> تقرير خاص «الأيام»

بدأ الحوثيون بتهيئة بعض المواقع والأماكن الاستراتيجية شمال محافظة صنعاء، بمحاذاة محافظة ريمة القريبة منها.
في غضون ذلك تشهد عملية انسحاب الحوثيين من محافظة الحديدة تعقيدات، نتيجة عدم وضوح الاتفاق المبرم في السويد بإشراف الأمم المتحدة، والذي أنقذ الحوثيون من ورطة مواجهة ألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة التي كانت بصدد عملية عسكرية لاجتثاث عناصر الحوثي من محافظة الحديدة بشكل عام.

وتعد تلك المناطق الجبلية، الواقعة بالقرب من محافظة ريمة، ملائمة لطبيعة الحوثيين، حيث تتشكل من جبال وسهول ووديان.
ووفقا لمصادر محلية فإن الحوثيين بدأوا، منذ شهرين، بالإعداد والتجهيز في هذه المناطق من خلال حفر الخنادق وإعداد خُطط لاستخدامها في المعارك المستقبلية.

وأضافت لـ «الأيام» أن «الحوثيين يهيئون هذه المناطق لإحلال عناصرهم بعد انسحابهم من المدينة، بناء على اتفاق السويد وخطة التهدئة في مدينة وميناء الحديدة».
في المقابل، حول الحوثيون مدينة الحديدة إلى ثكنة عسكرية وحقل ألغام وشبكة خنادق لا تنتهي في مختلف الأحياء السكنية لمنع تقدم ألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة.

سيطرة الحوثي على الجبال تهدد باب المندب والتجارة العالمية

وأدت عمليات حفر الخنادق إلى تدمير شبه كامل لشبكات المياه وقطعها عن منازل المواطنين، وهددت حياة المواطنين فضلا عن قطع شبكة الاتصالات والإنترنت.
واستحدثت عناصر الحوثي أنفاقا جديدة في باجل التي تبعد عن مدينة الحديدة بنحو 70 كيلو مترا، إلى جانب حفر خنادق لربط منازل المواطنين ببعضها البعض، خوفا من العمليات العسكرية التي كانت ستشنها ألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة.

تهديد مستمر
من جانبهم، أكد خبراء ومحللون سياسيون أن تهديد الحوثيين للتجارة العالمية سيبقى حتى بعد تسلم الأمم المتحدة الميناء وانسحاب المليشيات الحوثية وألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة إلى خارج المدينة، غير أنهم أشاروا إلى أن الممرات الدولية والساحلية وتهديدها لن تكون بمنأى عن الحوثيين،
إذ إنهم انتقلوا من الساحل إلى الجبال الاستراتيجية التي ستمثل بارتفاعاتها الشاهقة عن سطح البحر أماكن حربية من الطراز الأول، كما ستكون لهم مخابئ من طائرات وضربات التحالف.

أماكن استراتيجية
وجبال محافظة ريمة الاستراتيجية تشرف على الساحل اليمني والممر الدولي وباب المندب، وهو ما يجعل السفن التجارية والناقلات النفطية العملاقة في مرمى التهديد والاستهداف الحوثي.
وطبقا لمصادر محلية لـ «الأيام» فإن «المليشيات بدأت بنقل معدات وآليات خاصة بالأنفاق على أساس أنها معدات شق الطرق، كما بدأت باستحداثات وحفريات واسعة في عدد من الجبال وأعمال عسكرية أخرى».
من جانبهم، أفاد مواطنون في محافظة ريمة بأن «فريقا من الحفارة يتجاوز عدده الـ 30 فردا، توزعوا على جبال الصومعة ومسور والحصن في مديرية الجبين مركز المحافظة والقريبة من المراوغة وزبيد ومناطق تهامية أخرى، وبدأوا بحفر خنادق في الجبل المطل على القرية لكن بمعدات حديدية تقليدية».
بدورها، كشفت مصادر محلية خاصة عن بدء عمليات حفر الخنادق بالجبال والأودية في محافظة ريمة المتاخمة لمحافظة الحديدة.
وأكدت المصادر أن «فريق الحفر وصل المنطقة، ويقوم بنقل أدوات الحفر والمعدات اللازمة».
وقالت إنه «يرافق هذا الفريق أيضا مهندسو زرع ألغام حيث يتم وضع شبكة ألغام في بعض المناطق».
ولجأ الحوثيون لزراعة الألغام كجزء من استراتيجيتهم القتالية في عدد من المناطق، ويكادون يعتمدون عليها بدرجة رئيسية لقلة خبرتها وعدم وجود مقاتلين بالقدر الكافي لصد هجمات ألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة.
وكان الحوثيون حولوا الحديدة إلى حقل ألغام، حيث يهدفون من خلال عمليات حفر الخنادق إلى منع تقدم ألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة، وهجماتهم وشن حرب استنزاف ضدهم.

نطاق الخندق
وقال مواطنون في المنطقة، في أحاديث متفرقة لـ «الأيام»، إن «المليشيا تعمدت تجريف الأراضي الزراعية الواقعة في سفح الجبل، وعجزت المليشيات عن شن هجمات وإيقاف تقدمات المقاومة، ولذلك لجأت لحفر الخنادق بغرض الحماس من القصف المدفعي بالقوة، وهددتنا بتشريدنا من منازلنا وقرانا إذا لم نقف معهم».
وقالت مصادر إن «النطاق الدفاعي الخندقي الواحد يبنى من 4 خطوط متوازية من الخنادق عمق الخندق حتى 2.4 م، فيما يصل عرضه إلى 1.8م، ويسمح بمرور فردين».

خبراء: الملاحة الدولية مهددة حتى بعد انسحاب الحوثيين من الحديدة

وأضافت لـ «الأيام»: «الخط الأول خنادق نيران وهو الخط الهجومي الناري، أما الخط الثاني فهي خنادق ساترة أو خطوط حماية، والخط الثالث خنادق دعم وهو المخصص لتخزين السلاح والطعام للمقاتلين، أما الخط الرابع فهي خنادق احتياط به قوة إسناد، وترتبط الخطوط الأربعة بخنادق مواصلات».
وتابعت «استراتيجية الخنادق مفيدة بالدرجة الأولى للجيوش، المرابطة على الحدود، أو على خط الجبهة (خط النار)، بينما الجماعات المسلحة والمقاومة فهي تفضل استراتيجية الأنفاق لكونها أكثر سرية وأكثر أمنا، على الرغم من أنها قد تكون أكثر تكلفة أحيانا».
واستطردت المصادر «نظرا للأهمية الاستراتيجية للأنفاق في إدارة الحروب، وانعكاسها على الأداء العسكري فقد استُخدِمت كأحد الأسلحة المهمَّة لدى الجماعات المسلحة؛ ونفذت بها سلسلة عملياتٍ قتالية حينما تحصَّن العدو في مواقع».

الحماية من العدو
ولجأ الحوثيون إلى حفر الأنفاق كاستراتيجية لحماية أنفسهم من القوات الحكومية التي شنت ضدها ست حروب في محافظة صعدة.
كما استخدموا الخنادق للقتال من تحت الأرض على نطاق واسع على نحو يمنع عنهم ضربات الأسلحة الفتاكة التي تقاتل بها القوات المدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية.
وتستخدم الفرق الحوثية الآلات اليدوية (التقليدية) لإحداث ضجيج ولفت انتباه، إلى جانب استخدام الأنفاق لتأمين حركتهم كما حدث في الحديدة حيث كان الحوثيون يباغتون هجمات ألوية العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة بهجمات قبل التمكن من اكتشافها والتنبه لها، وتعتبر هذه الأساليب من أساليب حرب العصابات.
ولجأ الحوثيون إلى الكهوف والمغارات في محافظة صعدة واستخدموها لقتال القوات الحكومية خلال ست حروب منذ العام 2004م.