منفذ الوديعة.. ومعاناة المعتمر

> أحمد الجعشاني

>
أحمد الجعشاني
أحمد الجعشاني
رجالاً ونساء بلغوا من العمر عتياً، بينهم من وصل السبعين، وبعضهم أكثر من ذلك، جاهدوا وتحملوا عناء السفر، براً رغم طول الطريق والمسافة، ودفعوا كل ما لديهم من مال، رغم قلة الإمكانات المادية في هذا الزمن الغابر، إلا أنهم جاهدوا حتى وصلوا، منفذ الوديعة نقطة الانطلاق، إلى لقاء البيت المعمور، حتى وجدوا أنفسهم في منفذ الهلاك أو الموت، وهم في حال يرثى لها، ووضع لا يتخيله عاقل أو إنسان لديه من الوعي والإدراك، وجدوا طابوراً طويلاً من الحافلات لا يكاد أن ينفك، وانتظاراً طويلاً، صعباً وقاسياً، وجلوساً، وقضاء الليالي في العراء، على أرض قاحلة، خالية عوراء من كل وسائل الدفء أو الراحة، أو القليل من الوسائل، التي تحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم التي فقدت في هذا المكان.

إن ما يحدث في منفذ الوديعة للمسافرين المعتمرين شيء يفوق الخيال، ولا يرضاه إنسان لأبيه أو أمه من معاملة سيئة، وغير إنسانية. فجلوس المعتمرين ومعاناتهم لأربعة أيام، على قارعة الطريق في المنفذ، لأجل معاملة، لا تستغرق دقائق معدودة، إنه استهزاء بأرواح الناس، وعدم تحمل المسؤولية لهؤلاء الضعفاء، وهم غالبية من كبار السن والعجزة، ولا يحتملون، البهذلة والتعب والمرمطة، في منفذ يفتقر إلى الكثير من الإمكانات أو الخدمات، ووسائل الراحة أو الإقامة.

إن زحمة المعتمرين ليست سبباً كافياً، أو عذراً تتبجح به الدولة، لمشهد يتكرر كل عام، إذا كانت الدولة لم تستطع أن توفر أجهزة أو موظفين يستطيعون تخليص معاملة المعتمر في أسرع وقت ممكن، ودون تأخير، لأن ما يحدث اليوم في المنفذ يتكرر كل عام، في موسم الحج والعمرة.
إن الدولة ملزمة بتوفير أجهزة وموظفين ذوي كفاءة عالية، وقادرة على العمل حسب القانون والمعاملة الحسنة والطيبة، التي تعكس اهتمام الدولة بالمواطن، خاصة المنافذ الحدودية، فهي واجهة الدولة وسمعتها أمام الداخل والخارج.

إن القرار الذي اتخذته وزارة الأوقاف لشؤون الحج والعمرة، بإيقاف مكاتب الحج والعمرة من بيع التأشيرات، كان قراراً غير صائب، قد يخفف الضغط مؤقتاً عن المنفذ، ولكنه ليس الحل، بينما كان من الأفضل على الحكومة التحرك والذهاب إلى منفذ الوديعة، ومعرفة أسباب تأخير معاملة المعتمرين، من ثلاثة أيام إلى أربعة أيام، وما هي مشاكل التأخير، في المنفذ، واتخاذ السبل أو الإجراء المناسب، لأجل تحسين الخدمة وتفعيلها للقادمين إلى المنفذ.

كما أن عدم الرقابة من قبل الوزارة على مكاتب الحج والعمرة وبيع التأشيرة للمعتمر، وترك الأمر حسب مزاجية وأهواء أصحاب المكاتب، مما فتح أبواب الاحتكار والطمع، في رفع أسعار التأشيرة الممنوحة من خادم الحرمين الشريفين بسعر زهيد جداً، حيث إن بعض مكاتب العمرة تبيع التأشيرة بـ 300 ريال، ومكاتب أخرى، تبيعها بـ 600 ريال، وثالث بـ 800 ريال، دون حسيب أو رقيب، وترك الأمر دون رقابة.

إن وزارة الأوقاف أو وكالة شؤون الحج والعمرة، ملزمة بالوقوف أمام هذا التسيب، ومحاسبة أصحاب المكاتب الذين يزايدون في رفع أسعار التأشيرة.
فاتقوا الله في هؤلاء المعتمرين، فهم زوار بيت الله الحرام.. فاقضوا حاجتهم.. عسى الله أن يقضي حاجتكم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى