“يا عيباه”.. التجسد الروحي بين لطفي أمان وأحمد قاسم

> محمد معدان

> عندما تجسدت روح العاشق الفنان أحمد بن أحمد قاسم، في روح الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان، اشتعلت جوانحه ووجدانه، وأوحت لشاعريته أن تقول كلاماً أحلى من الشهد، وأنقى من الفجر الضحوك، وأرق من النسيم، وأجمل من الشفق عند غروب الشمس.
وأي كلمات تلامس وجدان وإحساس الناس، فهي تعبر عن صدق الحالة التي يعيشها الشاعر.. وعندما تصادف هذه الكلمات فناناً يسكب عليها أحاسيسه بلحن الخلود الذي يسكن الفؤاد والوجد عند سماعها من فنان مقتدر على توصيل كلام الحب الصادق للمستمعين، يرتفع في الحال رصيد الفنان الشعبي ومقامه عند الجمهور.

وكلمات أغنية (يا عيباه)، قصة حقيقية عاشها الفنان أحمد بن أحمد قاسم، أثناء دراسته للموسيقى بالقاهرة عندما بعث لها (1957 - 1960)، وهناك أحب إحدى الفاتنات وهام بها صبابة ووجداً، وأنبتها بين جوانحه ومن دم قلبه سقاها وعزف لها أحلى سيمفونيات شبابه بأوتار من شرايين قلبه، ومن شأنها سهر الليالي وذاق الأمرين؛ مر الغربة ومر الحب الكاذب.
وهكذا عندما ينعدم الوفاء في الناس، لا يبقى شيء فيهم ينتظر سوى الغدر والخيانة.. وغدر الحبيب وخيانته تعتبر من الجرائم العاطفية التي تدمر القلب، ولا تنتسى مهما تقادم عليها الزمن.. وهكذا عندما تنكرت محبوبة أحمد قاسم له أحس بأن كبرياءه وكرامته تنداس أمامه في الأرض.. فلم يجد طريقاً يترجم لها هذه القصة سوى طريق صديقه الشاعر لطفي أمان، فشرح له قصته فكتب أمان رائعته (يا عيباه) من وحي هذه القصة، فكانت كلمات معبرة عن واقع عاشه الفنان العاشق.. وبعد ذلك جسد الفنان أحمد قاسم قصته في فيلم سينمائي من بطولته وبطولة الفنان الكبير محمود المليجي والفنانة زيزي البدراوي، وعبد المنعم إبراهيم، عنوان الفيلم (حبي في القاهرة) إنتاج عام 1965، وقد قام بتسجيل عشر أغانٍ للفيلم من ضمنها رائعته الشهيرة يا عيباه، والتي تقول كلماتها:
أنا بانساه وبنسى هواه
ولا بنسى الذي سواه
تنكر لي وجافاني
وذا لي كنت أنا أخشاه
يقول للناس لاشفته
ولا أدري به ولا أهواه
عجب ينكر ولا يذكر
زمان الحب
يا عيباه
يجازينا كذا يا قلب لا تبكي وتتحسر
كفاية تسأل الماضي وهو يشهد ويتذكر
زمان كيف كان يتودد وكيف اليوم يتنكر
يقابلنا ولا حتى سلام لله
يا عيباه  
نسى حبي أنا الي كل شي ضحيت من سبه
وقلت للناس باحبه ومهما يصير باحبه
ذا كل الدنيا والجنة وكل العمر في قربه
ولكنه رمى قلبي أمام الناس
 يا عيباه
حبيبي كلمة ذي كانت وكان كل الوجود فيها
حبيبي كلمة تطويها يد الأيام وترميها
حبيبي يا خسارة كلمة لا تعرف معانيها
كذا يا ناكر المعروف خنت العهد
يا عيباه

وعندما زار الفنان أحمد قاسم المكلا في شهر أكتوبر عام 1964، بصحبة نادي الشباب الرياضي بعدن، المستضاف من قِبل نادي الوحدة بالمكلا بحي السلام، أحيى حفلاً ساهراً في ساحة القصر السلطاني، وغنى في هذه السهرة أجمل أغانيه وفي مقدمتها يا عيباه، وكما يقول الفنان الراحل صالح التوي، الذي كان إداريا للفرقة الموسيقية النحاسية السلطانية في تلك الأيام، إنه وشقيقه الفنان أبوبكر عبدالله التوي قد تعرفا على الفنان أحمد قاسم واستضافوه على وجبة عشاء بمنزلهما في الشرج بالمكلا، وقد قام الفنان قاسم بزيارة لمقر الفرقة الموسيقية بالمكلا، وغنى على العود رائعته يا عيباه، أمام أعضاء الفرقة النحاسية، وفي رده عن سؤال عن انطباعه عن مدينة المكلا حين وصوله، قال: يمتلكني شعور جديد يختلف عن شعوري في أي مدينة أخرى، حيث أخجل تواضعي ذلك الاستقبال والترحيب الذي لاقيته من سكان هذه المدينة، ثم أن تجاوبهم معي في الحفلات ترك أثراً طيباً في نفسي..

وعن رأيه في الأغنية الحضرمية والفنان الراحل محمد جمعة خان، قال: الفنان المرحوم محمد جمعة مثال للعبقرية التي تعيش تجربة الحياة إلى درجة الاحتراق، إنه ما زال حياً بموسيقاه، وأن موسيقاه جديرة بالحياة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى