البحر والصياد والشقلبيانيات في الزمن الجميل

> إلهام توفيق علي

>
البحر والصياد: بينما كنت أطالع بعض صحف الزمن الجميل الذي عاشته عدن في سنوات الثمانينات وأوائل التسعينات في القرن العشرين، صادف أن لاحظت مجلة كانت منزوية في أحد الرفوف، وشدّني الفضول لأتصفحها فوجدت أن المجلة تسمى "المسار" صادرة عن وزارة الثقافة في عام 1984م والمثير فيها هو أناقة الطباعة وما تمتاز من فرز للألوان، في فترة كانت الصحف الصادرة آنذاك في الشطر الجنوبي بالأبيض والأسود، وشملت المجلة الأخبار والتحقيقات الصحفية والسياسية والاقتصادية والثقافية وبعض المقالات المتنوعة، وقد ضمت المجلة كتّاب كبار، ووجدت في المجلة المذكورة مقالة جميلة تناولت آلية العلاقة بين الصياد والاصطياد والمواعيد الزمنية للاصطياد، وهي مقالة يمكن أن تجذب القارئ: بعد يوم عمل طويل لقضاء الفراغ في الذهاب إلى البحر خاصة وأن عدن تزخر بالبحار وما عليه إلا شراء سنارة وبعض اللحم الصغيرة (الطُعم) الذي يمكن أن تغرس على السنارة ليكون فخاً لإحدى الأسماك. وعندما وصلت إلى نهاية المقالة وجدت أن كاتبها الشهيد الإعلامي العدني، عبد الرحمن بلجون، مدير عام التلفزيون آنذاك، رحمه الله تغشاك يا عبد الرحمن، فقد كنت ذا قلم أنيق وجميل.

شقلبيانيات: وصادفت أيضاً أن وجدت في أحد الرفوف كتيبا متوسط الحجم، صادر في عام 1993م لأحد الكتاب العدنيين الكبار وأحد مؤلفي روايات المسرح الجنوبي أ.سعيد عولقي، أطال الله في عمره ومتعه بالشفاء الدائم، اسم الكتيب "شقلبيانيات" والعنوان يكتسي صيغة ذات سخرية، أمتاز بها أستاذنا سعيد عند نقده لقضايا تهم المواطن الجنوبي وقراءته، ووجدت اللغة القوية والعبارات المترابطة وتماسك الأفكار التي طرحها.

حقاً تألمت لما نعيشه الآن من قحط وجفاف أدبي، اجتث وألغي ما كان لدى عدن والجنوب من كتّاب عمالقة، كتبوا وألفوا الكثير في ذلك العهد الجميل، وما بقي الآن سوق "كتبه" يلوكون عبارات مفجوجة في بعض الصحف وذات أخطاء لغوية، وما أخشاه أن تكون مقولة الهالك "عفاش" في عام 1993 قد رسخت بعد أن أطلق وعده بأن يجعل عدن والجنوب قرية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى