> «الأيام» خاص

يتعلم المسلم في رمضان كيفية التحكم بعواطفه وتسييرها كما يريد الشرع لا كما تريد النفس فا لله منع الصائم من الأكل والشرب والشهوة لا تعذيبا له بل ليتعلم كيف يترك الشي لله رغم منازعة الهوى له ، وحتى نعلم قدر هذه الفائدة فإن منازعات الناس وخصوماتهم و حالات الطلاق والقتل و الاعتداء و الاختلاف والتفرق ما كان كل ذلك ليحدث لو قدر الشخص على التحكم بعاطفته ومحبته وبغضبه وجعلها تحت حكم الشرع وليس النفس والهوى ، فجاء الصيام ليعطي الإنسان درسا عمليا في هذا الجانب .

رمضان يربي الناس على الإتباع وموافقة الشرع ، ويؤيد هذا :
أ ـ لا يفطر الصائم إلا إذا أذن له الشرع وذلك بغروب الشمس.
ب ـ لا يمسك الصائم إلا إذا أذن له الشرع وذلك بأذان الفجر.
ج- يمتنع الصائم عن المباحات امتثالا لأمر الشرع.

فيتربى الناس على تتبع أوامره والتقيد بها وتنفيذها على حدود ما رسمه لنا ، ويعني هذا سلامة أفعالنا من البدع والانحراف وضمان ذلك فإنه من المتقرر أن الله أكمل لنا الشرع من جميع جوانبه وأحكامه وآدابه .

رمضان يربي الناس على عدم الزيادة أو النقص مما حدده الشرع لهم ، فقد حدد الشرع رمضان بشهر واحد ، وذلك لا يجوز الزيادة عليه ، فحرم صوم العيد ، وحرم على الصحيح التقدم على رمضان بيوم أو يومين ما لم يكن عادة ، وكذلك الإفطار حدده بغروب الشمس وقال صلى الله عليه وسلم " لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا الفطر إلا أن تشتبك النجوم"

في رمضان يظهر أثر العبادة على الناس سواء في حياتهم أو أخلاقهم أو سلوكياتهم فتنعدم المخاصمات وتقل المشاجرات على مستوى المجتمع وحتى الأسرة الواحدة بل الحياة الزوجية أيضا وهذا ثابت بالاستقراء وما ذلك ـ والله أعلم ـ إلا لأن القيام والصيام والصلاة والأعمال الصالحة أثرت في حياة الناس فرزقوا الطمأنينة والسكينة والوقار ، ويدل هذا على أنه من وسائل إصلاح المجتمعات نشر الوعي الديني عندهم وربطهم بالله سبحانه ، وإذا تقرر عند السلف أنه ما من سنة تندرس إلا ويخرج بدلها بدعة ، فمن لازم القول أنه ما من فساد اجتماعي وأخلاقي إلا بسب معصية الله سبحانه ، نسأله التوبة والعفو والمغفرة .

رمضان وفضائله تعود الصائم على حفظ الوقت من الضياع ، وهذا من مقاصد الشرع العظيمة ، ففي رمضان يحرص المؤمن على استغلال وقته بالطاعات ويحذر من الملهيات والمعاصي ، وفي ذلك تربية له على اغتنام عمره بما ينفعه عند الله ولو كان حرصنا على أوقاتنا كما نكون في رمضان لتبدلت أحوالنا والله المستعان.

رمضان يربي المسلم على حسن الأخلاق لقول صلى الله عليه وسلم " فإن أمرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم". فعلمه الصيام كيف يمنع نفسه عن الغضب وآثاره المرة ؟ وأن يترفع عن البطش والسفه ومماراة الجاهلين ، ومعاندة المستكبرين ، وفاحش الأقوال ، وسيء الأفعال ، فليس القصد من قوله " إني صائم " الرياء وأن يخبر الناس وإنما القصد أن يبين للطرف المقابل الذي ينتظر الرد أنه متلبس بعبادة تمنعه عن السفه والغلط ، ويحتمل أن يكون المراد تذكير نفسه بأن عبادتي وصيامي ترفعني عن أفعالك وجهلك.

وفي ذلك أيضا إخماد نار الفتنة فإن كل معتد إذا لم يلق استجابة ومقابلة ستنطفئ ناره كما هو معروف من أحوال الناس ، وبهذا يكون الشرع حفظ الطرفين المتخاصمين :
الأول : بأمره بالترفع عن أفعال الجاهلين.
والثاني : بقطع جميع ردود الأفعال عنه ، فلا تجد ناره من يزيدها اشتعالا.
من صام فإنه يتربى على حفظ اللسان عن فاحش الكلام ، ومن حفظ لسانه سلمت له أعماله ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أصبح أحدكم صائما فلا يرفث و لا يسخب " .
والرفث والسخب : هو فاحش الكلام الذي لا يليق بالمؤمن المتقي لربه سبحانه.