«القلب يعشق كل جميل».. رائعة من روائع الغناء الديني!

> مختار مقطري

>  غاب الغناء الديني، وانتهى تماما منذ العام 2000م تقريبا، حين تأكد تحول الأغنية إلى سلعة رخصة، لا يهم أن تؤدي رسالة إنسانية نبيلة دينية أو وطنية أو عاطفية، يغنيها إنصاف المواهب.
والحمد لله أن رصيد الفنانين الكبار والرواد في الأغنية، بمضامينها المختلفة، رصيد ثري بالروائع الغنائية الخالدة، وفي مقدمتهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم.

وتعد أغنية "القلب يعشق كل جميل" واحدة من أجمل ما غنت أم كلثوم في الجانب الديني.
وقد غنت أم كلثوم هذه الرائعة الفنية في السنة قبل الأخيرة من حياتها في 1972/2، وتوفيت في 1975/2، وبكت وهي تغنيها على خشبة المسرح، وكأنها كانت تودع الجمهور، لكن ما له دلالة أنها بدأت مشوارها الفني بالأغاني الدينية وأنهته بأغنية دينية.

وهذه الرائعة الغنائية الخالدة من تلحين الموسيقار الخالد رياض السنباطي، وكلمات الشاعر الغنائي الراحل بيرم التونسي، الذي كان قد أعطى لأم كلثوم مجموعة من النصوص قبل رحيله في 1961، لكنها لم تغنِ منها سوى أغنية "هوه صحيح الهوى غلاب" وهذه الأغنية، التي كانت بمثابة عودة لأم كلثوم للأغنية الدينية، بعد عشر سنوات تقريبا، لكن اللافت للنظر أن أم كلثوم ولأول مرة تغني أغنية دينية باللهجة المصرية وليس باللغة العربية الفصحى، فقد غنت على مدى مشوارها الفني الطويل مجموعة من القصائد الدينية لأحمد شوقي وطاهر أبو فاشا وصالح جودت والشاعر الباكستاني محمد إقبال الذي أنهت مع قصيدته "حديث الروح" مشوارها مع الغناء الديني، وهذا يفسر سبب تأخر غنائها "القلب يعشق كل جميل"، لأن أم كلثوم كانت حذرة مع كل تجربة جديدة، وهكذا فقد بقي النص بحوزتها حوالي عشر سنوات، ولذلك حين احتاجت لنص غنائي ديني لم تجد أجمل من نص بيرم التونسي "القلب يعشق كل جميل" فقررت أن تغنيه بسبب جودته وروعته ومعانيه الدينية الراقية، لكن الأمر الأهم أنها  احتاجت في عام 1972 لأغنية دينية تغنيها في الحفلات العامة.

وكان رياض السنباطي بارعا ومتفوقا ومتفردا في تلحين هذه الأغنية الخالدة تلحينا تعبيريا وليس طربيا، كما هي عادته، مع مقدمة موسيقية عبقرية تتكرر في المقاطع الأربعة للأغنية، مستخدما إيقاعا خفيفا وليس إيقاعا سماعيا ثقيلا كما فعل في تلحينه للقصائد الدينية الأخرى التي غنتها أم كلثوم.
والنص يتحدث عن وقوف الإنسان المؤمن بخضوع أمام خالقه، وقد تجلى له بكل عظمته، وأنه مهما يحاول تجاهله والتهرب منه فإنه سبحانه وتعالى يشمله برعايته ورحمته حتى يذعن له ويعترف بنعمائه وأفضاله عليه، وحينها يقف أمامه ليناجيه بدموعه، وأعظم موقف للإنسان المؤمن أمام خالقه، يكون في مكة المكرمة وهو يطوف حول البيت العتيق بكل خشوع، ملبيا ومستغفرا، ودموعه المنسكبة تعبر عن حبه الباقي والخالد لله سبحانه وتعالى.

يقول بعض مقاطع هذه الأغنية:
القلب يعشق كل جميل
ويا ما شفتي جمال يا عين
واللي صدق في الحب قليل
وأن دام يدوم يوم وإلا يومين
واللي هويته اليوم
دايم وصاله دوم
لا يعاتب اللي يتوب
ولا في طبعه اللوم
واحد ما فيش غيره
ملا الوجود نوره
دعاني لبيته لحد باب بيته
ولما تجلا لي بالدمه ناجيته
      ***

كنت أبتعد عنه وكان يناديني
ويقول مسيرك يوم
تخضع لي وتجيني
طاوعني يا عبدي طاوعننا وحدي
ما لك حبيب غيري
قبلي ولا بعدي
أنا اللي أعطيتك
من غير ما تتكلم
وأنا اللي علمتك
من غير ما تتعلم
واللي هديته إليك
لو تحسبه بأيديك
تشوف جمايلي عليك
من كل شيء أعظم
سلم لنا تسلم​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى