أستاذ عبده .. مساء الخير !

> د. هشام محسن السقاف:

> عندما فكرنا في منتدى "الوهط الثقافي - منتدى الفنان ابن حمدون" أن نحتفي بالرواد من أبناء لحج وعدن تحت مسمى "أصالة الرواد .. ووفاء الأجيال" كان المسلك معنوياً أخلاقياً في حدود ما نقدر، على أن نختار الأحياء من هؤلاء الرواد وألسنتنا تلهج بالدعاء لهم وتردد مع الشاعر اللحجي الفذ صالح نصيب - رحمه الله - ما قاله صدقاً (كرموني ونا عيش) من بيت شعري يردده أبناء الوادي تبن حتى اللحظة.
ولما كان الخيار والاختيار تلك الممازجة المملحة بعذوبة تبن وهي تنساب في البحر عدن، لمعرفتنا أن عدن ولحج توأمة لا تكتمل بالجغرافيا فحسب وإنما تتغور وشيجة وقربى ونبضاً وحساً في كل حالات الاجتماع والأدب والسياسة معاً. ومن باب أولى يكون هذا الاختيار متسقاً مع ما نفكر ونحس ونحن نحطُّ رحالنا عند بيت القصيد، بل ونخلع القبعات للأستاذ الكبير عبده حسين أحمد كما فعل ذات مرة نابليون وهو يجوب شوارع برلين التي سقطت تحت سنابك خيوله باحثاً عن بيت محدد فيها، ليقرع الباب ويرفع قبعته حانياً رأسه لصاحب البيت الشاعر العظيم غوته.
الأستاذ عبده حسين أحمد في مدى الكلمة المتوهج شاهد على العصر حقاً، ويا له من عصر ويالها من شهادة حين يكون القلم الثر قد عاصر لحظات الإخصاب الأولى للصحافة العدنية تحت الإدارة البريطانية وتفاعل مع عصره كما ينبغي لشاب تتفتق مواهبه في الكتابة الصحفية والأدبية في ظل التجلي الواضح لعدن المدينة الـ "كوزموبوليتين" التي سبقت جوارها ليس اليمني فحسب بل والخليجي في الريادة الثقافية، ناهيك عن التجارة ومقومات الاتصال الحضاري بالعالم. وعندما يكون الصعود بالكتابة للشاب العدني المكافح مبهجاً وناصعاً - والحديث عن الأستاذ عبده - سندرك أن السبيل إلى ذلك هو التعليم المتاح والموهبة الحقيقية في وقت كانت مجايلته للعمالقة المؤسسين من آل لقمان ثم الباشراحيل الكبير وجرجره وباذيب وسواهم كثير.
وعندما تصاب الحالة الثقافية بتجيير الثقافي للسياسي الضاج بصوت الشعارات الثورية وقد أسدل الستار على مرحلة لتبدأ أخرى أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها قاحلة في مجال الحريات العامة وحرية الكلمة في المقدمة يتوارى القلم إلى حين ليبدأ مع «الأيام» في دورة صعودها الثانية ببدايات دولة الوحدة لتكون إطلالة الأستاذ عبده حسين أحمد في عموده الشهير "كركر جمل" وبمسلك السهل الممتع في الكتابة الصحفية واحدة من تجليات هذه الصحيفة الأثيرة على النفس وهي تشق الحاضر حضوراً غامراً دون أن تتنكر لأصالة الماضي وارتباطه باللحظة القائمة.
ولا يريدنا الكاتب الكبير المحتفى به (الليلة) في الوهط وفي منتداها أن نعرّف هذا الجيل به، ففي كتاباته ما يغنى عن ذلك، ولا أن نشير إلى تنكر الحاضر البائس لمجهودات رجل تربوي وصحافي أفنى عمره في خدمة هذا الوطن دون أن يحضى بحقه من المعاش التقاعدي المساوي والموازي لعمله الكبير والنبيل.
فتحية إليه في ليلة لا نملك فيها إلا التقدير والإعجاب به.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى