> تقرير/ عبد الله الظبي
دفعت الظروف المادية والمعيشية الصعبة بالكثير من المواطنين بمختلف فئاتهم العمرية إلى جميع المواد البلاستيكية من أكوام القمامة والشوارع والأحياء السكنية كمصدر دخل يومي لهم ولأفراد أسرهم.
وعلى الرغم من مردودها الضعيف والجهد الكبير الذي تتطلبه عملية التجميع والمحفوفة بالكثير من المخاطر إلا أن ممتهنوها باتوا في تزايد مستمر، لاسيما ممن حرموا من وظائفهم وأعمالهم جراء الحرب التي اندلعت منذ خمس سنوات بسبب انقلاب قوات الحوثي على الدولة.
█ مخاطر صحية

وأغلب من يمتهنون هذه المهنة من الأسر النازحة من محافظة الحديدة وبعض من المناطق والقرى المهمشة في محافظة تعز.
ولا يُبلي أصحاب هذه المهنة بالمخاطر الصحية التي قد يتعرضون لها لاسيما الأطفال، نتيجة لما قد ينبعث منها من روائح كريهة وسامة من المواد الكيماوية المصنعة منها تلك القوارير البلاستيكية بسبب تحللها جراء أشعة الشمس أو بسبب إحراق القمامات بقصد التخلص منها، ناهيك عن الجهد المضني والمتعب الذي يتحمله الأطفال أثناء السعي والبحث عن هذه المواد البلاستيكية طوال ساعات النهار.
█ ظروف مادية صعبة
في داخل أحد أحواش بيع وشراء المواد البلاستيكية يجد المرء الكثير من الباعة وفي مقدمتهم الأطفال وقد ارتسمت على وجوههم علامات التعب والإرهاق نتيجة الجهد الذي يقومون به جراء التنقل من مكان إلى آخر.
وأكد جميعهم بأن الظروف المعيشية الصعبة هي من دفعتهم بالخروج كل يوم منذ الصباح الباكر حتى المساء لجمع هذه المواد؛ حتى يتمكنوا من توفير لقمة عيش كريمة لهم لأفراد أسرهم.

ويحيى يعمل بهذا المهنة لنحو 15 عاماً، وتعد مصدر دخل أسرته الوحيد والمكونة من أربعة أطفال وزوجة، كما يقول.
فيما أوضح عاصم (15 عاما) من أبناء محافظة الحديدة أنه يقوم بمعية أخيه في كل يوم بالتوجه إلى مكبات القمامة بشوارع مدينة زنجبار للبحث عن المواد البلاستيكية (الدبب).
ولم يتمكن هذان الطفلان من مواصلة تعليمهم؛ بسبب عدم مقدرة أسرتهم على توفير مستلزمات المدرسة، كما يقولان.
محمد (17 عاماً) هو الآخر ترك دراسته نتيجة الظروف المادية الصعبة لأسرته فتوجه لتجميع المواد البلاستيكية كمهنة تعود عليه ببعض من المبالغ المالية الزهيدة يوفر من خلالها جزءاً من متطلبات أسرته اليومية من المواد الغذائية.
ويتمنى محمد أن يكمل دراسته؛ ولكن لكونه الابن الأكبر في الأسرة أعاقه ذلك من إتمامها حتى يتولى توفير لقمة عيش الأسرة.

█ 120 ريالاً سعر الكيلو الواحد
وأوضح لـ«الأيام» بسام، أحد مالكي الأحواش المخصصة لشراء المواد البلاستيكية في مديرية زنجبار، بأنه يقوم بشراء هذا المواد والتي تصل بشكل يومي من الأطفال وكبار السن بـ "الكيلو".
ويعمل بسام في هذه المهنة منذ سنوات طويلة وتعد مصدر دخله الوحيد، كما يقول.
ويفيد لـ«الأيام» بأنه يواجه في كثير من الأحيان صعوبات متعددة منها عدم حصوله على المبالغ المالية المستحقة له من قِبل التجار في مدينة عدن، وهو ما يتسبب بتوقفه عن العمل لأشهر، فضلاً عن المعوقات في النقاط العسكرية أثناء المرور من محافظة أبين إلى العاصمة عدن أو إلى محافظة المكلا.

█ ظاهرة منتشرة
من جهتها، أكدت رئيس اللجنة الوطنية للمرأة في المحافظة والناشطة الاجتماعية، خلود القديري، أن هذه ظاهرة باتت منتشرة في المحافظة وخصوصاً بين الأطفال ممن تركوا دراستهم بعد أن رأوا فيها مصدر رزق لهم رغم خطورة البحث عنها في أكوام القمامة.
وأضافت في حديثها لـ«الأيام»: "هناك أيضاً مخاطر كبيرة أبرزها؛ إصابتهم بالأمراض جراء الجراثيم المنتشرة في القمامة، وكذا إصابتهم بالجروح، ومخاطر المتفجرات من مخلفات الحرب فضلاً عن تخلفهم عن مقاعد الدراسة، وما أتمناه هنا من الأهالي هو أن يهتموا بهم ويرعوهم ويؤدوا رسالتهم الأسرية تجاههم ونصحهم لمواصلة التعليم وكذا مراقبتهم وحسن تربيتهم لا أن يجعلوا العوز والمعاناة والفقر حائلاً أمامهم".
█ مخاطر صحية وبيئية

وتابع تصريحه لـ«الأيام» قائلاً: "هناك مخاطر قد يتعرض لها هؤلاء الأطفال؛ وهي مخاطر على صحتهم، وكذا على البيئة جراء جمع هذه المخلفات؛ كونها أصبحت مواد غير صالحة للاستخدام بسبب تعرضها لحرارة الشمس، أو من جراء إحراق القمامة بقصد الخلاص منها، وبهذا تُشكل خطراً حقيقياً على حياة هؤلاء الأطفال ومستقبلاً، ومع الأسف الشديد هناك منظمات داعمة لكن عادة ما يكون دعمها محدوداً ومقتصراً على مشاريع وبرامج أخرى، وبعض المنظمات قد تقوم بدعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل لكن للأسف الشديد أيضاً تقتصر أنشطتها على بعض فئات من الناس أو تذهب إلى بعض المتنفذين والمستفيدين من ريع هذه المشاريع على حساب هذه الأسر المهمشة أو النازحة من مناطق الصراع، ومن خلال «الأيام» ندعو كل المنظمات الداعمة في البلاد سواءً أكانت دولية أو محلية إلى ضرورة دعم وتبني مشاريع للأسر النازحة وخاصة الأسر المهمشة في هذه المحافظة، كما نتمنى من منظمات المجتمع المدني تفعيل دورها في دعم هذه الأسر بالمشاريع الصغيرة والمدرة للدخل، والتي من شأنها أن تسهم في توفير لقمة العيش لهم، كما ستوفر فرص عمل كريمة لها بدلاً من هذا العمل الذي يقوم به هؤلاء الأطفال، كما أحب هنا أن أوجه رسالة إلى الآباء والأمهات إلى ضرورة الدفع بأبنائهم إلى التعليم وإلى ما ينفعهم في المستقبل، وأن لا يدفعون بهم إلى العمل في هذه المهنة الشاقة والمضنية خوفاً على صحتهم وحياتهم وحفاظاً على مستقبلهم".
█ أسباب متعددة

وأوضح مطار في تصريحه لـ«الأيام» أن لهذه الظاهرة مخاطر كثيرة على الأطفال أثناء بحثهم عن المواد البلاستيكية: كالتعرض للأمراض الخطيرة، والاستغلال والابتزاز والانحراف، والتحرش الجنسي، الاعتداء وغيره..
وقال: "هناك منظمات حقوقية تعمل في المحافظة ولكن بشكل مؤقت، ونحن في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل واجهنا مثل هذه الحالات وعملنا على مساعدتها من خلال توفير بعض المستلزمات وكذا مساعدات غذائية، وعبر «الأيام» أوجه رسالة إلى أهالي أولئك الأطفال العاملين في جمع المواد البلاستيكية بضرورة الاهتمام بأبنائهم ومساعدتهم لكي يتمكنوا من مواصلة تعليمهم وحتى لا يتم استغلالهم من قِبل الآخرين في المستقبل، بالإضافة للنظر إلى حقهم في الحصول على ممارسة الأنشطة المختلفة وإتاحة الفرصة لهم للعب وإبعادهم عن ممارسة هذه المهنة قدر المستطاع لِما فيها من مخاطر على حياتهم".
وعلى الرغم من مردودها الضعيف والجهد الكبير الذي تتطلبه عملية التجميع والمحفوفة بالكثير من المخاطر إلا أن ممتهنوها باتوا في تزايد مستمر، لاسيما ممن حرموا من وظائفهم وأعمالهم جراء الحرب التي اندلعت منذ خمس سنوات بسبب انقلاب قوات الحوثي على الدولة.
█ مخاطر صحية
ففي محافظة أبين يبدأ الكثير من الأطفال والرجال بمن فيهم كبار السن يومهم منذ شروق الشمس بالبحث عن القوارير "الدبب" البلاستكية في أماكن متعددة وفي مقدمتها مكبات القمامة، وسيتمر بعضهم حتى قُبيل حلول المساء، وإجمالي ما يتحصلون عليه في اليوم الواحد من مبلغ مالي يتفاوت ما بين ألفين إلى 3 آلاف ريال، بحسب إفادة الكثيرين منهم.

ولا يُبلي أصحاب هذه المهنة بالمخاطر الصحية التي قد يتعرضون لها لاسيما الأطفال، نتيجة لما قد ينبعث منها من روائح كريهة وسامة من المواد الكيماوية المصنعة منها تلك القوارير البلاستيكية بسبب تحللها جراء أشعة الشمس أو بسبب إحراق القمامات بقصد التخلص منها، ناهيك عن الجهد المضني والمتعب الذي يتحمله الأطفال أثناء السعي والبحث عن هذه المواد البلاستيكية طوال ساعات النهار.
█ ظروف مادية صعبة
في داخل أحد أحواش بيع وشراء المواد البلاستيكية يجد المرء الكثير من الباعة وفي مقدمتهم الأطفال وقد ارتسمت على وجوههم علامات التعب والإرهاق نتيجة الجهد الذي يقومون به جراء التنقل من مكان إلى آخر.
حاولت «الأيام» التحدث مع بعضهم لمعرفة عن قرب معاناتهم وما الذي دفعهم لمزاولة هذه المهنة المتعبة وغير المربحة، إلا أن الكثيرين منهم رفضوا في البدء قبل أن يتم إقناعهم بإعدادنا مادة صحيفة لما يقاسونه.
يقول الحاج يحيى، والذي كان على الفور قد وصل لمكان البيع حاملاً على ظهره كمية من العبوات البلاستيكية: "أقوم في الصباح مع شروق الشمس وأبدأ بالبحث عن هذه المواد في شوارع وأحياء المدينة وخاصة الأماكن التي تواجد بها مكبات القمامة، ومن ثم أتوجه إلى هنا لبيعها في هذا المحل".

ويضيف في حديثه لـ«الأيام»: "منذ أن جئت من محافظة الحديدة إلى هذه المحافظة، وأنا أعمل في هذا العمل لكسب لقمة العيش الحلال، ولا يمر يوم دون أن أبحث عن هذا المواد البلاستيكية من صباح الباكر إلى المساء، وفي حال تمكنت من جمع كمية كبيرة أتحصل على مبلغ 3 آلاف ريال في اليوم، وكثير من الأحيان أقل، والحمد لله على كل حال".
ويعيل عاصم وأخوه أسرة مكونة من 7 أفراد يذهبون في سبيل توفير لقمة العيش لها إلى مديرية خنفر بحثاً عن هذه المواد التي يجلبانها فيما بعد لمحل البيع ويبيعانها بمبلغ يتراوح في اليوم الواحد ما بين ألفين و3 آلاف ريال.
وأوضحا في حديثهما لـ«الأيام» أن هناك الكثير من الصعوبات تواجههما أثناء عملية البحث عن هذه المواد في مكبات القمامة، كالتعرض للإصابة بالزجاج والأدوات الحادة أو للحروق لعدم معرفتهما بوجود نار غير مشتعلة فيها بسبب إحراقها في فترة سابقة.
ويتمنى محمد أن يكمل دراسته؛ ولكن لكونه الابن الأكبر في الأسرة أعاقه ذلك من إتمامها حتى يتولى توفير لقمة عيش الأسرة.

█ 120 ريالاً سعر الكيلو الواحد
وأوضح لـ«الأيام» بسام، أحد مالكي الأحواش المخصصة لشراء المواد البلاستيكية في مديرية زنجبار، بأنه يقوم بشراء هذا المواد والتي تصل بشكل يومي من الأطفال وكبار السن بـ "الكيلو".
وقال: "يبلغ سعر الكيلو الواحد 120 ريالاً، وفي حال وصل ما تم جمعه نحو 5 أطنان نعمل على نقله بشكل شهري عبر سيارات كبيرة إلى العاصمة عدن لبيعها على التجار الكبار والذين يقومون بدورهم بنقلها إلى خارج البلاد".
ويفيد لـ«الأيام» بأنه يواجه في كثير من الأحيان صعوبات متعددة منها عدم حصوله على المبالغ المالية المستحقة له من قِبل التجار في مدينة عدن، وهو ما يتسبب بتوقفه عن العمل لأشهر، فضلاً عن المعوقات في النقاط العسكرية أثناء المرور من محافظة أبين إلى العاصمة عدن أو إلى محافظة المكلا.

█ ظاهرة منتشرة
من جهتها، أكدت رئيس اللجنة الوطنية للمرأة في المحافظة والناشطة الاجتماعية، خلود القديري، أن هذه ظاهرة باتت منتشرة في المحافظة وخصوصاً بين الأطفال ممن تركوا دراستهم بعد أن رأوا فيها مصدر رزق لهم رغم خطورة البحث عنها في أكوام القمامة.
وأضافت في حديثها لـ«الأيام»: "هناك أيضاً مخاطر كبيرة أبرزها؛ إصابتهم بالأمراض جراء الجراثيم المنتشرة في القمامة، وكذا إصابتهم بالجروح، ومخاطر المتفجرات من مخلفات الحرب فضلاً عن تخلفهم عن مقاعد الدراسة، وما أتمناه هنا من الأهالي هو أن يهتموا بهم ويرعوهم ويؤدوا رسالتهم الأسرية تجاههم ونصحهم لمواصلة التعليم وكذا مراقبتهم وحسن تربيتهم لا أن يجعلوا العوز والمعاناة والفقر حائلاً أمامهم".
█ مخاطر صحية وبيئية
وقال الإعلامي ناصر الجريري، مدير الإعلام الداخلي بمكتب الإعلام أبين، معلقاً عن هذه الظاهرة: "بالنسبة إلى الأطفال ما دون سن الرشد وما فوقه والذين يقومون بجمع مخلفات قطع البلاستيك من القمامة هدفهم من وراء ذلك كسب الرزق ولقمة العيش، كما أصبحت عادة ومهنة احترفها الكثيرون منهم منذ صغرهم؛ بل هناك من ورثها عن أبيه، وكما هو واضح أن السبب الرئيسي وراء الدافع لامتهان هذه المهنة هو الظروف المعيشية الصعبة لهذه الأسر، على الرغم من أنها تدر عليهم مبالغ زهيدة لا تكاد تلبي ولو جزءاً من الضروريات المعيشية لهم، وفي العادة أغلب الأسر التي تمتهن هذه المهنة هي من الأسر النازحة والقادمة من بعض من المناطق والقرى بمحافظة تعز".

█ أسباب متعددة
فيما قال مدير مكتب الشؤون الاجتماعية بزنجبار واختصاصي اجتماعي، أبو بكر أحمد ماطر: "تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد واستمرارية النزاعات المسلحة لتقاسم السلطة هو ما دفع بهؤلاء الأشخاص من الأطفال وكبار السن للعمل في هذا المجال للحصول على لقمة العيش وتلبية احتياجاتهم كمصدر دخل أساسي لعدم حصولهم على الوظيفة العامة من قِبل الدولة، الأمر الذي حُرم على إثره هؤلاء الأطفال من الحصول على حقوقهم مما تنص عليه الاتفاقيات الدولية وبلادنا أحد الدول الموقعة على هذه الاتفاقية".

وقال: "هناك منظمات حقوقية تعمل في المحافظة ولكن بشكل مؤقت، ونحن في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل واجهنا مثل هذه الحالات وعملنا على مساعدتها من خلال توفير بعض المستلزمات وكذا مساعدات غذائية، وعبر «الأيام» أوجه رسالة إلى أهالي أولئك الأطفال العاملين في جمع المواد البلاستيكية بضرورة الاهتمام بأبنائهم ومساعدتهم لكي يتمكنوا من مواصلة تعليمهم وحتى لا يتم استغلالهم من قِبل الآخرين في المستقبل، بالإضافة للنظر إلى حقهم في الحصول على ممارسة الأنشطة المختلفة وإتاحة الفرصة لهم للعب وإبعادهم عن ممارسة هذه المهنة قدر المستطاع لِما فيها من مخاطر على حياتهم".