الاستقلال الوطني

>  كان السياق العام ليوم 30 نوفمبر 1967م أنه استقلال وليس جلاء، كما يحبذ أن يسميه من في قلوبهم مرض.. وللأسف تكرر المعنى ذاته من شركة «يمن موبايل» في تهانيها المعتادة هذه المرة أيضا، وكأنها تقول: هذا ما وجدنا عليه آباءنا عاكفين!
لن نتحدث بلغة تختزل التاريخ عن انقلابهم وثورتنا، ولكنها حقائق التاريخ،  فهناك انقلاب عسكري في سبتمبر 1962م بقيادة خلايا الضباط (الأحرار) جريء وذو مدلولات تاريخية شكل علامة فاصلة بين مرحلتين، ثم اتخذ الحدث سيرورته بأحداثيات اجتماعية وسياسية وثقافية عميقة وبملامح الثورة.

إن تسفيه الماضي التاريخي ومحاكمته من خارج إطاره الزمني وبمفاهيم المتداول اليوم، لا تستقيم في الإطار الموضوعي والمنطقي للتاريخ، ومثل ذلك ما كان يروج لأغراض في نفس يعقوب عن الأصل والفرع وتجيير ذلك أيضا على الثورة الأم (سبتمبر) على حساب ثورة أكتوبر في الجنوب (الفرع) بتجليات دعائية مفهومة المقاصد، خاصة بعد احتلال الجنوب في العام 1994م، وهو توصيف جاهل وحاقد يتعسف ثورة هي بالحق ثالث أو رابع ثورة في العالم في القرن العشرين.

والمرء المنصف لا يستطيع إلا أن يؤكد الأهمية الجيو - بوليتيكية والاستراتيجية للجمهورية الوليدة في الشمال لانتصار ثورة الجنوب الجبارة.
وفي نفس الوقت ما من أحد يستطيع أن يغمط دور أبناء الجنوب ومن مختلف مناطقه في الدفاع عن الثورة والجمهورية في الشمال. ومن يتنكر لذلك فإنه ينكر بجهل  دماء عشرات وربما مئات من شهداء الجنوب  سقطوا في معارك الدفاع عن الجمهورية الوليدة في الشمال.

ومع كل ما اكتنف دولة الجنوب التي بزغ نجمها في 30 نوفمبر 1967م من هنات وأخطاء وصراعات وتغليب الإيديولوجيات، وهي أمور لا تخلو منها أي تجربة ثورية في العالم الثالث، لكنها استطاعت منذ اليوم الأول وتحت رئاسة الرئيس الشهيد قحطان محمد الشعبي أن تحافظ على كيان الجنوب و توحيد مكوناته من سلطنات ومشيخات وإمارات تجاوزت العشرين كيانا في دولة عصرية أخذت مكانها اللائق في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومختلف الهيئات والمنظمات الاقليمية والدولية المعروفة.

كما استطاعت هذه الدولة أن تبني قدرات ومقومات العيش الكريم للإنسان، بغض النظر عن إمكانيات مهدورة كان بالإمكان استغلالها لصالح الدولة وقاطنيها مثل القطاع الخاص والاستثمار والميناء والثروات الباطنية والبحرية، وفي واقع سكاني محدود.

 ولكن ذلك كان رهينا بإيديولوجيا مركزية نظرت للأمور نظرة أخرى، أو أنها كانت مقيدة بسياق استقطابي دولي لا تستطيع الإرادات المحلية تجاوزه إن فكرت هي في ذلك.
وبالرغم من كل شيء تظل ذكرى الاستقلال الوطني في ذكراها الواحدة والخمسين يوما وطنيا مشهودا في تاريخنا المعاصر، فتحية لصانعيه وتحية للشهداء الأبطال الذين قضوا في سبيل نيله وتحقيقه.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى