دار المسنين بعدن.. بين عقوق الأولاد وضعف الاهتمام الرسمي

> تقرير/ سليم المعمري

> يحتوي على ثلاثة عنابر فقط ويفتقر لموازنة تشغيلية كافية
في دار المسنين، الواقع بمديرية الشيخ عثمان بالعاصمة عدن، يتجلى بوضوح مدى العقوق الذي طال بعض الآباء والأمهات من فلذات أكبادهم الذين كانوا يؤملون فيهم خيراً.
رجال ونساء جار عليهم الزمن وجفاهم أقرب المقربين إليهم، فأضحوا في هذه الدار يقاسون الكثير والكثير، وأصبح للكثيرين منهم الموت أهون وأرحم مما وصولوا إليه.

وفي الوقت الذي استغربت فيه حميدة حميد عبدالله، وهي موظفة بمركز دار المسنين، من ترك بعض الأبناء لآبائهم أو أمهاتهم في المركز بدلاً من الاعتناء بهم وبرهم.
يقول حسين محمد حسن، وهو أحد نزلاء الدار: "لي سنة وثلاثة أشهر في هذا المركز بسبب كسر تعرضت له في رجلي اليسرى، والذي تم على إثره نقلي إلى هنا من قبل أولادي المشغولين، كلٌ مشغول بنفسه". وأضاف: "الحمد لله على كل حال، وعلى الخدمات التي يقدمونها لنا هنا".

أمراض متعددة
وأوضحت مدير عام الصحة الإنجابية بديوان عام وزارة الصحة، حميدة محمد، والتي التقت بها "الأيام" مصادفة بينما كانت متواجدة في المركز: "زياراتي هذه تأتي ضمن الزيارات الميدانية الخيرية التي أقوم بها في مختلف الأماكن وبالتنسيق مع وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، ابتهاج الكمال".
وأضافت لـ "الأيام": "يوجد في هذا الدار مُسنون يعانون من عدة أمراض، ونتمنى من وزارة الصحة أن توجه بعض الأطباء الاختصاصيين، لاسيما في أمراض السكر والضغط، والعمل على تخصيص يوم للنزول إلى المركز بهدف متابعة حالتهم أولاً بأول، مع ضرورة توفر الأدوية اللازمة والفحص الدوري، وفيما بعد يتم إدخالهم المستشفيات".

وأثنت حميدة محمد على الخدمات المقدمة داخل المركز قائلة: "المركز يقوم بتوفير الأطعمة، وشاهدت أمامي مختلف الأطعمة التي تتناسب مع كبار السن، وهذا يدل على أن القيادة التي تتمتع بها الإدارة ممتازة".

بحاجة إلى دعم
من جهته أوضح مدير دار رعاية العجزة والمسنين، علي عيدروس عبدالله، بأن المركز يوجد به ثلاثة عنابر، واحد منها مخصص للنساء وعددهن 17 حالة، فيما يبلغ عدد نزلائه الرجال خمسين رجلاً، وهو ما تسبب بازدحام شديد.

وعن الخدمات التي يقدمها الدار للمسنين قال: "ما نقدمه لهم بشكل منتظم تتعلق بوجبتي الإفطار والغذاء والأدوية، ولهم الحرية في ممارسة ما يرغبون به، فمنهم مثلاً من يلعب الضمنة أو الشطرنج أو مشاهدة التلفزيون، ومنهم من يقرؤون القرآن أو يتناولون القات، ولكن هناك مشكلة كبيرة نعاني منها وهي توفير العلاجات وشراؤها، إذ تكلف مبالغ كبيرة، ومن أبرز ما نواجهه هو علاج المسنين في المستشفيات الخاصة، لازدحام الحكومية، وهنا نوجّه شكرنا إلى الشيخ بسام المحضار والذي يقوم بتسديد المبالغ المالية في حالة وجدت لنا أي مضايقة مالية، ومن ضمن المعاناة التي نواجهها في هذا المستشفيات هي أن إداراتها لا تسمح بإخراج المريض إلا بدفع المبلغ الخاص به، وهو وما تعرضنا له قبل أيام، حيث كان علينا في حساب إحدى المسنات لبعض المشافي تسعمائة ألف، وما تم خصمه لنا 60 ألف ريال فقطـ، ولكن بجهود خاصة وفرناها المبلغ وأخرجنا المريض منها".

ويتابع تصريحه لـ "الأيام" بالقول: "مستشفى النقيب منذ ثلاث سنوات يستقبل حالات المرضى ويسجلها علينا دين، جزاه الله خير، ولكن إلى متى في ظل عدم تواجد جهات حكومية من شأنها أن تتولى عملية تسديدها، وفي أي وقت يمكن أن يرفض استقبال الحالات ويحق له ذلك، فالمبلغ الذي علينا له يتجاوز أربعة ملايين ريال، في الوقت الذي لا توجد فيه لنا ميزانية خاصة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تعاونها معنا يقتصر على تسهيل معاملاتنا، وما نتسلمه مباشرة من رئيس الجمهورية هو خمسة ملايين ريال، وهذا المبلغ تحصلنا عليه بعد لقاء الشيخ بسام المحضار ومحمد علي مهدي قائد عملية اللواء الأول دعم وإسناد في الرياض بالرئيس هادي، والذي أعطى، بدوره مشكوراً أيضاً، توجيهات للحكومة باعتماد ميزانية خاصة للمركز وهذا أثناء رئاسة بن دغر والذي بدوره وجّه باعتمادها وهذا المبلغ الذي نتحصل عليه بشكل فصلي كل ثلاثة أشهر خاضع للضرائب، وهذا المبلغ أيضاً لا يكفي شيئا، إضافة إلى مليون ريال من هائل سعيد، تنفق كرواتب للعمال والمحروقات والعلاجات، والمنظفات والمواد الغذائية، ولا ننسى بأننا الآن في فصل الصيف وانقطاع التيار الكهربائي يصل في اليوم إلى سبع ساعات في الوقت الذي يعاني فيه غالبية النزلاء من أمراض الضغط والسكر والقلب والاستماء، وما نستغرقه في اليوم بهذا الخصوص 115 ألف ريال لشراء مادة الديزل، ويقدر الإجمالي الشهري بثلاثة ملايين ريال، ولهذا ما الذي سيتبقى من هذه المبالغ المخصصة، أي أن الموازنة التشغيلية لا شيء".

وتابع بالقول: "أصدر المحافظ الأسبق لعدن، عبدالعزيز المفلحي، توجيهات بصرف 6 آلاف لتر من مادة الديزل شهرياً للمركز، استلمناها في البدء لكنها توقف منذ تقديم المفلحي استقالته".
ووفقاً للمدير عبدالله، فإن الموظفين في الدار عددهم 35 موظفاً، غالبيتهم رواتبهم بعد الضريبة 29750 ريالاً، يعملون باستمرار دون أي إجازات رسمية.

وعن دور المنظمات قال: "زارنا الهلال الأحمر الإماراتي عدة مرات وقدم دعماً لكنه غير كافٍ، ومنذ أيام اعتمد لنا بناء عنبر وصالة مع اعتماد وجبة إفطار وتزويدنا بمواد غذائية".
ولفت مدير دار رعاية العجزة والمسنين، علي عيدروس عبدالله، إلى أن الدار يستقبل في اليوم الواحد في بعض الأحيان أربع حالات يتم رفضها لعدم وجود سعة فيه.

تشكيل لجنة
فيما قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية، ابتهاج الكمال: "في السابق كان يدار هذا المركز من قبل الراهبات، وفي مارس 2016 تم قتل أربع منهن وآخرون وصل عددهم جميعاً إلى 16 قتيلاً، وسلم في حينها للمقاومة وأصبح يدار من قبل المقاومة و المديرية".

وأوضحت الكمال، في تصريحها لـ "الأيام"، أن الموازنة التشغيلية لدار المسنين ترصد في إطار المحافظة والسلطة المحلية وليس عن طريق الوزارة، وتصرف من السلطة المحلية، وفي هذا السياق قد تعهد بالدار بعض رجال الخير إلى جانب الدولة، وتصرف موازنة شهرية، تقريباً، مليون ريال من أحد التجار ومازالت مستمرة، إضافة إلى المساعدات التي تقدم له من جهات أخرى".

وعن الطاقة الاستيعابية للدار قالت الكمال: "الطاقة لا تتجاوز سبعين حالة.. ونحن الآن بصدد عمل إستراتيجية خاصة بالمسنين، وقد تمت الموافقة على تشكيل اللجنة الوطنية في بداية يناير، لكونه من مهام الوزارة رسم السياسات والإستراتيجيات ومتابعة القضايا العامة ووضع المعالجات في إطار المتاح".
ولفتت الوزيرة إلى أن الدار تفتقر إلى بعض الاحتياجات، خاصة الطبية منها والتنسيق مع مكتب الصحة والمستشفيات الحكومية.

وفيما يتعلق بالفتاة الموجودة في سرير دون حواجز عالية أشارت إلى أن الهدف منه هو المحافظة عليها، لإصابتها بشحنات كهربائية وتخلف شديد، مؤكدة في السياق ذاته أن حالتها مستقرة إلا في حال النوبات المفاجئة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى