أوضاع القضاء.. المهامز المنتجة للوضع المأزوم وجذرية الحلول المطلوبة

>
القاضي/ سمير عبدالله شوطح
القاضي/ سمير عبدالله شوطح
الإضراب وتعليق العمل حق مشروع ومكفول خاصة بعد استنفاد الوسائل السابقة التصاعدية، لكن يظل إضراب القضاة حالة تكاد لا تتكرر في أغلب الدول، ربما لأن تلك الدول أكثر رشدا وتجربة وهي تعي بعمق أن شل مكون رئيس ومحوري من سلطات الدولة الثلاث وهي السلطة القضائية معول عليها ومن صلب اختصاصها تقييم أي اعوجاجات تخل بحقوق الأفراد أو توقف أي تجاوزات للأفراد اعتباريين كانوا أو طبيعيين بما فيهم الدولة.

لكن أوضاعنا الخاصة أدت إلى اللجوء إلى هكذا حق، ويكون ذلك بسبب انتهاكات وتعديات وتهديدات للقضاء أفرادا وهيئات، والأخرى تتعلق بعدم الوفاء بالحقوق المالية للقضاة.
إن الأمور في تقديرنا ما كانت تصل إلى هكذا خيارات إلا بسبب عدد من العوامل والاختلالات، ليس فقط في كل مكون من مكونات سلطات الدولة بل إن الاختلال في ذات السلطة القضائية ومكوناتها الهيكلية هو المنتج الرئيس لكل ذلك.

إن الأزمات السياسية العميقة التي شهدتها الدولة والاختلال العام الذي شمل كل مكوناتها وتحولها في أكثر الحالات إلى مكونات ديكورية عقيمة تسير بريموت كنترول من قبل الزعامة.
هذا الوضع امتد حتى في الحلول المرادفة للأزمات والحلول التواففية التي تلد مشلولة ومشوة. ولعل هيكلية السلطة القضائية هي نموذج متفرد اختلط فيه السياسي بالقضائي، وهنا الخطورة.. وثمثل ذلك بالتعديلات التي جرت على قانون السلطة القضائية وحكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا والذي صدر في زمن حرج ومريب، والذي قضى بعدم دستورية بعض المواد من قانون السلطة القضائية وما لحق ذلك من تعديلات بغير تمعن وتمحيص.

إن إعادة إنتاج سلطة قضائية وإن بدت من الناحية الديكورية أنها مستقلة لكن جوهرها هو ما هدف له النظام بإبقاء الحلقات الأهم في ذات الإطار الديكوري وفي برج عال مغيب عن قواعده، وزاد الأمر تعقيدا أن أعمال بعض هذه النصوص تم إعمالها في ظروف استثنائية وبتجاوزات ظاهرة.
إن التركيب الحالي الهيكلي للسلطة القضائية ضرورة ستلازمه إخفاقات في كل شأن من شؤونه حتى يصير جزءا من المشكلة لا الحل. الموضوع متشعب ولنا عودة لتفصيل واقتراح الحلول بالإفادة من إرهاصاتنا والإفادة إلى ما انتهى له الآخرون من هيكلة فاعلة ورشيدة وشفافة بقواعد حوكمة لا لبس فيها ولا مجال للتأويل.

هل التسويات وإقرارها هي المعضلة الأكبر؟! هل هي تحل كل مشاكل القضاء ومطالبات القضاة حتى إذا أضفنا لها ما خص العلاج؟ في تقديري أن التسويات هي الالتفاف على مطالب القضاة خاصة قضاة الجنوب!! صرخ قضاة الجنوب من ما تعرضوا له من ضيم منذ الوحدة، وصرخوا من مظالم ادعت قيادات المجلس بصحتها في أكثر من لقاء وهي معلومة وموثقة وذلك إبان الوصول الأول لقيادة الدولة لعدن.

 لكن المجلس بدلا من أن يرفع الضيم عن قضاة الجنوب لجأ إلى حيلة التسوية، وهي تعم كل القضاة من شملهم الظلم ومن تفردوا بالامتيازات. كان الأجدر الوقوف على حالات الضيم وحلها وذلك أيسر وأعدل وأسرع متاح من كل الجوانب التنظيمية والإدارية والمالية. قذفوا بنا في مواجهة مع القيادة السياسية وتواروا
ولم يجيروا الثقة التي تكاد تكون مطلقة التي منحهم إياها رئيس الجمهورية إلا فيما رأوا مصالح أعضاء المجلس وحدهم متجاوزين حتى صلاحيات الرئيس ذاته في بعض التعيينات لبعض الوظائف القضائية بحسب قانون السلطة القضائية.

مصدرين حركات قضائية مجزئة وبخلاف القانون اعداد واقرار وافعال أخرى عملت كل شيء لتعطيل عمل القضاء، وفتحت الباب للمعطلين والذين هجروا مقار أعمالهم من القضاة وأعضاء النيابة في أصعب الأوقات والظروف، وعمدت إلى تحييد وتشتيت تلك القيادات التي فعلت العمل في محافظاتها في أصعب الأوقات وأحلك الظروف.
السؤال: لماذا ولمصلحة من جرى ويجري تعطيل عمل القضاء؟!! هذه غيض من فيض.

التسويات نعم هي أقل المستحق وهي الحل المختل لكنها مشروعة لمن يستحقها على الأقل الأكثر أهمية في تقديرنا: أن نعرف مواطن الاختلال ومنابعه، ومن هنا يكون التقييم والتصحيح والإصلاح الجذري. 
القضاء هو أصل كل إصلاح وهو ضامن الحقوق ومناط تحقيق العدل، وهو الضمان لكل تنمية واستثمار ناجح.. البداية من هنا والمنطلق أن أردتم بناء دولة مدنية، دولة النظام والقانون.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى