لكن لا نعرف من أين يأتي النفط السعودي

> تُعد السعودية أكبر مُصدّرٍ للنفط الخام في العالم، وهي تضخ من أكبر حقل نفطٍ في العالم، وتملك زمام واحدٍ من أكبر احتياطيات الذهب الأسود في الكوكب. والآن باتت شركة أرامكو السعودية في قلب واحدٍ من أبرز مخاوف سوق النفط العالمي، بعد القصف الذي تعرض له مخزنان تابعان لها في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.

تسببت الهجمات على حقول نفطٍ ومصافٍ تُديرها أرامكو في تخفيض الشركة المعروفة رسمياً باسم شركة الزيت العربية الأمريكية إنتاجها بمقدار النصف. وتُبين الهجمات، التي تبناها الحوثيون الذين قالوا إنهم أطلقوا سرباً من الطائرات دون طيارٍ المحملة بالمتفجرات تجاه المنشآت السعودية، هشاشة إمدادات الخام العالمية. وقد يؤخر الانقطاع الذي يُهدد الأسواق العالمية ويُنذر بتهديداتٍ محتملةٍ لقطاع النفط السعودي طرح أسهم أغلى شركةٍ في العالم للاكتتاب العام.

تستخرج شركة أرامكو خام النفط والغاز الطبيعي وغيره من المنتجات البترولية من أرجاء المملكة بدءاً بالكثبان الرملية الجبلية للربع الخالي ووصولاً لمياه الخليج. وتُعالج مصفاة بقيق، التي استُهدفت في الهجمات، والتي هي الأكبر في المملكة، النفط وتصفيه من الشوائب مُجهزةً البراميل للبيع.

وبقدرةٍ إنتاجيةٍ تبلغ 12 مليون برميلٍ، تحتفظ السعودية بقدرة ضخٍ احتياطيةٍ لتغطية أي عجزٍ في أي مكانٍ آخر، وتحسباً لأي أزمةٍ قد تتسبب في ارتفاع الأسعار فجأةً. والآن تعرض الولايات المتحدة الأمريكية استخدام احتياطيها الاستراتيجي لموازنة أي عجزٍ محتملٍ عند عملاق التوريد العالمي.

قادت شركة أرامكو منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك وشركاءها، ومن بينهم روسيا لتخفيض الإنتاج لموازنة الأسعار ورفعها منذ 2017. لكن حتى مع خفض المجموعة إنتاجها فإن شبح وفرة المعروض من النفط وعدم ارتفاع الطلب أبقى خام برنت محكوماً تحت سقف 60 دولاراً لكل برميل، وهو مستوىً يقول كثيرٌ من المحللين إنه أقل مما تحتاجه السعودية وأغلب أعضاء منظمة أوبك لموازنة ميزانيتها ودعم واردات الحكومة.

وفيما يلي نظرةٌ نادرةٌ لما وراء الأحداث، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية:

حرق مشرق

صور حصرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية
صور حصرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية

يُعد مشروع الشيبه للنفط والغاز الطبيعي التابع لشركة أرامكو إنجازاً هندسياً يُخفف من صعوبات العمل في الصحراء النائية التي لا يُمكن الوصول إليها. شيدت أرامكو طرقاً ومهبط طائراتٍ في صحراء الربع الخالي لجلب المعدات اللازمة لبناء المنشأة وسط الكثبان الرملية المهيبة التي لم تجتزها من قبل سوى قوافل الجمال. وها هو لهب الغاز يشتعل ليحافظ على الضغط في الحقل ضمن الحدود المناسبة.

مُخرجات الصحراء

يُعتبر حقل الشيبه السعودي تطوراً أساسياً في قدرة أرامكو على الإبقاء على السعة الإنتاجية البالغة 12 مليون برميلٍ يومياً. وتفصل منشآتٌ مثل مصنع موائع الغاز الطبيعي المكونات الهيدروكربونية ويُعالجها لتجهيزها للنقل والاستخدام.

أكثر من مجرد حلمٍ بالأنابيب

تعبر البنية التحتية للطاقة المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، ناقلةً الخام والغاز من أكبر حقول النفط بالعالم والمسمى غوار، إلى محطات التصدير، ومنشآت التصفية والمعالجة الكيميائية في رأس تنورة وفي الجبيل على ساحل الخليج العربي.

الحفاظ على الطفو

يُعد طرق مصادر جديدةٍ للطاقة باستمرار ضرورةً لإيجاد النفط الذي سيحل محل البراميل التي نستهلكها بالفعل. ولتطوير بئر منيفة في الخليج العربي بنت أرامكو أرخبيلاً من الجسور التي تربط جزر الحفر الصناعية. تدعم الجزر المعدات، بينما تسمح الجسور المرتفعة بتدفق التيارات الطبيعية واستمرار الحياة البحرية.

مستعدون للبدء

تقع في رأس تنورة أكبر مصفاة تكريرٍ محليةٍ تابعةٍ لأرامكو، وهي منشأةٌ بسعةٍ إنتاجيةٍ تبلغ 550 ألف برميلٍ يومياً، ومنفذٌ رئيسيٌ لشحن الخام والمنتجات المُكررة. وهنا تستعد الناقلات المحملة بالمنتجات البترولية للإبحار.

التحكم بمرور ناقلات النفط

تشحن أرامكو السعودية معظم نفطها إلى آسيا، وهو سوق معروف في هذه الصناعة باسم شرق السويس. ويتم تحميل بعض أكبر ناقلات النفط الخام في العالم في مدينة رأس تنورة ليقوموا برحلاتهم خارج الخليج، عابرين مضيق هرمز، ليصلوا إلى الهند والصين واليابان وكوريا، وغيرها من بين البلدان المستوردة الأخرى.

صهاريج التخزين

صور حصرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية
صور حصرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية

يتم تحميل ناقلات النفط الآتية إلى رأس تنورة إما عن طريق الإرساء بجانب الأرصفة البحرية أو عن طريق توصيل الأنابيب في العوامات النائية في الخارج، وهو ما يعرف باسم أنظمة نقطة الإرساء المنفردة. تزود صهاريج تخزين الجعيمة أنظمة نقطة الإرساء المنفردة بالنفط، مما يتيح لأكبر ناقلات النفط الخام بالحصول على حمولتها في المياه الأعمق، ويتيح للسفن الأكبر مساحة أكبر.

حقل منيفة

إن الثروة النفطية الهائلة للمملكة العربية السعودية واتساع أذرعها في التسويق والتكرير والتوزيع تمنحها القدرة على الوصول والتأثير الذي يمتد نطاقه من الولايات المتحدة إلى الصين، ويعد حقل منيفة البحري أحد مشاريع التطوير الأخيرة لشركة أرامكو التي تنقل إمدادات نفط جديدة إلى السوق.

القوى العاملة العالمية

توظِّف أرامكو حوالي 70 ألف شخص من المهندسين إلى الحفارين ومن الممرضات إلى الطيارين. ومنذ عام 1980، يملك السعوديون تلك الشركة -التي بدأت كامتياز لشركات النفط الأمريكية- بالكامل. وقد بدأ وزير النفط السابق علي النعيمي مسيرته المهنية كعامل في الشركة قبل أن يصبح أول رئيس سعودي لها في عام 1984.

التنقيب

فازت شركات النفط الأمريكية بأول امتياز نفطي سعودي في عام 1933 وحصلت على كميات تجارية من النفط المُستخرج من بئر الدمام رقم 7 في عام 1938. وتعمل شركة أرامكو على تطوير مشاريع جديدة في حقل الدمام الواقع أسفل مقرها الرئيسي. وبعد تلك البئر الأولى -التي أُغلِقت الآن وأحيت الشركة ذكراها في وسط مقرّها- انتقلت أرامكو إلى الصحراء وقبالة الساحل للعثور على نفط وغاز جديدين.

الاستيراد والتصدير

صور حصرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية
صور حصرية لوكالة بلومبيرغ الأميركية

يتم تصدير أكثر من ثلثي خام أرامكو، ويذهب الباقي لتلبية الطلب المحلي المتزايد، ولتشغيل محطات توليد الطاقة، وتزويد المنشآت الكيميائية. وقد شرعت أرامكو في خطة تجعلها عملاقاً للتكرير والكيماويات، إذ أنها تستحوذ حالياً على الشركة المنتجة الحكومية Sabic، ويعمل الاثنان على تكنولوجيا من شأنها تحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية على نحو مباشر..

ليست السعودية وحدها

وقّعت أرامكو، التي لطالما كانت أحد الموردين الرئيسيين للصين، عقوداً جديدة لتزويد البلاد بحوالي 1.7 مليون برميل من النفط الخام يومياً في عام 2019. وستسمح لها تلك الصفقات بانتزاع المركز الأول من منافسين مثل روسيا. ولكي تضمن استمرار الطلب على نفطها الخام وسط منافسة متزايدة من موردين آخرين، تقوم أرامكو ببناء معامل تكرير مشتركة في الخارج، من الولايات المتحدة إلى الهند ومروراً بالصين واليابان. فعلى سبيل المثال، قامت الناقلة المملوكة للصين Xin Run Yang بتحميل شحنة في رأس تنورة في أوائل أكتوبر/تشرين الأوّل، وحملتها إلى أحد مراكز معالجات النفط في كوريا الجنوبية، التي تمتلك أرامكو فيها واحدة أخرى من مشاريع التكرير الخاصة بها.

الشمس

بينما يرى العديد من مراقبي الطاقة والمحللين أن الشمس ستتفوّق على صناعة النفط في المستقبل غير البعيد، إذ سيختار المستهلكون البدائل ويسعون إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ترى شركة أرامكو السعودية أن النفط والغاز سيظلان مصدر الطاقة الرئيسي لعقود مقبلة، ولكن هذا لا يمنع البلاد من اكتشاف مصادر الطاقة البديلة التي قد تحل محل النفط. وتدير أرامكو محطة صغيرة للطاقة الشمسية داخل مقرها الرئيسي، فضلاً عن محرّكات تعمل بطاقة الرياح في أقصى شمال البلاد. وتقوم المملكة أيضاً بتطوير الطاقة الشمسية وتتطلع لبدء برنامج نووي.

عن "عربي بوست"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى