اتجاهات ثلاثة لاستغلال الوقت الإضافي في حل أزمة اليمن

> «الأيام» خاص

>
تداخل الأجندات المحلية والإقليمية والدولية في اليمن تشير إلى أن أي تسوية سياسية قادمة مهما كان شكلها، فإنها ليست لصالح اليمنيين شمالاً وجنوباً، لأنها تستند على نفس الفكر وإعادة الأدوات السياسية التقليدية للاستئثار بالسلطة ولتكرار أهدافها المعروفة، لاسيما، نهب خيرات الوطن لصالح مراكز القوى من زعامات أو مكونات سياسية أو اجتماعية، مقابل ضمان مصالح الدول الفاعلة إقليمياً ودولياً.

ولهذا نرى المجتمع الدولي لا يكترث لإنهاء الحرب في اليمن كأولوية سياسية عاجلة، كونها لم تصل للمستوى الذي يهدد مصالحه الحالية، ناهيك عن عدم توصّله حتى اللحظة لضمان المصالح التي يسعون لتحقيقها للمرحلة القادمة، وبالتالي موت الآلاف جراء الحرب والعنف القائم من جهة، والأمراض والمجاعة من جهة أخرى، وطالما لا يهم اليمنيون المتحاربون أنفسهم، فلماذا الإسراع في إيقافه، وهي فرصة لإرهاقهم وضعفهم، وفرض التسوية القادمة وقبولهم مجبرين بها؟
ومما نشاهده منذ أكثر من أربع سنوات، إن الخاسر الأكبر هم المواطنون المدنيون، الذين يمثلون 95 % من السكان، وأن 5 % منهم هي الفئة المستفيدة، وهي تقريباً نفسها التي استفادت خلال عقود حكم صالح، بل إن بعضها قد حقق ما لم يحققه طوال حياته، والمؤشرات توضح ذلك، والمحزن أنها ترتب نفسها للحكم لمرحلة ما بعد التسوية كحق دائم.

وهذا للأسف، يظهر أن نُخب وشرفاء المواطنين الـ 95 % موزعون بين؛ أناني، أو يائس، أو ميت، منتظرون عودة جلاديهم لحكمهم مرة أخرى، بعد أن ثبت فشلهم للعقود الماضية.

والواقع على الأرض يشير إلى حقائق يصعب تجاوزها، فهناك قوى فرضت نفسها بقوة السلاح لأسبابٍ مختلفة، وهي موزعة على ثلاث مناطق، لكنها لم تحقق ما يتطلبه مواطنيها، وبالتالي فإن المرحلة لازالت مفتوحة لكل الاحتمالات، لاسيما وأن مفهوم الدولة المدنية الحديثة لا زال بعيد المنال. وهذا الواقع يمكن التأسيس عليه، إذا ما استوعبت القوى بـ “سلطة الأمر الواقع” مدى أهمية تغيير الفكر القائم إلى فكر مبنى على الشراكة للجميع، دون استثناء، والتنافس بمشاريع إستراتيجية ومتوسطة المدى، وكذا الأهداف الحالية والانتقالية، وتغيير الآليات والأدوات الملائمتين للقرن الواحد والعشرين.

وحتى لا ننتظر التسوية الأممية، التي لن تكون خيراً إلا لمعديها، ولا نستمر في قتل بعضنا البعض، وتدمير ما تبقى من مقدرات البلاد شمالاً وجنوباً، على النُخب والشرفاء من الـ 95 % إضافة من صحا من غفلته وتندم من الـ 5 %، أن تقدم فكراً جديداً لرسم العهد القادم، الذي لا يكرر مآسي الماضي.

وكنا قد ساهمنا بأفكار جديدة تخرجنا من حالة الدوران الذي نحن فيه، وظلمات الأنفاق القابعين بها، فأكدنا فيها بأنها تصلح أيضا للمحافظات الشمالية إذا رغب شرفاؤها بالخروج من حكم الفكر البائد الذي دمر كل شيء.

والجنوب اليوم بحكمة الله، في طريقه لتشكيل أدوات الاتجاهات الثلاثة، خاصة وأن الاتجاه الأول قد تأسس العام الماضي، والاتجاه الثاني في طريقه للإعلان عن نفسه، ولم يتبقّ سوى الاتجاه الثالث الذي يتوسطهما، ولا شك أنه في طريقه للإشهار. وهنا الدعوة للمواطنين الجنوبيين، سواءً المنتمين لمكونات سياسية أو اجتماعية أو المستقليّن، أن يبادروا للانضمام لأحد الاتجاهات الثلاثة، بدلاً من التشتّت بعشرات المكونات.

ولعلنا نرى أن الاتجاه الأول قد حدد هدفه لحل القضية الجنوبية، باستعادة الدولة الجنوبية، في حين الاتجاه الثاني يتبنى الأقاليم، وبالتالي فإن الاتجاه الثالث سيكون حق تقرير المصير.

وكما أوضحنا في المبادرة، فإن كل اتجاه ينبغي أن يضم الأجنحة الثلاثة، وبذلك سيكون الاتجاه الأول سيشمل جناحه اليمين دولتين متجاورتين، وجناحه الوسط فك الارتباط، في حين جناحه اليسار الجنوب العربي. أما الاتجاه الثاني سيكون جناحه اليمين الوحدة، وجناحه الوسط الأقاليم، وجناحه اليسار الإقليمين شمالاً وجنوباً، وبالتالي فإن الاتجاه الثالث سيكون جناحه اليمين إقليمين مزمنة، وجناحه الوسط حق تقرير المصير مباشرة، وجناحه اليسار دولتين بنظام كونفدرالي تدريجي.

هذه الاتجاهات الثلاثة وبأجنحتها تمثل مجمل التوجهات لحل القضية الجنوبية، باعتبارها المدخل الرئيسي للحل في اليمن والمنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى