هل يستطيع اليمن تحقيق العدالة بمفرده؟

> عقيد طيار/ طه محمد المالكي

> هل يستطيع اليمن تحقيق العدالة بمفرده بين الشطرين الشمالي والجنوبي دون تدخل خارجي؟
فإذا لم يستطع.. كيف يستطيع نشر العدالة في المجتمع؟
فكلكم تعلمون أن اليمن مر بمنعطفات كبيرة من خلال مسيرة حياته السياسية وتحولات جذرية على المستويين السياسي والاجتماعي، وهي تحولات هامة منها تحقيق الوحدة اليمنية بين الشطرين في عام 90م التي كانت اندماجية وتمت بخطوات متسارعة لم توضع لها الأسس اللازمة عند تحقيقها والحفاظ على استمراريتها بالشكل المطلوب.
وأيضاً نشوب الحرب الظالمة بين الشطرين في صيف 94م والتي قضت على الوحدة وألغت الشريك الأساسي فيها (دولة الجنوب)، وأخرجت الشعب والدولة الجنوبية من المعادلة السياسية بالكامل، فأنت تعلم ـ أخي القارئ الكريم ـ أن اليمن اليوم وفي هذه المرحلة يمر بأصعب لحظاته التاريخية على مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.
لقد تكاثرت وتكالبت فيه الحروب والأزمات المستوردة والمدعومة من قبل الحاقدين على هذا الوطن في الداخل والخارج ويتم تمويلها والتحريض عليها ـ خاصة الدينية منها ـ من قبل دول الجوار.. بالإضافة إلى ما يجري في اليمن من معارك ضارية بين اللجان الشعبية والجيش والأمن من جهة والتنظيمات الإرهابية المتعددة من جهة أخرى، والتي تم زرعها من قبل قوى متنفذة في السابق.
وتقوم هذه المنظمات بشن الحروب والفتن وإلباسها الطائفية والمذهبية وهي أصلاً بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي حرم قتل النفس إلا بالحق، فهدفها فقط الإجرام وسفك الدماء ونشر الرعب.
فلم تكتف بعض الدول بما يجري في اليمن، بل تحاول إلصاق التهم بالوطن بأنه يحيك مؤامرات بالاتفاق مع إيران ودول عربية أخرى مثل العراق وسوريا ولبنان، وتدّعي أن هذه الدول تريد تمكين إيران من السيطرة على الممرات المائية في المنطقة.
وتحاول دول إقناع دول عربية وأجنبية أن اليمن هو من يتآمر على جيرانه وخاصة بعد سقوط النظام في صنعاء ودخول الثوار إلى العاصمة، وهذه الدول المتهمة بمساعدة إيران هي في حالة يرثى لها وبحاجة إلى من يساعدها على الخروج مما هي فيه ومن ضمنها اليمن.
فكيف تستطيع هذه الدول أن تحيك مؤامرات من هذا النوع ؟ فنحن نتساءل ـ إخواني الأعزاء ـ لماذا هذا التخوف غير المبرر من دول كهذه غارقة في الأزمات والحروب مثل اليمن ودول أخرى المذكورة سلفاً.
فأعتقد أن اليمن ـ بشطريه ـ في هذه المرحلة يحتاج إلى سنوات لكي يسترد عافيته بجميع المجالات، هذا أولاً.
ثانياً: لديه مشكلات وأزمات كبيرة وكثيرة، وأهم هذه الأزمات التي يمر بها هي أزمة الوحدة بين الشطرين، والتي تحولت في السنوات الأخيرة إلى هيجان شعبي في كافة الساحات الجنوبية تقريباً.
فاليمن بحاجة ماسة في الوقت الحالي لمساعدته من قبل دول الجوار في حل مشاكله وخاصة القضية الجنوبية حلا عادلا ومنصفا.
وأيضاً يمر الوطن بحروب مستمرة مع قوى الإرهاب التي كلفت الشعب والدولة الكثير من الأرواح البريئة والأموال، ومن المفترض على تلك الدول أن تساعد جيرانها في اليمن على التخلص من أزماتهم ويجب دعمهم مالياً وعسكرياً لأجل أن يتمكن البلد من الوقوف في وجه الإرهاب الذي يزعمون أنهم يحاربونه، بحكم وضعهم الاقتصادي القوي وإمكانياتهم الأمنية واللوجستية الفاعلة.
أما دعواتهم لدول المنطقة والعالم إلى عقد مؤتمرات للوقوف أمام المد الإيراني التي تزعم أنه يمر عبر صنعاء ومنها إلى دول أخرى في المنطقة فهذا الأمر لا أعتقد أنه يمت للحقيقة بأية صلة لكونه لا يوجد أي دليل عملي على الواقع وهي مجرد تخوفات لا أقل ولا أكثر.
وكان الأجدر بهذه الدول متابعة تنفيذ مخرجات الحوار الذي انبثق عن المبادرة الخليجية والإشراف على مخرجاته وخاصة ما يتعلق بالدولة المدنية وغيرها من البنود المتفق عليها، وأيضاً قضية صعدة التي يجب حلها ضمن مخرجات الحوار لأنها بقيت دون حل جذري حتى لو قلنا كما تقول الأحزاب إن أنصار الله بطريقة أو بأخرى مشاركون في السلطة القائمة في صنعاء.
يتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي والدول الخمس العظمى استكمال إشرافهم على تنفيذ مخرجات الحوار.. أما دعوات دول الجوار إلى مؤتمر جديد قبل استكمال مؤتمر الحوار الأول فهذا يعتبر خلط أوراق وكأنهم يتخلون عن مؤتمر الحوار السابق.
فلماذا لم تدعَ هذه الدول إلى مؤتمر لحل القضية الجنوبية ومساعدة أشقائهم في اليمن على إيجاد حل عادل لقضيتهم كونهم يعلمون جيدا أن الجنوبيين رافضون مخرجات مؤتمر الحوار الذي يشرفون عليه ضمن الدول العشر، إضافة إلى معرفتهم بظروف المجتمعين الشمالي والجنوبي، ويعرفون الأحوال السياسية والاجتماعية والإشكالات التي مر بها الشطران في السابق.
أعتقد أنهم إذا قاموا بهكذا عمل وخاصةً إذا كان هذا العمل لوجه الله ويعملون على تحقيق العدالة بين الشطرين أعتقد أنه لا أحد يلومهم أو يشكك في نواياهم أو يتهمهم بمعاداته حسب اعتقادي في الشطرين ككل لأن اليمن معروف لدى كل دول العالم أنه كان دولتين منفصلتين ولكل منهما تمثيله في كافة المنظمات الإقليمية والدولية.
أرجو من دول الجوار أن تحافظ على حقوق الجورة وتعمل بقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم): “والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه”.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
**عقيد طيار/ طه محمد المالكي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى