زلزال يهز عدن.. اتحاد للمتقاعدين

> علي سالم اليزيدي

> لن تفلت عدن من خناق انتقاص الحقوق لأهلها وكل ما بها من أوجاع يواجهها سكان عدن في شجاعة وإنسانية، وهو ما عزز صلابتها لمواجهة الأزمات وما عانت وظلمت وسقاها البعض السم بعدما سقته اللبن.. هي كما أطلق عليها مدينة الزمان الطويل الذي جرى عليها فيه ما لم يجر لغيرها.
في يوم من الأيام منيت هذه المدينة بمحنة وصار كل أبنائها متقاعدين وأرغموا على هذا وأبعدوا من وظائفهم ومستحقاتهم، وصار المنظر في الشارع العدني ممتلئا بالضابط المبعد والطيار والكادر المالي والخبير والأستاذ ولم يستثن أحدا منا إلا وهو إما مبعد أو أرغم على التقاعد، وليس الأمر عند هذا الحد، بل حرموا من الرواتب والمعاشات، وتدفقت هذه الكتل إلى الشوارع وجرت مصادمات وضحايا ولازلنا نتذكر ذلك من دون أن يغيب عن الذاكرة، وكيف صنع ذلك الحدث اللبنة الأولى للحراك الجنوبي المقاوم والرافض للظلم والإقصاء والتهميش،

وكيف كان ذلك هو أحد الأسباب الرئيسية لإعلاء راية القضية الجنوبية وحق الجنوب وظهورها بشكل بارز، وفي طريق كان مليئا بالتضحيات والمحطات والأحداث التي لن تنسى وهي علامات ظاهرة للعيان في أجسادنا وقلوبنا وحياتنا، كان أولئك المتقاعدون من العسكريين والمدنيين والمبعدين والمهمشين الجنوبيين هم الثوار والحراك والجنوب والاستقلال، ودخلت صحيفة «الأيام» الغراء التاريخ النضالي الوطني الجنوبي بعد تاريخ حافل ما قبل الاستقلال آنذاك، جاءت هذه الصحيفة ورئيس تحريرها الرجل الشجاع النبيل الأستاذ هشام باشراحيل، رحمه الله وطيب ثراه، إلى أتون النضال ونصرة المتقاعدين وفتحت صفحاتها والتاريخ شاهد لكل نشاط حركتهم الحقوقية، وجمعت أشلاءهم وأوجاعهم ودموعهم المبعثرة، ويوما عن يوم، حين كان هؤلاء المتقاعدون البسطاء المطحونون تحت قهر سلطة غليظة قاسية، وقد فتحت لهم الصحيفة الغراء أبوابها، وكانت صوتهم ومنبرهم وسلطتهم المتاحة لهم.

وانطلق زلزال عدن يوم ذاك وتحمل متقاعدو عدن والجنوب مع فقرهم وبؤسهم الدور الأكبر في النضال الناجح الذي كسر حاجز الصوت وجعل العالم ينظر إلى عدن وما بها من حراك أفضى إلى مواقف كتبته «الأيام» وسمع العالم منها، وتحملت ما لم يتحمله غيرها، يوم ضربت بقسوة وحماقة فاقت حدود العقل وهو ما لم يحدث إلا في تاريخ الفاشية وحدها.
كم مضى علينا من ذلك النهار، وكم بعده سننتظر حتى ينال المتقاعد حقه ويسقط كل الظلم والتهميش والازدراء الذي يطاله.. اليوم تشهد عدن تأسيسا لاتحاد المتقاعدين، وهي عودة على بدء،

وكأنك أيها المتقاعد لم تنصف يوما، ولم تشهد ما ناضلت من أجله ليالي وأشهر، صار القانون تصريح مبهم يحرم المتقاعد من استحقاقه وهي حرب جديدة وليس تقصيرا، وتحول القانون الذي يتوجب أن يخدم المتقاعد إلى سوط يجلده، وها هو صراخه يسمع من أجل 30 % الزيادة وغيرها والتي أصبحت خاضعة للشك والغيرة، وهذا ليس كل ما في الأمر، بل سربت أكاذيب تخديرية لمن يجب أن يخدمهم القانون ولو اقتضى الأمر بتعديله وبدلا من إنهاكهم وإهمالهم وإسقاط حقوقهم ودفنهم أحياء كان الأجدر السبق في الصرف لهم والاعتناء بهم،

إذا ما نراه من إسفاف وقلة حياء في معاملتهم وتلبية كل ما لهم بدلا من نسيانهم والتصدق عليهم وليس حق من حقوقهم.
حين تداعى المتقاعدون الطيبون في عدن وكل المحافظات لقيام اتحاد لهم فإن ما يشبه الزلزال قادم، وإن السكوت قد انقضى وقته وحان رفع الصوت في وجه الفساد وأكل الحقوق من أهل العقوق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى