ثنائية العيد والجرعة!!

> عوض بامدهف:

>
عوض بامدهف
عوض بامدهف
العيد أو (هذا هو المفترض فيه) لحظات استراحة قصيرة هانئة يتوقف عندها إيقاع الحياة الصاخب لالتقاط الأنفاس ومحاولة تجديد وتنشيط قدراتنا على تواصل وقائع أداء العطاء الجزيل وبوتائر عالية.
ورعى الله ذلك الزمن من الجميل والأصيل الغابر، حيث كانت للعيد فرحته الخاصة ونكهته المميزة، وكانت القلوب رحبة والمشاعر نقية خالصة والسيادة المطلقة للحب في سائر معاملاتنا الأخوية في رحاب أيام العيد السعيد لفظاً وقولاً وفعلاً.
كما أن الخيارات كانت متعددة ومتاحة وفي متناول الجميع لكي يقضوا إجازة أيام العيد كل حسب رغبته وقدرته وتراوحت هذه الخيارات المتعددة من اللهو البريء والمتعة الخالصة مابين التنزة على الشواطئ والرمال الذهبية والتفسح وسط الخضرة بهيجة الألوان في بستان الكمسري بالشيخ عثمان، أو القيام بمزج متعة التنزة والاستمتاع برؤية مختلف أنواع الحيوانات التي تضمها حديقة عبدالمجيد السلفي للحيوانات في الشيخ عثمان، وهي أول حديقة للحيوانات في اليمن وشبه جزيرة العرب والخليج العربي، كما أنها تعد من أوائل حدائق الحيوانات في الوطن العربي قاطبة، أو الذهاب لمشاهدة أحدث الأفلام العربية والأجنبية والهندية، والتي تتنافس دور السينما في عدن على تقديم عروضها في أيام وليالي العيد السعيد.
ولكن وبعد أن أوقعنا حظنا العاثر في أسر براثن الزمن الرديء الذي أظلنا بظلاله القاتمة والكئيبة لم يتبقى لنا من العيد سوى فرحة ناقصة مشلولة القدرة على الإمتاع وإشاعة البهجة حولنا.. حيث تعطلت معها قدراتنا على التعامل ولو من على البعد مع الفرح والابتهاج.
وكيف لنا أن نحقق ذلك؟؟ ونحن أصبحنا محاصرين وسط دائرة محكمة الإغلاق من الانفلاتات المتنوعة والمتعددة والشاملة لكل شيء من حولنا وقد أحاطت بنا إحاطة السوار بالمعصم.
فالانفلاتات التي انتشرت انتشار النار في الهشيم فهي (أي الانفلاتات) شملت كل شيء وكل مجال بدءا من الأمن والأخلاق والتعليم والصحة ومرورا بالكهرباء والماء والأسعار وتواصلاً بالمجاري والقمامات.
ويبدو أن حكومة الفشل المزمن والشامل استكثرت علينا الاستمتاع ببقايا فرحة العيد فقدمت لنا هديتها العيدية الكئيبة والقاتلة وعلى طريقه (أمر دبر بليل) والمتمثلة في جرعتها السيئة السمعة والصيت التي أطلقت بها أسعار الوقود من عقالها، وبالمقابل أشعلت أسعار كل السلع، حيث مدت هذه الجرعة المقيتة موجة الغلاء الفاحش بدفعة قوية وجديدة لتزيد الفقراء فقرا، علماً أن ثلاثة أرباع شعبنا يقع تحت خط الفقر.
ولا نملك هنا إلا أن نردد البيت الشعري الشهير مع قليل من التحريف للشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي
عيد بأية حال عدت ياعيد
بما مضي أم (للجرعة) فيك تجديد
مع الاعتذار لأبي الطيب المتنبي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى