> تقرير/ هشام عطيري

متخصص: غياب الرقابة يدفع التجار لاستيراد محاليل رديئة

 تُشكل المحاليل الطبية الركيزة الأساسية والمادة الهامة لعمل المختبرات والمراكز التشخيصية في البلاد، وتعتمد هذه المراكز على المحاليل المصنعة من قِبل شركات عالمية معروفة والتي تسهم في الحصول على نتائج دقيقة بالفحوصات المختبرية.
وكانت صنعاء قبل الحرب الأخيرة تُمثل مركزًا رئيسيًا لأغلب الشركات العالمية المتخصصة بتوريد المحاليل الطبية، غير أن الحرب التي شهدتها البلاد منذ عام 2015م وما تبعها من أزمة اقتصادية وتهاوٍ في العملة الوطنية أمام العملات الصعبة أدى إلى مغادرة تلك الشركات، وساعد على وجود شركات جديدة تعمل في ذات المجال، الأمر الذي خلق لدى المختبرات والمراكز الصحية إشكاليات متعددة نتج عنها عدم تطابق العديد من الفحوصات الطبية بين المختبرات، ونتيجة لغياب المحاليل ذات الجودة العالية اضطر أرباب وموظفو المختبرات والمراكز الطبية لاستخدامها في ظل غياب الرقابة الحكومية على مثل هكذا محاليل والتي أصبحت منتشرة في كل المختبرات العاملة في المحافظة وعموم البلاد.


محاليل غير جيدة
وقال علي سعيد الوحيري، وهو صاحب مختبر بمدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج: «نعاني كثيراً جراء عدم توفر المحاليل، وإن وجدت فهي ليست بالجيدة، وهذا الأمر يجبرنا على طلبها من صنعاء وبالعملة الصعبة، وبعضها غير متوفرة في عموم محافظات البلاد مثل محاليل شركة (راندكس) الإنجليزية، وهناك أيضاً اختلاف في المحاليل الطبية المستخدمة من مختبر لآخر، وهذا يؤدي بدروه إلى اختلاف في نتائج الفحوصات».

وبيّن الوحيري لـ «الأيام» أن «الكثير من المحاليل الطبية تعرضت للتلف في مختبره أثناء الحرب ولم يتلقَ أي تعويض جراء ذلك، وأن ارتفاع أسعارها بشكل كبير جداً في الفترة الأخيرة خلق له ولزملائه مشاكل جمة مع المواطنين».
وطالب في الختام من الدولة عبر وزارة الصحة بالإشراف المباشر على عملية شراء المحاليل ذات الجودة العالمية وعدم الاعتماد على التجار الذين يقومون بتوريد غير الجيدة، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق مبدأ الرقابة في هذا الشأن».

وأضاف محمد صالح البان، وهو مالك مختبر بالمدينة بأن «هناك ارتفاعا جنونيا في أسعار قيمة المحاليل الطبية، فمثلاً كانت قيمة محلول السكر قبل عدة أشهر 5700 ريال ليصل حالياً إلى 14000 ريال، أي أكثر من ضعف سعره السابق».


أسباب عدة
فيما أشار ناظم جعفر مجور، دبلوم عالي مختبرات طبية، إلى أن «الارتفاع في أسعار هذا المواد المختبرية، لاسيما الجيدة منها ذات الماركة العالمية المعروفة، يعود لأسباب عدة، منها التدهور الذي شهدته العملة الوطنية مؤخراً أمام الأجنبية».
ولفت في السياق إلى أن «الاختلاف في قيمة الفحوصات من مختر لآخر في الوقت الحاضر ناتج عن استخدام المحاليل التجارية غير الجيدة التي انتشرت في الأسواق بعد الحرب الأخيرة».


سمسرة
وأوضح حامد مهيم، وهو الآخر صاحب مختبر، بأنه يضطر إلى رفع أسعار الفحوصات بسبب ارتفاع تكلفة المحاليل الطبية ذات الجودة العالية، والتي تصل أحيانا قيمة العلبة الواحدة إلى 100 دولار أو 200 دولار ليتمكن من الحصول على فحوصات طبية موثوقة البيانات.
وأشار في حديثه لـ «الأيام» إلى أن «هناك مشكلة أخرى في هذا المجال، أبطالها أطباء متعاملون مع بعض المختبرات مقابل حصولهم على نسبة من أي فحوصات ترد من قبلهم تصل إلى 50 %، الأمر الذي يدفع بأرباب هذه المختبرات إلى الاعتماد على محاليل غير جيدة».

غياب الدولة
د. رضوان علي
د. رضوان علي
من جهته قال د. رضوان على ناصر، اختصاصي مختبرات بمكتب الصحة العامة بالمحافظة: «كانت معظم المحاليل الطبية التابعة للشركات الموثوقة تأتي عبر صنعاء، ولكن بسبب الحرب التي شهدتها البلاد ومنها صنعاء لم تعد هذه المواد متوفرة، وهذا ما زاد من معاناة أصحاب المختبرات بإعطاء الفحوصات الموثوقة لاعتمادهم على المحاليل غير الجيدة، وهناك من الشركات الموردة غير موثوقة وتبيع بالعملة الصعبة والنتيجة ارتفاع في قيمة الفحوصات والضحية هو المواطن، فمثلاً - لا الحصر- إذا ما أصيب مواطن بمرض  (الانفلونزا) قد تصل تكاليف الفحوصات الخاصة بالمرض في بعض المختبرات إلى 5000 ريال بينما هو مرض عادي».

وأشار د. نصار لـ «الأيام» إلى أن «غياب الدولة من مراقبة المحاليل والتعاقد مع الشركات العالمية الموثوقة يعد أحد الأسباب الأساسية التي دفعت العديد من التجار إلى توريد محاليل تجارية، وظهور شركات جديدة، بدلاً من الشركات العالمية المعروفة كـ(السويسرية، والإسبانية، وألمانية)».
وأوضح مواطنون في أحاديثهم لـ «الأيام» أن هناك اختلافات كبيرة بين المختبرات في نتائج الفحوصات والأسعار، وهو ما أوجد حالة من الإرباك لديهم وخلق عدم الثقة تجاه الفحوصات التي يتحصلون عليها.. مطالبين في السياق من الجهات المتخصصة في الرقابة على المختبرات الاضطلاع بدورها والتأكد من نوعية المحاليل المستخدمة وهل هي شركات معتمدة أم تجارية حتى لا يكونوا ضحية بين الطبيب والمختبر.