> مكرم محمد أحمد

رغم المبررات العديدة لصدور قرار مجلس الشيوخ الأمريكي أخيراً، والذي ينهي دعم الولايات المتحدة للحرب في اليمن بأغلبية 54 صوتاً ضد، 46 صوتاً معارضاً، بدعوى أن الحرب أسفرت عن واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية وأشدها فداحة، إلا أن الكثيرين يشككون في جدوى القرار في إنهاء الحرب اليمنية، لأن القرار في هذا التوقيت يمكن أن يدعم الحوثيين ويزيد من تصلبهم، بدلاً من ممارسة الضغط عليهم لمصلحة إنهاء الحرب اليمنية، وبالرغم من أن قرار الشيوخ ينتظر قراراً مماثلاً من مجلس النواب، حيث تسيطر الأغلبية الديمقراطية التي لن تتردد في دعم قرار مجلس الشيوخ، بدعوى تصحيح الأمر، وإعادة سلطة قرار الحرب إلى الكونجرس بمجلسيه التي اغتصبها البيت الأبيض، إلا أن المستفيد الأول من القرار هم جماعة الحوثيين، التي تعمل لحساب إيران التي تمدهم بالأسلحة والصواريخ، وتمكنهم من استمرار سيطرتهم على صنعاء العاصمة وعدد من المدن اليمنية، ولا يُعرف بعدُ إن كان الرئيس ترامب سوف يستخدم حق الفيتو من أجل وقف تنفيذ القرار، أم أنه يمكن أن ينحني للعاصفة، ويقبل القرار الذي يُشكل انتقاداً حاداً للسعودية، ويمثل في نفس الوقت دعماً غير مستحق للحوثيين، الذين يمنعون تقدم التسوية السياسية ويعطلون عملية سلام اليمن، ويختلقون المشكلات، لعدم الانسحاب من الحديدة، رغم أن التحالف الذي تقوده السعودية لا يمانع في إنهاء الحرب اليمنية، ويطالب الأمم المتحدة والأطراف المعنية بالضغط على الحوثيين وإلزامهم بالانصياع لقرارات الأمم المتحدة، ولا يمانع في أن يكون للحوثيين حق المشاركة وليس السيطرة الكاملة على القرار اليمني. وأغلب الظن أن قرار مجلس الشيوخ الأمريكي سوف يتسبب في إطالة أمد الحرب اليمنية بدلاً من اختصارها، لأن القرار يفتقد التوازن، ويكاد يكون همّه الأول؛ انتقاد السعودية وليس إنهاء الحرب اليمنية، ويعطى الحوثيين فرصاً جديدة لمزيد من المماطلة.

والواضح الآن لكل الأطراف؛ أن الحسم العسكري لمصلحة أي من الأطراف هدف متعذر وصعب التحقيق، لكن الحرب يمكن أن تستمر، لتستنزف كل الأطراف، خاصة أن هناك عدداً من القبائل اليمنية التي تعيش على الحرب، وتجد فيها فرصتها لتحقيق المزيد من الثروة والنفوذ، ولو أن مجلس الشيوخ الأمريكي استهدف من قراره إنهاء الحرب اليمنية وليس مجرد انتقاد السعودية، لما صدر القرار على هذا النحو المنحاز الذي يكافئ الحوثيين دون مسوغ، لأن الحوثيين يشكلون في النهاية عدواناً على الشرعية والقانون الدولي، وفضلاً عن ذلك، فهم يمثلون أهم أدوات إيران في التوسع على حساب أمن العرب وأراضيهم، وليس صحيحاً بالمرة ما قاله بعض أعضاء مجلس الشيوخ من أن هذا القرار سوف يساعد على تحقيق السلام، لأن القرار يعطى رسالة خاطئة للحوثيين بأنهم لا يحتاجون الآن إلى التفاوض. صحيح أن صدور قرار مجلس الشيوخ يتبعه قرار مماثل من مجلس النواب، لكن غياب التوازن في مضمون القرار ومنطوقه يخدم الحوثيين وحدهم، على حساب مصالح الشعب اليمنى الذي يتوق إلى الأمن والاستقرار وإنهاء هذه التراجيديا الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني، حيث يموت الأطفال جوعاً أو مرضاً أو حرباً، لأن الكوليرا والجوع والحرب تحصد أرواح الجميع لمصلحة قلة من شيوخ القبائل، يحققون الثروة والقوة على حساب جموع الشعب اليمنى.
عن «الأهرام»​