلبة الذين يقضون معه أغلب الساعات المُخصصة للدراسة في المنزل.

ومن خلال إدخال عالم الإنترنت في العملية التعليمية يسعى التربويون الى تغيير مفاهيم العلاقة بين الكومبيوتر والطالب، والتي تصب حالياً لمصلحة الألعاب والتسلية. وتحاول المدارس حض الطلبة على استخدام الكومبيوتر في البحوث المطلوبة عبر إفهامهم أن الانترنت تُيسر أمر تلك البحوث.

ويُسر بعض الأساتذة في آذان طلبتهم أنه يكفيهم أن يقصدوا محرك البحث «غوغل» ويضعوا عنوان البحث المُراد ليحصلوا على كميات كبيرة من الأجابات. وبعمليتي القص واللصق تتكاثر صفحات البحث.

وتأتي «البوابة التعليمية» كفرصة أخرى للدخول إلى مجتمع معرفي يعتمد على الحاسوب في اختصار الدورة الزمنية لوقت الإنسان.

وقد تجد مناخاً جيداً في العاصمة والمدن الكبرى، لكن الوضع في القرى البعيدة من مراكز المدن له إشكالياته التي قد لا تنفع معها القرارات والنيات. فقد تحتاج إلى دعم قوي لتوفير المناخ المناسب.

وخصوصاً لجهة توافر جهاز كومبيوتر في بيت شديد البساطة، ووضعه بيد طالب قد يرى شاشته للمرة الأولى على أرض الواقع!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى