رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ.. الدكـتـور عـادل عـولـقي

الأحد, 09 ديسمبر 2018 - 06:00 ص

2,813 مشاهدة

> نجيب محمد يابلي

> الميلاد والنشأة:

من أحياء عدن الشهيرة: حافة حسين العريقة، وكان يقال لها حافة العوالق، ففيها استوطن الفقي حامد العولقي (والد المحامي حسين وسكرتير «الأيام» محمد حامد عولقي)، والفقي حامد تلقى على يديه محمد علي لقمان حفظ القرآن الكريم عام 1900م (وكان لقمان في السادسة من عمره)، كما سكن حافة عبدالله محمد عولقي (والد الدكتور عادل) بالإضافة إلى أسر عدنية عريقة: جرجرة، الصعيدي، السعيدي، أبوبكر شفيق، ربيع، البيومي، البدوي، خليفة وغيرها من البيوت العريقة الكريمة.

الدكتور عادل عولقي من موالدي حافة حسين بكريتر (عدن) عام 1940م ووالده العطر الذكر عبدالله محمد أحمد المدحجي العولقي نزح صغيرا من قرية (ايدات شمس) في وادي يشيم، العوالق العليا إلى عدن، حيث ترعرع مع أهل عدن الكرام - بتعبير الدكتور عادل عولقي - وما أن بلغ سن الرشد حتى التحق بسلك شرطة عدن المسلحة Armed Police وتحمل مسؤولية خزينة السلاح حتى أصيبت قدمه بجراح بالغة عام 1940م في حادث انقلاب سيارة خلال زيارة تفقدية لجزيرة ميون وكان القدر كان يخبئ سراً جميلاً للدكتور عادل لأنه من مواليد ذلك العام.

منعطف مستشفى كيث فالكونر التبشيري

ترك الوالد عبدالله محمد عولقي عمله في الشرطة المسلحة عام 1942م والتحق بمستشفى كيث فالكونر في الشيخ عثمان (والذي تأسس عام 1885م وخدم المرضى في عدن والقادمين إليها من محميات عدن الغربية والمملكة المتوكلية اليمنية)، وعمل الوالد عبدالله في ذلك المستشفى صيدلانيا أو المسؤول الصيدلي حتى عام 1967م.

لعب مستشفى كيث فالكونر- الذي عرف في الوسط الاجتماعي بمستشفى عفارة نسبة للطبيب الخالد الذكر أحمد سعيد عفارة - دوراً متميزاً في المحيط الاجتماعي في خلق الشخصية المتكاملة حيث كان هنا فريقاً رياضيا معتمدا يسمى ( فريق الميشن) أي الإرسالية، وكانت هناك مكتبة عامرة بالكتب وحلقات تعليمية.

عاش الدكتور عادل في بيئة نقية دافئة بين جناحين دافئين، جناح والده عبدالله العولقي وجناح والدته العدنية العريقة آمنة أحمد محمد الخدشي، استوطنت أسرتها جبل العيدروس في كريتر بالقرب من مسجد العيدروس الشهير ولها جذور لحجية من قرية الثعلب العريقة وحضرمية من قرية بروم الشهيرة.

عادل عولقي والتربوي الصارم السيد محمد الباقر
التحق عادل عولقي بالمدرسة الابتدائية الحكومية للبنين خلال الفترة الممتدة من عام 1946م حتى عام 1950م تحت إدارة أول مدير لها الأستاذ القدير والصارم والعطر الذكر السيد محمد الباقر (والد التربويين الفاضلين الراحلين الأستاذ علي باقر والأستاذ أبوبكر باقر)..

انتقل عادل عولقي بعد ذلك إلى متوسطة البنين في كريتر (ثانوية لطفي أمان حالياً) خلال الفترة 1950/ 1953م.

عادل عولقي في أرقى ثانوية على مستوى الجزيرة العربية
التحق عادل عولقي بكلية Aden College المتميزة على مستوى الجزيرة العربية، حيث خلقت تلك الكلية الشخصية المتكاملة لدى الطالب: المدرس/ الكتاب/ المختبر/ ملاعب رياضية (كرة قدم - تنس أرضي - تنس طاولة - كرة طائرة - كرة يد - بادمنتين، وغيرها من الألعاب).

تميزت الدراسة بدسومة المادة والتجارب المختبرية وكان الطالب ينهي سنته الرابعة بالحصول على عدد من المواضيع في شهادة الثقافة العامة (مستوى عادي O» Level») ثم يلتحق بدراسة متقدمة لعامين دراسيين ينتهي بالحصول على شهادة الثقافة العامة (G.C.E) المستوى العالي (A» Level»).

عادل عولقي في جامعة ادنبرة

حصد عادل عولقي على عدد كبير من المواضيع في شهادة الثقافة العامة بمستوييها العادي والعالي (O+A Levels) فابتعث لدراسة الطب في بريطانيا عام 1961م حيث التحق بكلية الطب في بريطانيا في جامعة ادنبرة العريقة وتخرج فيها طبيبا عاما (MBCH B) عام 1967م، وبعد وقت قصير حصل على دبلوم الدراسات العليا في طب المناطق الحارة عام 1969م، ثم درس الجراحة العامة وتأهل وحصل على زمالة الجراحة من الكلية الملكية للجراحين في ادنبرة (FRCSED) عام 1972م ثم شغل منصب جراح عام في عدة مستشفيات في المملكة المتحدة United King dom، تلتها خدمة (رداً لدين منحة دراسة الطب في عدن ) قرابة خمس سنوات من عام 1978 حتى أواخر عام 1982م.

الدكتور عادل عولقي في مستشفى مصافي عدن

انحصرت مهمة الدكتور عادل عولقي خلال خدمته في عدن في مهمة أولى بدأت برسم خريطة انتقال إدارة الخدمات الصحية للمصافي (B.P Refinery) إلى ملكية جمهورية اليمن الديقراطية الشعبية وأيادٍ يمنية، وشغل الدكتور عادل منصب مدير الخدمات الطبية والجراح المسؤول عن القسم الطبي في مصفاة عدن وبقية منشآتها.

الدكتور عادل عولقي في شركة «ويلكم» البريطانية

بعد عودة الدكتور عادل عولقي إلى بريطانيا وخلال الفترة 1983 / 1995م إلى شركة «ويلكم» Welcome للبحوث ولاكتشاف وتطوير وصناعة الأدوية للإنسان، وعمل في البداية مستشاراً طبياً للشرق الأوسط وأفريقيا، وتوجت جهوده بتولي المسؤولية عن برامج التجارب السريرية للمرحلة الرابعة في مركز الأبحاث السريرية التابع للشركة في بيكنهام (المملكة المتحدة).

في العام 1995م عاد الدكتور عادل عولقي إلى العمل السريري البحت، حيث انضم إلى قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى ويكسهام بارك بالقرب من مدينة سلاو في المملكة المتحدة، إضافة إلى عمله السريري اليومي درس هناك علوم وتطبيق الجراحة والطب السريري في حالات الطوارئ.

جدير بالذكر أن الدكتور عادل عولقي تولى تدريب منهجية وأخلاقيات البحث السريري للأطباء الناشئين حتى ما قبل تعيينهم استشاريين في تخصصات مختلفة وأشرف أيضاً على عدة دراسات عليا في التمريض لزميلات عمل لحيازة شهادات الماجستير.

الدكتور عادل عولقي والتقاعد الجزئي

في العام 2005م تقاعد الدكتور عادل عولقي جزئياً لكنه استمر في العمل بدوام جزئي حتى أبريل 2015م وأثناء ذلك حصل في العام 2008م على درجة الماجستير في التاريخ من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية الشهيرة (ٍSoas) التابعة لجامعة لندن، وتناول في أطروحته تطور الخدمات الطبية في الجنوب العربي في ظل الإدارة البريطانية التي غطت الفترة 1937 / 1967، ولُخّصت تلك الدراسة في كتاب نشر له بالإنجليزية عام 2018م تحت عنوان «من أطباء حفاة إلى أساتذة طب خلال 75 عاماً: تاريخ موجز للطب الحديث في اليمن 1940 / 2015م.

أعمال أخرى للدكتور عادل عولقي

تشمل منشورات الدكتور عادل عولقي العديد من المقالات الطبية وعدداً من الأوراق البحثية وثلاثة كتب ألفها أثناء عملة مع شركة «ويلكم» حول الطب السريري والجراحة، وله عدد من الترجمات لأعمال أدبية قام بترجمتها من الإنجليزية إلى العربية وأخرى قام بترجمتها من العربية إلى الإنجليزية.

الدكتور عادل عولقي في كتاب ?Why yemen Matters

قام د. عادل عولقي في العام 2014م بتأليف الفصل 12: «نظام الرعاية الصحية الحالية في اليمن» الذي نشر في الكتاب الذائع الصيت ?Why yemen Matters «لماذا تهمنا اليمن؟»..

الذرية الصالحة للراحل الخالد الذكر عبدالله محمد عولقي

كل من عرف الراحل العطر الذكر عبدالله محمد عولقي وذريته لا يمكنه أن يقف بمنأى عن الأولاد بشهادته عن هذه الأسرة الكريمة، فعميد الأسرة عبدالله محمد أحمد المدحجي العولقي كان رجلاً يملأ أرجاء صيدلية مستشفى كيث فالكونر، وكان منظره يأسر من يشاهد ويتعامل معه، وأنا أحدهم، فمحياه سمح وعلى عينيه عدستان زجاجيتان بنيتان شفافتان، إذا تحدث أو استمع تجد ابتسامة على شفتيه، مهذب، متزن في تصرفه ومشيه..

أسرة هذا الرجل صالحة ومكونة من:
1 - زوجتة ابنة الخدشي الكريترية العريقة وأبناؤه: 2 - عادل 3 - عفيف 4 - واثق 5 - فائق، وثلاث بنات: الكبرى متزوجة من السفير محمد هادي عوض، والوسطى متزوجة من الشهيد مصطفى محمد سعيد مسرج، والصغرى متزوجة من حميد محمد سالم الشعبي.

أما الدكتور عادل عولقي فمتزوج من السيدة الانجليزية ايزابيل وانجبا: 1 - هناء 2 - صوفي 3 - آدم.. ويعيش حالياً في بريطانيا.

خواطر أملاها عليَّ الدكتور عادل عولقي

قال لي الدكتور عادل عولقي: لي ذكريات لن أنساها أبد الدهر.. أفردت مكانة خاصة في حياتي في حب الخالد أبداً الدكتور أحمد سعيد عفارة، ذكريات الدراسة مع رعيل عمالقة شهادة الثقافة العامة G.C.E بمستوييها العادي والعالي (O+A Levels) منهم الدكاترة قيس محمد عبده غانم وشقيقه شهاب غانم وأشرف جرجرة وأحمد عبدالقادر جرجرة..

لن أنسى صداقتي الحميمية بالراحل فيصل عبدالله محمد حاتم، وكم تناولت وجبة الغذاء في بيته، وكم كان والده الشيخ حاتم يسعد بي..

لن أنسى عبقري الرياضيات البروفيسور عبدالله علي قرشي الذي كان يكبرني سناً لكنه تميز بعملقته في الرياضيات، ولن أنسى الأوقات الجميلة في لعبة كرة القدم وكان شريكي فيها مصطفى مسرج..

لن أنسى واحداً من أعز الأصدقاء وهو الأخ عبدالله سعيد علي (أبو النورة) من سكان قسم (B) في الشيخ عثمان، وكان من أقارب الشيخ محمد علي مقطري.

لن أنسى زميل دراستي في كلية عدن الدكتور أبوبكر قربي الذي غادرت معه في نفس الطائرة إلى ادنبرة للالتحاق بجامعتها.. لن أنسى أصغر أولاد أحمد حسين حنبلة (حمزة) الذي كان يلعب في ساحة مستشفى الملكة اليزابيث وكان والده يحضر إلى المستشفى حاملاً «فانوس» وهو يصيح «يا حمزة!!» حتى يجده ويغادران معاً..

كان لي حديث طويل أخذ الدكتور عادل عولقي حصة الأسد فيه، حديث جميل تخللته نهدات على الماضي الجميل الذي عاشه في عدن..
في الأخير أسجل بالغ تقديري للجنتلمان فائق عولقي والمستشارة القانونية أوسان سلطان ناجي اللذين يسرا لي إعداد هذه المادة.