الإسلام يرفض التطرف الديني والطائفي والسياسي

> يحيى عبدالله قحطان:

> إن الواجب الديني والوطني والقومي يحتم على الجميع نشر وإشاعة ثقافة التسامح الديني والمذهبي والسياسي، ونعتقد أن ذلك لن يتحقق إلا في ظل التزام جميع علماء الدين والأحزاب السياسية ومؤسسات التعليم الرسمي والأهلي بالثوابت الوطنية والإسلامية والسياسية والتربية الإسلامية القائمة على الوسطية والاعتدال والملتزمة بثقافة التسامح والأخوة والمحبة والوحدة والتراحم والتكافل والثوابت الوطنية ونبذ ثقافة التكفير والتفسيق والإقصاء والتطرف الديني والطائفي والسياسي.

ولا ريب إن ما نراه اليوم من غياب مظاهر التسامح الديني والمذهبي والسياسي إنما يرجع لمخرجات بعض المدارس الأهلية والحزبية والمرجعيات الدينية والسياسية التي لاتلتزم بالوسطية والاعتدال واحترام الرأي الآخر بل تأخذ بمنهج الغلو والتطرف والتنطع والعنف القائم على إلغاء واستبعاد الآخر، وتكفير وتبديع وتحقير وتخوين كل من يختلف معها في الفكر والرأي والمذهب، بل وإهدار دماء المسلمين وغير المسلمين، وهذا للأسف أخطر ما تواجهه بلادنا وأقطارنا العربية والإسلامية.

وخير دليل على ذلك ما حصل في مأرب وصعدة وصنعاء، وماحدث أخيراً من قتل السياح في منطقة الهجرين والتفجير الإرهابي في سيئون أمام مركز الأمن والذي ذهب ضحيته الأبرياء من الأمن والمواطنين وتسبب في تهديم منازل المواطنين وترويعهم، وكشف خلايا إرهابية في حضرموت .. حضرموت الإسلام والسلام بأربطتها الإسلامية المتسامحة وعلمائها الأفاضل الذين نشروا وينشرون الإسلام في أنحاء العالم بالحكمة والموعظة الحسنة، والملتزمين بالوسطية والاعتدال.

إن كل ما يحدث للأسف الشديد لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة تعبئة عقول هؤلاء المتشددين بالدين المغشوش والفكر الممقوت، التي تضطلع بها هذه الفئة الضالة بمرجعياتها الدينية والسياسية ومدارسها المنحرفة عن المنهج الإسلامي المتسامح والتي أساءت لإسلامنا دين الوسطية والاعتدال والرحمة المهداة للعالمين، للمسلمين وغير المسلمين، كما أساءت بأعمالها الإجرامية لشعبنا اليمني المضياف بقتل ضيوف اليمن السياح، يمن الأمن والإيمان، يمن السماحة والسلام .

كما أن ذلك جاء نتيجة فكر دخيل يجب أن يعلم الجميع أن لهذا الفكر مرجعيات تصبغ على نفسها الصبغة الإسلامية ومدارس منحرفة لاتزال تنفث سمومها في أقطارنا العربية والإسلامية وتقوم بتكفير وإهدار دماء كل من يخالفها في مفرداتها العقائدية المتشددة متناسين أن قتل المسلم كفر وسبابه فسوق وتحقيره كبر ولايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، كما جاء في الحديث الشريف.

قال الله تعالى:(من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا).

إنها النفس البشرية لايجوز إزهاقها ظلماً أياً كان جنسها ودينها.

إن هؤلاء الشباب المغرر بهم يعتقدون أنهم بأعمالهم التخريبية والانتحارية وقتل النفس التي حرم الله قتلها سيذهبون إلى الفردوس الأعلى وتستقبلهم الحور العين متناسين قوله سبحانه وتعالى:(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).

ويقول صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، «ولهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل مسلم»، «ومن قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً» أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

لذلك كله فإن واجب علماء الدين والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والإرشادية والإعلامية الرسمية وغير الرسمية والمرجعيات الدينية والسياسية العمل على توحيد وتنقيح وترشيد المناهج الدينية والإرشادية والتربوية وخاصة في المدارس والمعاهد والمساجد والحلقات والزوايا الأهلية وبما يحقق الوحدة الفكرية ويرسخ الوحدة الوطنية والسكينة العامة والسلم الاجتماعي، والعمل على إشاعة ثقافة التسامح والتآلف والتراحم، ثقافة المحبة والوحدة والوسطية والاعتدال، واحترام الرأي والرأي الآخر والتخلص من ثقافة العنف والتشدد والإرهاب ثقافة الإقصاء والتطرف الديني والسياسي والطائفي والسلالي، التي تقوم على إهدار دماء الآخرين ونشر الكراهية بين أوساط المواطنين وتمزيق النسيج الاجتماعي وتهديد السلام العالمي.

كما يجب التخلص من تلك المفاهيم الخاطئة التي التصقت بالإسلام ظلماً وزوراً والإسلام من كل ذلك براء.

وفي الوقت ذاته يجب الحظر على الأحزاب والتنظيمات تسييس الجانب الديني والاستقواء به ضد بعضنا البعض وأيضاً توظيف الدين لأغراض سياسية سلطوية ولما يخدم مصالحها ومطامعها الوصولية الحزبية الضيقة .. فالإسلام أسمى وأرفع من كل ذلك .

وفي الختام ونحن نعيش بقية شهر شعبان المعظم ونستقبل شهر رمضان المبارك شهر الجود والغفران شهر العفو والرضوان شهر التسامح والسلام والإحسان فإنه لايسعنا إلا أن نقدم شكرنا وتقديرنا للأخ الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله على مبادرته الكريمة بإطلاق سراح المعتقلين وخاصة الإخوة أصحاب الرأي المحسوبين على الاعتصامات السلمية في المحافظات الجنوبية.

وكنا على ثقة كما تحدثنا في مقال سابق أن الأخ الرئيس سيبادر بإطلاق سراح الإخوة المذكورين وذلك لما عهدناه بسعة صدره وأنه رجل السلام والتسامح وأن قلبه الكبير وسع ويسع كل اليمنيين.

وبمناسبة عيد «الأيام» الذهبي نقدم تهانينا وتبريكاتنا للأخ العزيز الأستاذ هشام باشراحيل والأستاذ تمام باشراحيل، وكل محرري وكوادر وقراء صحيفة «الأيام» الغراء، والرحمة والغفران لعميد «الأيام» الأستاذ محمد علي باشراحيل، الذي خلف لنا هذا المنبر الحر، إنها «الأيام»، التي أخذت على عاتقها منذ ميلادها قبل خمسين عاماً الالتزام بالنهج الوطني التحرري وبالسياسة العربية التقدمية وانحيازها إلى قضايا مواطنيها العادلة والتمسك بالشريعة الإسلامية التسامحية شريعة الوسطية والاعتدال، وإذا كان هناك من يضيق صدره من الرأي والرأي الآخر الذي تميزت به «الأيام» ويحاول الهمز واللمز على «الأيام» ورئيس تحريرها لإسكات هذا المنبر الحر فإننا نقول إنه في ظل الوحدة المباركة والديمقراطية والشوروية وحرية التعبير لايمكن بأي حال من الأحوال إسكات صوت الجماهير ومتنفس الشعب والرئة التي يتنفس بها، وكما قال صاحب الفضيلة شيخنا محمد سالم البيحاني رحمة الله عليه في تحية شعرية أهداها لعميد «الأيام»:

مرحبا ياجريدة الأيام

يامجال الفكر والإفهام

باشراحيل في عزيمة ماضٍ

ثب إلى المجد مثل وثب الهمام

قد جعلناك مثل همزة وصل

بين أهل البلاد والحكام

حقا إنها «الأيام» المنبر الحر لكل اليمنيين التي ولدت من جديد لتبقى مع ميلاد وطن 22 مايو عام 90م. والله المستعان والهادي إلى سبيل الرشاد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى