الاعتداءات الجنسية على الأطفال بعدن.. الأسباب والحلول

> تقرير/ سليم المعمري

>  تسبب ضعف القضاء المصحوب بهشاشة الأمن في تزايد انتشار الجرائم المختلفة كالاختطاف والقتل وفي مقدمتها الاعتداء الجنسي الذي بات مؤخراً يطال فئة الأطفال في العاصمة عدن.
ظاهرة دخيلة وغير مسبوقة وسع من دائرتها غياب الأحكام الحازمة من قِبل الجهات المسؤولة، وثقافة العيب، والصمت السلبي من قبل أفراد المجتمع.

ولفت المحامي، أوس عبدالله، إلى أن أحد أسباب انتشار هذه الجريمة الدخيلة على مدينة عدن المتحضرة، يعود إلى عدم تمكّن الشباب من الزواج لارتفاع تكاليفه في المدينة، وهو ما خلق لديهم حالة من الكبت النفسي والجنسي وهما السببان الرئيسيان لجرهم نحو الرذيلة بكافة أشكالها، وإن كان هذا لا يُعد مبررا شرعيا أو قانونيا لهم، كما أن هذا الكبت يسوقهم أيضاً لتعاطي العقاقير (حبوب) الهلوسة والمخدرات والقات كنوع من الهروب من واقعهم المزري المرير، وفي العادة تكون نتائجه القرب من الرذيلة كممارسة الجنس بأي طريقة ودون تفريق تطال حتى الأطفال والمحارم في كثير من الأحيان، لإفراغ شهواتهم الشيطانية، ولهذا يكون الأطفال هم الضحية لهؤلاء الذئاب البشرية لكونهم فريسة سهلة لضعفهم وعدم مقدرتهم على المقاومة، ولا يجترئون على الإفصاح لأهاليهم عمّا تعرضوا له بسبب الضغوط التي مُورست عليهم من قِبل المعتدين، أو لخوفهم من ردة فعل متشنجة من آبائهم.

ضعف الأمن
وأكد الناشط المدني، وديع أمان، لـ «الأيام» أن توسع الاعتداءات الجنسية على الأطفال راجع إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية بدرجة رئيسية في المدينة، وتخاذل الجهات الأمنية، وغياب الردع القضائي السريع بعملية البت في الأحكام، بالإضافة إلى هزلية عقوبة الاغتصاب في القانون.

ووصفت المعلمة، أمل أحمد ناصر، التحرش الجنسي للأطفال بأنه من أخطر الجرائم التي تفشت في المجتمع خلال الآونة الأخيرة، مؤكدة بأن لهذا التحرش مخاطر كثيرة أبرزها التدمير لأبناء المجمع لاسيما الأطفال، ولذلك لِما له من آثار نفسية وضرر جسدي وعاطفي خطير لديهم سواء على المدى القصير أم البعيد من اضطرابات نفسية في حياتهم، بالإضافة إلى أمراض كـ : الاكتئاب، واضطرابات ما بعد الصدمة، والقلق، واضطرابات في الأكل، وسوء تقدير الذات، والضغط النفسي، والاضطراب العصبي، والألم المزمن، ومشاكل في التعليم، والسلوك المدمر للذات، وقد تصل إلى الانتحار بعد البلوغ.. وللخلاص من هذه الظاهرة السلبية تقع على الأسرة والجهات المعنية في الدولة مسؤولية كبيرة بتحصين هذه الفئة حتى لا يقعوا فريسة للأشرار، وهذا لن يتحقق إلا من خلال التنشئة الصحيحة للأطفال عن طريق التربية والتعليم، والمؤسسات الثقافية، والمهتمة بالنشء، والتي من شأنها أن تزرع الثقة بأنفسهم وتبني لديهم شخصية قوية، مع ضرورة إيجاد علاقة وطيدة بين الآباء والأمهات وأطفالهم، كون هذه العلاقة من شأنها أن تزع الثقة لدى الطفل وتمكنه من البوح عما يتعرض له أو يعانيه، وبالتالي تحصنه من أي مخاطر قد يتعرض لها مستقبلاً، ولهذا فإن العطف والحنان مطلوبان لتبديد الطاقة السلبية وإشاعة الطاقة الإيجابية لدى الأطفال، كما يتوجب أن تعالج أخطاؤه في إطار المحافظة على شخصيته وعدم جرحها أمام الآخرين حتى لا يتحول إلى أضحوكة كون هذا التصرف يضعف من شخصيته، ويعزز فيه الخوف، كما يتوجب متابعة تصرفاته في المدرسة والشارع دون أن يحس بذلك.

أسباب كثيرة
وأشار هشام قاسم الجاروني، وهو ناشط سياسي ومجتمعي، إلى أن هناك أموراً كثيرة ساهمت في انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال في المدينة أهمها ضعف الدولة، وغياب الأمن والعقاب الرادع، وغياب التوعية، وانتشار المخدرات، وهي الأسباب التي تتحمل مسؤوليتها الدولة بدرجة رئيسية، والتي أصبحت مع الأسف شريكا في حماية الغوغائية الحاصلة في البلد، كما أن غياب الوعي المجتمعي حول هذه الظاهرة ومحاولة البعض التستر عليها بحجة عدم تشويه صورة عدن ساهم هو الآخر في تفشيها، كردود الأفعال السلبية التي وجهت لجمعية «عبود 84» مؤخراً بسبب إقامتها ندوة في كلية التربية لمناقشة ظاهرة التحرش فقط وليس الاغتصاب.. والمؤسف أن اعتراض البعض على إثارة هذا الموضوع كان تحت ذريعة الدفاع عن عدن؛ علماً أن الضحايا المعنيين هم من أطفال عدن. وعبر «الأيام» نؤكد للجميع بأن ظاهرة دفن الرؤوس في الطين لن تفيدنا، وما يتوجب علينا هو محاربة كل الظواهر السيئة وفي مقدمتها المخدرات، والتي تُعد رأس كل مصيبة تشهدها المدينة.

وأوضح أن القضاء على هذه الجرائم يتطلب تفعيل دور الأمن في مراكز الشرط، والتي ما تزال غير فاعلة وبدون إمكانيات، مع غياب العناصر ذات الخبرة فيها، مع ضرورة التوعية حول هذه الظاهرة والتشهير بمرتكبيها.
وطالب الجاروني أفراد المجتمع بالوقوف صفاً واحداً للمطالبة بإقالة كل مسؤول مقصر في مهامه، مع دعم كل فعل احتجاجي يدين الظاهرة ويعريها.

انتهاكات مستمرة بدون رادع
من جهته، أوضح نادر نوشاد خان، وهو راصد حقوقي لانتهاكات الأطفال في منظمة DRC بالتنسيق مع منظمة (تجديد)، أن تزايد انتهاكات الاغتصاب بحق الأطفال ناتج عن غياب الدولة وتهاون السلطات المحلية والقضائية والأمنية تجاه استمرارها، مؤكداً بأنه في حال لم تقم الدولة بدورها فإنه سيكون أسوأ بكثير بحق الأطفال.. وطالب خان الدولة برد صارم تجاه ما يتعرض له الأطفال، وتنفيذ الأحكام الرادعة بحق مرتبكي هذه الأفعال المتجردة من الإنسانية في ميادين عامة ليكونوا عبرة لغيرهم، بالإضافة إلى تكثيف التوعية الإرشادية لأفراد المجتمع بتبيان مخاطر هذه الظاهرة، كما طالب المنظمات ذات العلاقة بتشكل لجنة حقوقية مكونة من نشطاء وحقوقيين وقضاة ورجال أمن مهتمين بحقوق الأطفال.

غياب الرقابة
وقال علي حسن كمراني، وهو وكيل ثانوية النهضة «بنين» بالشيخ عثمان: «إن الإهمال من قِبل بعض الأسر تجاه أطفالها وتركهم في الشوارع لفترات طويلة دون السؤال عنهم يُعد أحد الأسباب الرئيسية في انتشار الظاهرة بمدينة عدن، إلى جانب عدم وجود رياض للأطفال، والتي من شأنها أن تحميهم عند انشغال آبائهم، وإن وجدت لا يستطيع الكثير من الآباء دفع التكاليف والمصاريف الخاصة بها، كما أن الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وتركهم عند الجيران أو الأقارب قد يجعلهم عرضة لهذه الجرائم وفريسة سهلة لضعاف النفوس من الوحوش البشرية، فضلاً عن غياب القضاء وعدم وجود قوانين مشددة ورادعة وزاجرة لمرتكبيها مما شجع على انتشارها».

الاستخدام السلبي للإنترنت
وأكدت رئيسة منظمة «بالعربي إنسان» والاختصاصية النفسية، لمياء عبدالرقيب ثابت، أن ظاهرة اغتصاب الأطفال لم تعد محصورة بل أصبحت تتم حتى فيما بين الأطفال؛ لانتشار الإنترنت وسوء استخدامه، وكثيرة هي الوسائل المتاحة في هذا المجال، بالإضافة إلى ضياع الرقابة من قبل الأهل، وغياب التنشئة الصحيحة للطفل، لانشغال الآباء بالحالة الاقتصادية التي يمر بها المجتمع في الوقت الحالي.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى