"قصة قصيرة" ظروف وارمة

> كتب/ هارون محمد غزي

> أخرجت رأسي من شباك (الميكروباص) لأرى المسارعة المجنونة للمركبات، رغم هاجسي بأن سيارة ستأتي مسرعة لتلهف رأسي بخبراته العالية والدورات الغالية فتقصف عمري قبل انتصافه.
المركبات، والناس يجرون إلى الخلف، أحسست براكب يجلس إلى جواري بلا سلام ولا كلام، بعد هنيهة لا ملحوظة ولا هنية حثَّ السائقَ على الوقوف بإلحاح، لم يصبر حتى يقف، قفز كمن ينقذ روحه من لفح النار.. إذا بالشهم الذي يجلس خلفي يتبعه زاعقًا ويَرمي نفسه من (الميكروباص) صارخًا: «حرامي، حرامي»، كبح السائق سيارته، وأطلق لعنات غيظه.

جرى الخلق خلف الاثنين، وما كاد الثاني يلحق بالأول حتى أدلى الأول لسانه المحمرَّ وسحَب منه شيئًا، وفي سرعة البرق سال الدم من وجنتي الثاني، صرخ متألماً كاتمًا دمه بكفَّيه تارة ناظرًا فيما صبغهما من دم أخرى، وانشغل بمصابه الذي شوهه، في حين جرى الآخرون خلف الجاني إلا أنه ذاب في الزحام.
اقترح أهل الاهتمام على المشوَّه الهُمام التوجه إلى الشّرطة.

أجاب:
• رأيته يَسرق شيئًا من جيب الراكب الذي أمامي ويَقفز بالمسروقات من (الميكروباص)، فتبعته صارخًا حتى جرحني واختفي.
• لا أعرف اسمه ولا عنوانه؟
• وماذا أفعل لجانٍ مجهول؟
انسحب المصاب بدون إجابة، ثم عاد ومعه الباشا المأمور شخصيًّا فانتفَض المحقق بالتحية العسكرية، زعق المأمور بصوت خشن:
• اعمل المحضر ضد سائق (الميكروباص)، وهو يُرشِد على الجاني!
• حاضر يا أفندم.
وبمجرد انصراف الباشا غمغم المحقِّق:
• لعل السواق شيخ حارة!
وبسؤال المجني عليه - المسروق:
• ما هي المسروقات؟
تردَّد، وسطَع كسوفه، وقال:
• خمسة ظروف خطابات منتفخة لجهات مختلفة بطلَباتي لعمل، وصور مؤهلاتي ودوراتي، فأنا أبحث عن عمل.
كنت في طريقي لإرسالها بالبريد السريع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى