قصة شهيد "وضاح جعفر السقاف " (التضحية لأجل الرفاق)

> تكتبها/ خديجة بن بريك

> دماء أبناء الجنوب فاح عطرها، وهي تروي تربة أرضهم الطاهرة.. أبناء الجنوب الأحرار، الذين لا يقبلون بأن يركعوا لأحد غير الله، ولذلك هبوا وتداعوا من كل مكان ليدافعوا عن دينهم وأرضهم وعرضهم، أثناء محاولة مليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح تدنيس أرضهم، بالاجتياح الغاشم والحرب الظالمة التي شنتها تلك المليشيات الغاشمة على الجنوب في 2015م.
الشهيد وضاح جعفر السقاف، كان أحد أبناء الجنوب الأبطال الذين انتفضوا في وجه العدوان الحوثي والعفاشي، وسقط شهيدا ليروي بدمه الطاهر تربة أرضه الطاهرة.
يقول عبده السقاف، أخو الشهيد وضاح، في الذكرى الأولى لاستشهاده: “ذهبنا في تاريخ 28\7\2015م يوم الثلاثاء، كالمعتاد لساحات الجهاد، أنا وابني وحبيبي وأخي وصديقي وكل دنيتي أخي وضاح جعفر السقاف، لطلب النصر أو الشهادة، ذهبنا في ذلك اليوم إلى جبهة منطقة صبر مفرق الوهط، وما أن بدأ الهجوم على سكن المحافظ الواقع في ذلك المكان والمنازل الواقعة خلف سوره إلا وكنا نتسابق في الصفوف الأولى، وكان الفرار للحوثيين المجوس، وكنا نمشط ونطهر المنطقة من رجسهم، بعد ذلك اتجهنا خلف المدرعات باتجاه كلية التربية صبر على الخط العام حتى بدأ الغروب، والانتصار لنا محتوم، وقررنا الرحيل، وعندما كنت أنا وأخي على متن دراجة نارية فإذا بصديق يأتي بدراجة أخرى ويخبرنا بأن زملاءنا يقتلون خلف أسوار مبنى المحافظ، ولا يستطيعون إنقاضهم بسبب القناصة الذين اعتلوا بعض العمارات هناك، والبعض منهم محاصر، وإذا بأخي وضاح ينتفض من خلفي ويقف من الدراجة ويقول لي سأذهب لأنقذ زملائي وأفك حصارهم، فأخبرته بأني لا أرى بعد المغرب بوضوح والقناصة لديهم نواظير ليلية، فمنعته من الدخول لأن نسبة النجاة ضئيلة، فقال لي أنت ابقى هنا وأنا سأذهب، أصررت عليه بعدم الذهاب، فقال لي وهو مبتسم سأركب مع الدراجة الثانية، واستعددنا للرحيل وما أن بدأنا بالمضي وما هي إلا دقيقة فالتفت للخلف ولم أجد الدراجة الأخرى، ولم أجد أخي خلفي، في تلك اللحظة أيقنت أن أخي سيسقط شهيدا ويرتقي إلى ربه، لأنه لا يعصي أمرا لي أبدا، فأيقنت بأنه مغادر”.
وأضاف: “ففي تلك اللحظة جنّ جنوني واتجهت إلى مبنى المحافظ وأنا أصرخ بأعلى صوتي: أين أخي وضاح؟، فقالوا لي كبرَ وركضَ بهذا الاتجاه، فلحقت به وأنا أصرخ بأعلي صوتي وسلاحي معلق على كتفي لا أريد القتال فقط أريد إخراج أخي، حتى وصلت إلى منطقة قريبة من القناصة، فأصبت بطلقة غادرة في صدري اخترقت رئتي وخرجت من ظهري، فإذا بي أركض بعيدا من المكان الذي أصبت فيه حتى وصلت إلى زملائي وحملوني ونقلوني للعلاج، فكانت إرادة الله هي الأقوى ومنعتني من إخراج أخي وضاح، واستشهد حبيبي وضاح بعد إصابتي بساعة، حينما كان يحاول فك الحصار عن زملائنا”.
وأردف أخو الشهيد: “فبعد أن حملوا أحد زملائنا المصاب وأدخلوه مكانا معزولا خلف جدار كان أخي وضاح يجلس بمكان مكشوف ليربط لصاحبنا المصاب مكان الإصابة، وإذا بطلقتين تصيبانه بالجهة اليسرى للكلى ويسقط بجانب زميله بعد أن كبر ونطق الشهادتين، وذكر الله إلى أن أغمي عليه بسبب النزيف، وذهبت مدرعة لإخراجه وحينها كان نبضه مستمرا ولكنه ما أن أوصلوه إلى العيادة إلا وقد كانت روحه فاضت للرحمن.
وأخبروا والدتي بإصابتي وأني في الإنعاش وأن حالتي حرجة فتوجه أفراد أسرتي لرؤيتي، وكانوا بمنطقة إنماء بعدن، وعادوا بعد أن اطمأنوا علي إلى إنماء، دقائق ويأتيهم الخبر الآخر والذي كان كالصاعقة على والدتي بأن ابنك استشهد، وكانت تقول: عبده بالانعاش الآن جينا من عنده، وحالته مستقرة، فقيل لها: لا ليس عبده، ابنك الآخر وضاح هو من استشهد”.
واستطرد عبده بقوله: “فزف أخي وضاح كعريس، الكل شارك بمنطقة إنماء بضرب الأعيرة النارية، والنساء بكل العمارات التي مرت الجنازة بجانبها تزغرد، وكان موكبه موكب عرس، وانتقلوا به لساحة الشهداء بالبريقة، وهناك كان مثواه الأخير، ودفن دون أن أتمكن من رؤيته لأني كنت في الإنعاش، فحرمت من آخر لحظات أرى فيها أخي وضاح، كنت أتمنى أن أضمه لصدري وأشم ريحته وأقبل قدميه الطاهرتين”.
واختتم عبده السقاف حديثه بقوله: “كم آلمني فراقك يا حبيبي وضاح، كيف اسودّت الدنيا في وجهي بعد فراقك، كيف لي أن أرى ابتسامتك التي كانت تذهب همومي، كنت لي الصاحب الحبيب والأخ والابن، ولكن إنما أبث حزني ومصابي لله الكريم، واحتسبك شهيدا في جنة الخلد، فأنت بحفظ الله، وأتمنى من الله أن تلتحق بأحبائي وبموكب الشهداء، فبذاك اليوم استشهد أيضا حبيبي وقائدي غسان الديشي، وحبيبي ياسر الحبيشي وحبيبي هارون رشيد وكثير من الرفاق الأعزاء، في ذلك اليوم الذي حققوا فيه النصر من خلال تضحياتهم الجليلة بدمائهم الزكية، فقد كانت الصدمات تتوالى علينا.. أحبوا الله وصدقوا فأحبهم واختارهم إلى جواره”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى