دولة المحاصصة

> حسين باراس

>
حسين باراس
حسين باراس
صنعاء 2008م.. كنا في ضيافة أحد الإخوة الجنوبيين وبحضرة العديد من الشخصيات، من كافة مناطق اليمن، وكان من بينهم شخص كان ينادى بـ “الفندم”، علمت فيما بعد أنه أحد القادة الكبار، والذين عاصروا المحاصصة وتقسيم كعكة الجيش اليمني عام 1978م، في تلك الفترة كانت الحرب الباردة على أشدها بين تياري التقاسم في صنعاء.
وفي لحظة صفاء تصدر الفندم المجلس كاشفاً عن الكثير من التفاصيل والحقائق، التي عند الإلمام بها تتضح لك الكثير من الأمور والقضايا الخفية، والتي كانت عوامل خصبة ساهمت بقدر كبير في الهزائم والانكسارات التي تعرض لها ما يسمى بالجيش اليمني.

بدأ الفندم يزبد ويرعد متحدياً أي شخص يستطيع إقالته قائلا، وهو يلوح بقبضته عالياً: “صعدنا معاً ولن ونسقط إلا معاً”..
ومما ذكره أن الجيش اليمني تيارات متعددة، وكل قائد له قواته والتي لا يعلم عددها إلاّ هو، رافضاً تطبيق نظام البصمة، الذي ذكره أحد الحضور كاقتراح، والذي على ما يبدو أنه تلقى تعليمه في الخارج”، وأضاف الفندم: “إن كل قائد يستلم مخصصات قواته بصورة شخصية، وهو مسؤول على توزيعها، وليس هناك قيادة مركزية تعلم كيف ولمن تسلم هذه المخصصات”. 

وحسب ما ذكر أن قادة الألوية وبالذات قادة المحاصصة، أو “الآباء المؤسسين” لا يمكن تغييرهم، وأي تغيير يعتبر إعلان حرب.
عند سماع هذا تدرك لماذا يستمر قادة الوحدات العسكرية بشغل تلك المناصب لمدة تزيد على 33 سنة، دون أي تغيير، أو حتى رغبة في أن يصبح رئيس هيئة أركان أو وزيراً للدفاع.
وأكمل متحدثاً: إنه بعد 1978م وما لحقها من حرب مع الجنوب والمناطق الوسطى فيما بعد، ودعم بعض دول الإقليم للجيش في الشمال، قام نظام علي صالح بتجنيد الكثير دون أي ضوابط لدرجة أن الخانات الوظيفية في الجيش تحولت إلى نوع من الترضية لبعض شيوخ قبائل الهضبة.  

ومن الأمور الغريبة التي انتهجها نظام 1978م، أن كل لواء يتمركز في منطقة يجب أن يجند عدداً محدداً من أبناء الأرض، يعتمد العدد على قوة ونفوذ القبيلة، يوزع على شيوخ القبائل كلا على حسب قوته ومكانته، وتسلم مستحقاتهم للشيخ “رواتب، ذخيرة، تغذية” يسلمها الشيخ للأفراد بمعرفته. لذلك ليس بالغريب أن تجد عدد الأفراد المتواجدين في الواقع يختلف كثيراً عن الأرقام المعلنة. إنها أكبر صفقة فساد مقننة. 

ما أسسه نظام علي صالح، لم يكن في يوم من الأيام جيشاً، بل حالة غريبة التوصيف لا تنطبق عليه أي قواعد علمية. إنها منظومة مليشاوية وخلطة تسقط أي دولة مهما بلغت قوتها.
بلد لا أحد يعرف عدد أفراد جيشه ولا تمركزهم، ولا عدد الوظائف التي يشغلها الفرد، وعلى هذا الأساس نستطيع القول: إننا لم نكن نعيش في دولة. لذلك أي حديث اليوم عن جيش الشرعية ودوره يعتبر عبثا، لأن المنظومة التي بني على أساسها الجيش غير صحيحة.

فمنظومة الفساد المناطقية والقبلية والتي أنتجت لنا نخباً فاسدة وشهادات مزورة، لا يمكن أن يقوم على أساسها جيش وطني ولا إعادة بناء وطن.
لذلك يجب إعادة بناء الجيش وفق أسس جديدة وإلا فلن يكون هناك حتى بصيص من أمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى