الصاحب ساحب

> هانم محمود

> في زمن الماضي كنت بالمرحلة الثانوية وفي سنة الأخيرة بالتحديد، دخل معلم الجغرافيا ومعه الخريطة وجلس يشرح عن قارات العالم، بعدها توقف عن الشرح ليسأل الطالبات طالباً منهم تحديد موقع قارة أوروبا؟
وبدأ بالاختيار.. وكعادتي أكره مادة الجغرافيا، خفضت رأسي هارباً حتى لا يراني، لكن المعلم سألني بصوته المرتفع يا صاحبة الرأس المنخفض عليك أن تحددي “أين تقع أوروبا؟”

رددت عليه بصوت مبحوح “أتقصدني؟”، أجاب المعلم بنبرة شديدة: “نعم أنتِ”، تشجعت ونبضات قلبي مسرعة، وأتعرّق بشدة متجهةً إلى لوحة السبورة حتى وصلت.. قال المعلم: “خذي المسطرة وحددي على الخريطة قارة أوروبا”، أخذتها ونظرت للخريطة وأنا مشوشة وغير مركزة ولا أعرف أين تقع قارة أوروبا، ارتفع صوته من جديد “يا هانم” مردداً سؤاله لي “أين تقع قارة أوروبا؟”، نظرت إلى زميلة طفولتي التى تدعى “يسرى”، ولاحظتها تضحك مشيرة بيدها إلى الأسفل، وأنا من فرحتي على طول أجبت: “يا معلمي تقع تحت”..

قال المعلم: شاطرة.. حددي بالمسطرة، قلت له: أنا قصيرة ولا أستطيع الوصول إليها..، قال لي: “بدون أعذار.. اطلعي بالكرسي وأشيري إلى موقع أوروبا”.. تلعثمت وبداخلي صراع من أجل تحديد قارة أوروبا..!
بدأ الوقت يمضي سريعاً فأشرت بالمسطرة “هُنا تقع يا معلمي أوروبا”.. فصرخ بشدة وقال: “هذه تدعى قارة أفريقيا”، ورفع صوته وقام بطردي من الحصة.

جلست وحيدة أتحسر.. متسائلة: “لماذا لم أعطي تركيزي لشرح المعلم؟ وفجأة ظهرت زميلتي من نافذة الصف وهي تضحك كعادتها لتقول لي لقد “أشرت لك بالجواب الخاطئ” ومن صدمتي توقفت عن الكلام، وأيقنت من وقتها أن “الصاحب ساحب”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى