نداء إلى القيادة السياسية:الخطوط الجوية اليمنية.. أنقذوها قبل الانهيار !

> عبدالكريم حمود الخلقي:

> إن قضية الخطوط الجوية اليمنية هي قضية مصيرية على مستوى الساحة الوطنية باعتبارها مرفقا اقتصاديا وتجاريا هاما، ولها رمزية وطنية خاصة في المجتمع وإن معالجة أوضاعها من منظور تجاري بحت من قبل الدولة بالتأكيد سيفضي الى انتصار الحكمة اليمانية.
ففي حالة الشركة حاليا تؤكد التجربة الواقعية لها أن العوامل الداخلية والمتمثلة في نهج وفكر الإدارة العليا الحالية هو السبب الرئيسى لوصول الأوضاع الى ما هي عليه الآن داخل الشركة، كما أكد التشخيص الدقيق للوضعية الحالية أنها بسبب ممارسة (سوء الإدارة)، فالأمر هنا يتعلق بالإحساس بمدى المسئولية والولاء للشركة ومنهجية الفكر الإداري.. فقد أظهرت نتائج التشخيص التحليلي، مع الأسف، التالي:
الأصل في البداية، والذى لم تستطع فهمه وإدراكه القيادة العليا للشركة هو (معنى الناقل الوطني) أي معنى شركة الطيران الوطني في الدولة الذي له أهميته العظمى التي يتماثل مستوى درجة الأهمية فيه ويرتقي إلى مستوى الهوية الوطنية وعلم الدولة وأنها تعتبر من الثوابت الوطنية التي لا يقبل الجدال فيها، وعدم الإدراك الصحيح لتلك المعاني كانت هي بداية الفشل الاستراتيجى لها.
أما خطورة سوء الإدارة الذي مارسته القيادة الحالية فتمثل في العديد من التجاوزات والاختلالات، ومنها على سبيل المثال كثرة القرارات الخاطئة والتي أفرزت نتائج كارثية مذهلة أدت تأثيرات قراراتها السلبية ذات لنهج الفكرى الضيق والمستجيب للمناطقية والعائلية والحسابات الحزبية الضيقة الى تعميق الانقسامات في أوساط العاملين وزيادة مساحات الرفض لممارسة هذا الفكر الضيق والمتناقض مع مبدأ مرحلة التغيير والتطوير التي تنتهجها بلدنا حاليا.
كما تجلى بوضوح أيضا ممارسة (سوء ادارة المرحلة تجاريا) وذلك من خلال عدم امتلاكها للخطة الواضحة في التعامل مع التحديات وعدم القدرة على التشخيص والتحليل السليم للوضع السابق والحالي الأمر الذى كان له الأثر السلبي الأكبر على مستقبل الشركة، ومن خلال التالي:
1 - انعدام المهارات الفكرية والإدراكية في القدرة على التحليل والإبداع وتحديد المشكلة ووضع الحلول السليمة لها.
2 - انعدام المهارات الفنية في القدرة على القيام بالأعمال التخصصية ووضع البرامج والقيام بعملية الرقابة الصحيحة على التنفيذ.
3 - بالإضافة الى ذلك، فإن الشيخوخة لعبت دورا مهما فيما حدث للشركة، وهو اتباع منهجية التجسس على كل التنفيذيين مما انعكس سلبا في ظهور السخط والسخرية بين الموظفين من جراء انهيار قيم الإدارة وعدم وجود نماذج من المدراء التنفيذيين.
4 - إقصاء وتهميش الكفاءات التجارية والمالية والانغماس في الصراعات بين الحرس القديم والحرس الجديد مما أدى الى بروز الصراعات الداخلية بما لايخدم سير العمل لمصلحة الشركة.
عجزت الإدارة عن خلق وإيجاد علاقات توافقية بينها والإدارات التخصصية الأخرى فانعدم العمل بصورة الفربق الواحد. كل ذلك تسبب في عدم الاستقرار الوظيفى، وما زاد عليه انعدام المعايير والشروط اللازمة للوظائف الخدمية والتخصصية والإصرار على بقاء الفاشلين. كل ذلك نتج عن فقدان الثقة في السوق التجارية وبسبب أيضا سوء تعامل الإدارة المتنوع ماليا وتجاريا مع وكلاء المبيعات الداخلية والخارجية وتدني مستوى الخدمات كان له الانعكاس السلبي على سوق المبيعات مما دفع العملاء للتعامل مع الشركات الأخرى، وأثر ذلك على حجم المبيعات بشكل عام.
عدم القدرة على المحافظة على نسبة عالية من المبيعات في الشبكات العاملة فيها للتشغيل التجاري الأمثل، نتج عنه الفشل في كسب رضا العملاء وعدم القدرة على استعادة الربحية كي تضمن بقاءها ونجاحها.
عدم القدرة على التقليل من التكاليف التشغيلية، ويعتبر هذا النظام من الاستراتيجيات الناجحة من خلال دراسة التكاليف الهيكلية المتوازنة مثل تركيبة الأسطول الجوي وشبكة الخطوط وتكاليف الأنظمة في تصميم الأعمال التجارية والنفقات العامة والتكاليف الخارجية.
إن الأخطر والأسوأ من ذلك كله هو عزوف المسافرين وتفضيل السفر عبر شركات الطيران الأخرى بسبب السلامة ووصول الركاب الى مقاصدهم بسلامة دون أدنى مخاوف تعرض حياتهم إلى الهلاك كون شركات الطيران تتنافس في المقام الأول فيما بينها في موضوع السلامة، وهذا ما افتقدته الشركة خلال مسيرتها الماضية مما جعل المسافر يخضع للاختيارات الأخرى، إلا من اضطر منهم بكل أسف، والأحداث والوقائع مليئة بالإثباتات.
وأخيرا لم تستطع الإدارة إنشاء مصادر دخل إضافية من خلال استثمار العلاقات بين الشركات المربحة بشكل أكبر وذلك بتحسين برامج الطيران المعتادة وزيادة الإيرادات من خلال الخدمات المساندة وإنشاء علاقات تجارية جديدة.
وكما في الجانب الإداري لم تستطع الإدارة العليا تصميم الهيكل الإداري المناسب للشركة في مراجعة كل المستويات الإدارية الموجودة حاليا وتحديد مساهمتها لتحقيق أهداف الشركة.
- والواقع الذي لا يستطيع أحد تجاهله هو أن هذه القيادة قد اثبتت التجربة زيفها وجهلها في المعرفة والقيادة وهمها الرئيسي فقط هو الانتقال من مربع الحفاظ على الشركة إلى مربع الحفاظ على بقائها، فهي تمتلك طموحات شخصية على حساب سمعة ومستقبل الشركة، وهم بذلك يمثلون الخطر الحقيقي على الشركة وموظفيها. وعليه، فقد آن الأوان للقيادة السياسية في الدولة أن تقتلع هرطقاتهم من جذورها وحتى تكون سقطتهم كالعادة مهشمة للعظام. مع التأكيد والتذكير للقيادة السياسية بأهمية الاختيار في التعيين وبعدم تكرار الحالة كسابقتها، وهي الحالة التي جاءت بها المصادفة البحتة للتربع على قيادة الشركة ولم يتم التعيين على الأساسيات والمعايير العلمية والاقتصادية لإنقاذ الشركة من الانهيار بمن فيها.
وتلك هي المسؤولية النهائية للقيادة السياسية العليا في هذا البلد العزيز علينا جميعا.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى