الخل من نفس المرطبان

> وليد صالح:

> المتتبع للتداخلات السياسية في بلد كاليمن يلاحظ أن هناك سيناريوهات متعددة، لكن كاتبها واحد، أو بمعنى أن صانعها ومخرجها واحد، حتى وإن تغيرت أساليب المخرج في إدارة ذلك العمل وتعددت الحلقات وتوزعت على أجزاء متعددة.
ولنعد بالذاكرة إلى الوارء، إلى البدايات الأولى للنشأة والتكوين، سنلاحظ بأن أوجه الراع كانت واحدةً والخلافات لم تتعدى كونها خلافات تقاسم للأماكن والمواقع، فلم نر منهم - وأقصد بالقول أبناء المذهب الواحد والقبيلة الواحد ة- صراعاً شديداً إلا وتدخلت فيها الأطراف لحله إما في إطار تسوية سياسية أو ذبح كم ثور ونعجة، والمضحك المبكي في الأمر أنهم ومنذ سقوط الملكية ظلوا محافظين على شعرة معاوية - عفواً- سأحرّف هذا القول وأقول حبل معاوية أو سلسلة معاوية، لأن شعرة معاوية لا تصلح في مثل وضع الأسرة الأحمرية، فقد اتفقوا على إزاحة أي عائق يعترض طموحاتهم حتى بات لدى المتتبع أن الأمر لا يخلو من أنه تبادل أدوار وتوزيع مهام، وما شد انتباهي للأمر فيهم هو قدرتهم الفائقة في سرعة تقمص تلك الأدوار وتغيير جلدهم خلال وقت قياسي.
حضرني قول لأحد الساسة، قال: “لو أن رؤساء العالم تعلموا من رئيس اليمن السابق لحافظوا على كراسيهم مدى الحياة”، فعلاً فقد استطاع الرئيس السابق الحفاظ على مكانته الأسرية والقبلية فترة طويلة من الزمن، ففي المساء كان يجمعهم ليوزع بينهم المهام، فهذا يصبح قائداً عسكريا، وذاك زعيماً دينياً له أتباع، وثالث شيخا حزبيا وهو يحتفظ بمكانته كقائد أكبر حزب في اليمن، لتأتي بعدها الثورة أو يأتي بعد ذلك الطوفان.
وبالفعل جاءت الثورة الشبابية وسرعان ما تم الاجتماع وتوزيع الأدوار وتم تقسيم المهام مرةً أخرى، واستطاع القائد أن يوزعهم بطريقة تمكنوا بها جميعاً من احتواء الثورة وتسخيرها لصالحهم بكل اقتدار وحنكة، ومن لم يحصل له على نصيب من تلك القسمة بقي بعيداً منتظرا لساعة البدء في تنفيذ مهمته التي رسمت له سلفاً ولم ينتظر طويلاً حتى أذن له المخرج بالبدء، ويظهر في دور المخلص الوافي بالوعود ويبدأ تنفيذ المهمة.
فكم أنت مبدع أيها المخرج وكاتب ذلك السيناريو، وأشهد لك بأنك فعلاً استطعت وبكل اقتدار أن تسخر الأدوات بشكل جيد، وبطريقة ممتازة لا يمكن لنا إلا أن نقول بشأنها: يا عزيزي كلهم شقاة وأنت كبيرهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى