كركر جمل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين
عبده حسين
< أنا شخصياً لا أحب ولا أوافق على الاحتفال بالأدباء والشعراء والحكماء ورجال السياسة والصحافة والزعماء الكبار في الذكرى السنوية لوفاتهم.. هذه عادة مرفوضة ومكروهة عند العقلاء من الناس.. فهل كان أجدادنا الأوائل يحتفلون بالموت أكثر مما كانوا يحتفلون بالحياة؟.
< في كل الدنيا وفي كل البلاد العربية والإسلامية يحتفلون بمولد الرسول العظيم.. أي بمولد سيدنا - محمد صلى الله عليه وسلم - لا بوفاته.. والمسيحيون أيضاً يحتفلون بمولد المسيح عليه السلام لا بوفاته.. أما ذكرى الوفاة فهي مسألة عائلية تكتفي فيها الأسرة بزيارة القبر وقراءة الفاتحة على الميت.
< ثم إن الاحتفال بذكرى الوفاة أو بذكرى الميلاد.. هي عادة جديدة.. دخلت علينا في منتصف القرن الماضي.. ففي حياتنا كنا لانعرف أحداً في عدن يقيم الاحتفال بمثل هذه المناسبات.. ثم لماذا نحب الأيام الحزينة.. ونتذكر دائماًَ اليوم الذي مات فيه الحبيب.. ولا نتذكر الأيام الجميلة واليوم المشرق الذي ولد فيه هذا الحبيب.
< كانت الزوجة مثلاً أو الولد أو البنت يحبون الأب ويحبون أيضاً السعادة به وله ومعه.. ويعطونه كل شيء.. يطبخون له طعامه.. ويغسلون له ثيابه.. ويفرشون له غرفة نومه.. وأي شيء آخر.. ويجعلونه حاكماً عليهم ويحبونه بعنف، والذي لا يحب بعنف لا يحب.
< والرجل أيضاً يحب زوجته ويفيدها بكل شيء.. ويشعر بحب زوجته له.. فحياته هي حبها له.. وحياته لاتتسع لحب امرأه أخرى.. وهو لا يريد أن يجرب حب امرأة ثانية.. لأنه يحب زوجته أم أولاده وبناته.. فإذا مات الرجل.. فهل تحتفل المرأة بوفاه زوجها؟.. وإذا ماتت الزوجة فهل يحتفل الرجل بوفاة زوجته؟.
< ومن المؤكد أن الزوجة تكون دائماً سعيدة بصحبة زوجها.. ويهمها أن يبقى الرجل في البيت.. وتتمنى لو كانت تقدر أن تسجنه داخل غرفة.. أي أن يكون لها وحدها فقط.. فلا يرى امرأة أخرى ولايسمع بها.. ولولا حاجتها إلى أن يخرج الرجل للعمل وقناعتها بأنه وجد ليعمل ويلبي طلبات أسرته وتربية أولاده وبناته.. لكان لها شأن آخر معه.
< وهكذا يشعر الرجل بقيمة زوجته ويحبها لصفاء نفسها وانخفاض صوتها والتوافق المتبادل بينهما.. فإذا مات الزوج أو ماتت الزوجة.. فهل يرضى أحدهما بالاحتفال بوفاة الآخر.. طبعاً لا وألف لا.. فالمرأة تقول دائماً لزوجها.. أنت حبي الأول والأخير.. وأنت تاج رأسي.. وأنت الهواء الذي أتنفسه.. والعطر الذي أشمه.. والحرير الذي ألبسه.. واللذة التي أستمتع بطعمها.. والماء العذب الذي استسيغه في فمي.. والفراش الذي أنام عليه بهدوء وسكون.
< ويقول الرجل لزوجته.. وأنتِ كل شيء في حياتي.. أحب عقلك وحكمتك.. وأدرك حساسيتك.. وأقدر روحك.. وأحرص على راحتك وكرامتك.. وأتعذب لعذابك.. وأسمع كلامك.. ولا أقول لك لا، في كل الذي تريدينه أو تطلبينه.. أنا زوجك وصديقك.. وأحب أن أعيش معك في نفس البيت لأراكِ وأرى أولادي.. ولا أطيق الحياة بعيداً عنكم.. بعد هذا كله.. فمن الذي يرغب منهما بالاحتفال بوفاة الآخر؟.
< بقي لماذا لا نعدل عن عادة الاحتفال بذكرى وفاة الرجل أو المرأة.. ونحتفل بيوم مولدهما؟.. فتكون الأيام السعيدة هي الأيام التي تستحق الاحتفال والتمجيد بمولدهما لا بوفاتهما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى