الـمجلــس الــتشــريعــي العــدنــي 1959م

> نجمي عبد المجيد

> يعد المجلس التشريعي العدني كسلطة برلمانية حالة سياسية متميزة في تاريخ عدن في تلك الحقبة، فدخول هذا الشكل من نظم الحكم إلى جزيرة العرب في حقب كانت عدن هي المدينة الوحيدة التي قامت فيها مؤسسات المجتمع المدني، يدل على أن أسس المعرفة في قيادة هذا العمل قد مهد لها على مستويات عدة، واستطاع هذا المجلس التدرج في مهامه مع تواكب أحداث المراحل، ومنذ افتتاحه في 6 يناير 1947م وحتى عام 1966م حقبة من حركة العمل السياسي والبرلماني في هذه المدنية.
وهذه التجربة لم تنل موقعها في مجالات الدراسات السياسية والتاريخية لدينا حتى الآن إلا في بعض الكتابات الساعية إلى تقديم معلومات عن هذا المجلس، ولكن يظل الطموح السياسي والتاريخي في قراءة وثائقه ودراسة فتراته من الحقوق المكتسبة في صلة عدن مع العمل البرلماني وموقع الريادة في زمن أطلت عدن فيه على العالم، وهي مدينة تلقى فيها ثقافات وأديانا وأعرافا وأفكارا جعلت منها كونية الاتصال مع الغير، وهنا نقدم بعضا من حوارات هذا المجلس كي نعيد النظر في مركزية عدن في العمل الذي يجعل من لغة الحوار ثقافة سياسية تعزز مفاهيم الوعي في قيادة المجتمع، وهنا نخلق صلة الوصل بين الفرد والتاريخ عبر إعادة قراءة السابق.
**الملحق (د)**
**المجلس التشريعي الثالث
الدورة الأولى - الاجتماع الأول - الجلسة الرابعة
**أسئلة وأجوبة**
16 فبراير 1959م
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجهاً السؤال إلى السكرتير العام:
(43) ما هي الأسباب التي دفعت الحكومة إلى القيام بعمليات التسفير والاعتقال خلال الأشهر الماضية إثر إعلان حالة الطوارئ وبعد الحوادث التي وقعت في 31 أكتوبر 1958م، وما هو عدد عمليات التسفير والاعتقال خلال هذه المدة؟ ولماذا لا تقوم الحكومة بالإفراج عن أولئك المعتقلين وإلغاء أوامر التسفير خاصة وأنه لم يعلن رسمياً بأن التهم الموجهة ضدهم قد أثبتت؟
أجاب السيد جاي. في. م. شيلدز (المدعي العام) بقوله:
إن الأشخاص الذين لم يولدوا أو يتجنسوا في عدن وهم :
(أ)الذين لا يوجد لهم مصدر معروف للرزق.
(ب)أولئك الذين لا يرغب في بقائهم.
(ج)المهاجرون الذين لا يسمح بدخولهم.
يسفرون من المستعمرة بموجب نصوص قانون المتشردين وغير المرغوب فيهم وقانون الهجرة.
وفي أحوال الطوارئ يشكل هؤلاء الأشخاص بطبيعة الحال خطراً داهماً على القانون والنظام، وعليه وبعد وقوع الاعتداءات في شهري مايو ويونيو من عام 1958م سفر جميع الأشخاص غير المرغوب فيهم الذين ربما أصبحوا خطرا على الأمن إذا سمح ببقائهم في المستعمرة وبعد حوادث الشغب في نهاية شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر من السنة الماضية سفر عدد كبير ممن كانوا بدون مأوى أو وظائف، والذين كانت لهم صلة بأعمال الإخلال بالأمن والسلب التي وقعت لسوء الحظ في ذلك الوقت أو الذين اغتنموا حالة عدم الاستقرار التي كانت سائدة.. وقد سفر 28 شخصا بمقتضى الطوارئ و(271) نتيجة أعمال الشغب التي يؤسف لها والتي وقعت في نهاية شهر أكتوبر.
وعند إعادة النظر فيها وجد أن بالإمكان إلغاء 15 أمرا غير أن اقتناع الحكومة بالمحافظة على القانون والنظام جعل من الضروري القيام بهذه التسفيرات، ولا توجد أية نية عند عدم وجود أدلة أخرى لإلغاء الأوامر الأخرى، وهنالك شخص واحد معتقل بموجب قوانين الطوارئ ويعتبر استمرار اعتقاله امراً ضرورياً لمصلحة الأمن العام.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجهاً السؤال إلى السكرتير العام :
(44) لماذا سمح للقوات العسكرية بأن تدخل المدينة إثر حوادث أكتوبر.. وكيف سمح لها باستعمال الذخيرة الحية؟.
أجاب السيد ك. و سيمندس (السكرتير العام) بقوله:
إن القضية لم تكن مسألة السماح بدخول القوات العسكرية إلى المدينة أو السماح باستعمال الذخيرة الحية، لقد صدرت الأوامر لها في كلتا الحالتين للقيام بذلك من أجل المحافظة على القانون والنظام وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم في ظهيرة يوم 31 أكتوبر 1958م عندما علم بوقوع مشاغبات خطيرة وزعت قوات عسكرية معينة كاحتياطي للمساعدة على إعادة القانون والنظام إلى نصابها إذا اقتضت الحاجة ولم تستخدم هذه القوات حتى صباح يوم 1 نوفمبر عندما تدهور الموقف كثيرا، وعندئذٍ أصبح من الواضح بأنه ما لم تقدم مساعدة للبوليس فلن يمكن إعادة النظام إلى نصابه بسرعة وأنه ما لم يتخذ إجراء حازم فربما تلحق أضرار جسيمة جدا بأرواح وممتلكات المواطنين في كريتر، وعليه فقد سلمت في الساعة الثامنة من صباح يوم 1 نوفمبر قيادة قوات الأمن الداخلي إلى السلطات العسكرية ولم تسترجع هذه القيادة إلا بعد مضي 24 ساعة عندما ظهر بأنه قد أمكن إعادة النظام إلى نصابه، ولم يطلق سوى عيارين ناريين فقط من قبل أعضاء منفردين من القوات العسكرية، وذلك بعد صدور تعليمات من أحد الضباط الكبار، وقد صدر الأمر في كلتا الحالتين عندما وجد أن ذلك كان ضروريا للحيلولة دون وقوع عواقب وخيمة.
إن من واجب الحكومة أن تحافظ على القانون والنظام في المستعمرة ولسوف تستخدم الحكومة الجنود لهذا الغرض كلما دعت الضرورة.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى (السكرتير العام):
(45) لماذا رفضت الحكومة طلبات لإصدار صحف إضافية تقدم بها بعض المواطنين في هذه البلاد دون أن توضح أية أسباب عند رفض بعض الطلبات؟.
أجاب السيد ل. جاي. هوبسن (مساعد السكرتير العام قسم المستعمرة) بقوله:
ما زالت الحكومة تعمل على هذا التصريح الذي أدلى به الشخص الذي كان يتقلد منصب السكرتير العام آنذاك في المجلس التشريعي يوم 14 يناير 1957، وذلك حول سياسة الحكومة إزاء الصحف، والذي ألفت إليه نظر العضو المحترم هو:
(أن منح رخص لإصدار صحف كما نص عليه قانون الصحافة وتسجيل الكتب يعتمد على حرية التصرف المطلقة لصاحب السعادة الحاكم الذي لا يطلب منه عملا بحقه هذا التصرف وإبداء الأسباب عند رفض أو قبول طلبات الترخيص).
**السيد مصطفى عبداللاه موجها السؤال إلى (السكرتير العام) :
(46) لماذا لا تلغي الحكومة الأوامر الخاصة بإيقاف صحف “البعث” و“الجنوب العربي” و“الفكر” نظرا لأن جميع الهيئات والمنظمات والعناصر الوطنية التي تمتلك غالبية الرأي العام في البلاد قد احتجت ضد إيقاف هذه الصحف وطالبت بعودتها؟.
أجاب السيد ل. جاي هوبسن (مساعد السكرتير العام قسم المستعمرة) بقوله:
كما سبق وذكرت في ردي على السؤال السابق للعضو المحترم فإن إصدار ترخيصات الصحف مسألة تعتمد على حرية تصرف صاحب السعادة الحاكم بمقتضى قانون الصحافة وتسجيل الكتب، ومن المهم للعضو المحترم على كل حال أن يدرك أنه عند إلغاء ترخيص إصدار صحيفة “البعث” سمح بأربع رخص إضافيه لإصدار صحف عربية أسبوعية، ويجب علي أن أحيل العضو المحترم مرة أخرى إلى التصريح حول سياسة الصحف الذي أدلى به في شهر يناير 1957م.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى السكرتير العام :
(47) لماذا قامت الحكومة بنفي ومنع عودة بعض الوطنيين السياسيين السابقين؟ ولماذا لا تلغي الحكومة أوامر النفي الصادرة بحق هؤلاء الأشخاص وتسمح بعودة آخرين لأن معظم الهيئات والعناصر الوطنية التي تمثل غالبية الرأي العام في البلاد قد طالبت بإلغاء هذه الأوامر؟.
أجاب السيد جاي في م شيلدز (المدعي العام) بقوله:
صدرت الأوامر التي تمنع عودة عدد من الأشخاص إلى المستعمرة ممن لم يولدوا أو يتجنسوا في عدن، والذين كانوا يعملون ضد مصلحتها بحق مثل هؤلاء الأشخاص بعد أن غادروا عدن ولم يقدم أي طلب من أي شخص من هؤلاء من أجل السماح بعودته إلى المستعمرة، ولا تعلم الحكومة بأي تحول في موقف هؤلاء الأشخاص مما يبرر أي إلغاء لما صدر من أوامر غير أنه إذا قدمت طلبات معينة لإلغاء مثل هذه الأوامر مدعمة بدليل مناسب للتحول في موقف الأشخاص المعنيين فسوف يجري عندئذٍ دراسة كل طلب من هذه الطلبات.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى (السكرتير العام):
(48) عما إذا كانت الحكومة قد فكرت في المحافظة على اقتصاديات هذا البلد فيما يختص بالتموينات غير الغذائية وما إذا كانت الحكومة ستدرس فكرة إصدار تشريع يحرم تصدير البضائع المستوردة إلى عدن إلا في حاجة وجود فائض عن الحاجة.
أجاب السيد أ.هـ. دتن (السكرتير المالي) بقوله:
بصرف النظر عن المحافظة على اقتصاديات عدن فإن وضع تشريع من النوع المذكور سوف ينزل أضرارا جسيمة بها وفي حالة ما إذا اعتبر تصدير البضائع غير قانوني ما عدا في الأحوال التي يعتقد بأنها فائضة عن الحاجة فسيكون من الضروري أيضا أن يصبح استيراد البضائع إجباريا، وهو أمر سخيف.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى (السكرتير العام):
(49) عما إذا كانت الحكومة ستدرس مسألة زيادة مرتبات ضباط ورجال الخدمة المدنية وإيجاد مساكن لائقة بهم بحيث يمكن للضابط أن يعيش في مسكن حكومي مع أطفاله عند اعتزاله للخدمة.
أجاب السيد ك و. سيمندس (السكرتير العام) بقوله:
لا يظن بأن هنالك أية مبررات لإعادة النظر من جديد في مرتباات الخدمة المدنية، ولا تستطيع الحكومة أن تقبل الالتزام المالي الضخم الذي سيحدث من جراء توفير مساكن لجميع المستخدمين المدنيين بصرف النظر عن الضباط الذين اعتزلوا الخدمة.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى (السكرتير العام):
(50) عما إذا كانت الحكومة ستدرس مسالة وضع إدارتي الكهرباء والماء تحت إشراف شعبي.
أجاب أ.هـ دتن (السكرتير المالي) بقوله: إن خدمتي الماء والكهرباء واقعتان بالفعل تحت إشراف شعبي، لأن الحكومة تعتبر مسؤولة لهذا المجلس عن أعمالهما وتتجه النية حاليا إلى تكوين لجنة كهرباء دستورية لتأخذ المسؤولية الملقاة على عاتق الإدارة الحكومية الحالية.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى (السكرتير العام):
(51) لماذا لا تتخذ الحكومة الخطوات لإرسال بعثات عسكرية إلى الخارج للتدريب والتخرج في الكليات الحربية لكي يتمكنوا من إدارة شؤون الدوائر العسكرية ويتسلموا زمام القيادة عندما تنال البلاد استقلالها؟.
أجاب السيد ك. و سيمندس (السكرتير العام) بقوله :
إن مسؤولية الاحتفاظ بقوات عسكرية في المستعمرة وإدارتها ملقاة على عاتق حكومة صاحبة الجلالة في المملكة المتحدة، وفي مثل هذه الأحوال فإن الترتيبات التي اقترحها العضو المحترم لن تكون مناسبة وضرورية.. وفيما يتعلق بتدريب الأشخاص المحليين على الشؤون العسكرية فسيعلم العضو المحترم من الإجابة التي قدمت في هذا المجلس في يوم 17 نوفمبر 1958م على السؤال رقم 80 ومن بيان ألقيته في هذا المجلس في يوم 2 فبراير 1959م بأنه يمكن التحاق الرعايا البريطانيين من عدن بكلية ساند هرست العسكرية الملكية كضباط تحت التدريب بنفس الطريقة التي يلتحق بها الرعايا البريطانيون من أقطار الكومنولث الأخرى، وأن شروط مثل هذا التسهيل تنشر دوريا في جريدة مستعمرة عدن.
**السيد مصطفى عبداللاه عبده موجها السؤال إلى (السكرتير العام):
(52) عما إذا كانت الحكومة ستدرس تخصيص أراض لتستعمل كملاعب لأطفال جميع المدارس الحكومية في عدن أسوة بالملاعب الموجودة في المدارس غير الحكومية.
أجاب السيد ك. و سيمندس (السكرتير العام) بقوله:
لقد أدركت على الدوام أهمية توفير تسهيلات لملاعب كافية لجميع طلبة المدارس في المستعمرة بصرف النظر عما إذا كانوا يحضرون المدارس الحكومية أو غير الحكومية، ولسوف يجري بكل تأكيد دراسة مسألة تخصيص الأرض لهذا الغرض إذا أمكن إثبات عدم كفاية التسهيلات في أية مدرسة معينة.
إن السؤال في صيغته الحالية أثار ـ على كل حال ـ دهشة زميل العضو المسئول عن المعارف الذي يعتقد أن ملاعب المدارس الحكومية على العموم تتناسب إلى حد كبير وملاعب المدارس غير الحكومية في الحجم والنوع.
**نجمي عبد المجيد**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى